احتدت الأزمة السياسية في تونس، وسط اتهامات متبادلة ب«إفشال الحوار الوطني» بين الائتلاف الحاكم، بقيادة حركة النهضة (إخوان مسلمين) وبعض أقطاب المعارضة، وخلاف حاد حول المرشح الأبرز لرئاسة الحكومة المقبلة، أحمد المستيري، في وقت أعربت فيه «النهضة» عن استعدادها للموافقة على مرشح جديد للحكومة يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف. إذ حمّل زعيم الجبهة الشعبية المعارضة، حمة الهمامي، الائتلاف الحاكم مسؤولية فشل الحوار (مفاوضات لإخراج البلاد من أزمة سياسية أشعلها مقتل المعارض محمد البراهمي في يوليو الماضي) لتعاملها بمنطق الحاكم الذي يفرض شروطه على الآخرين. الهمامي تابع بقوله، حوار مع موقع «الجزيرة نت» الإخباري نشره، السبت، أن «المستيري طرح برنامجًا تعهد فيه بعدم المساس بالتعيينات التي أحدثتها النهضة في الوظائف العامة؛ الأمر الذي سيحسن ظروف فوز الحركة بالانتخابات». في المقابل، قال عضو المكتب السياسي لحركة النهضة، سامي الطريقي، في تصريحات ل«الشروق» عبر الهاتف: إن «تصريحات الهمامي مخالفة للواقع والمنطق»، مضيفًا أن الهمامي كان يعطل جلسات الحوار الوطني قبل تعليقها، ويطرح شروطًا تعجيزية لإفشال الحوار وإرباك المشهد السياسي»، على حد قوله. ورفض الطريقي بشدة اتهام الهمامي للمستيري ب«وضع برنامج يحسن ظروف فوز النهضة بالانتخابات»، قائلا: إن قطبي المعارضة أحمد نجيب الشابي وعصام الشابي، شركاء الهمامي في جبهة الإنقاذ المعارضة، استنكروا مثل هذه التصريحات بحق المستيري، ومعتبرًا أن المستيري هو «أبو الديمقراطية والتعددية بتونس». ومضى قائلا: «حزب نداء تونس المعارض لم يقل مثل ذلك، ولكنه اعترض على سن المستيري (88 عامًا)، في وقت خاض ممثلوه حربًا شعواء لإسقاط تحديد سن المرشحين للمناصب السياسية في الدستور الجديد حتى يتمكن زعيم الحزب الباجي قايد السبسي (87 عامًا) من خوض الانتخابات الرئاسية». وتابع الطريقي أن «النهضة لم ترشح المستيري مثلما تدعي المعارضة، وإنما وضعت معايير لاختيار رئيس الوزراء»، مضيفًا أن «الرجل لم يعترض عليه أحد حتى وصل إلى المربع النهائي مع المرشح الآخر محمد الناصر» الذي تدعمه قوى المعارضة. وأضاف: «أيدت النهضة المستيري لكونه مستقلا وملمًّا بالواقع السياسي وحياديًّا، في حين أن الناصر أيد علانية مبادرة السبسي لتأسيس نداء تونس»، متهمًا المعارضة ب«السعي إلى السيطرة على الحكومة الجديدة لتعطيل الانتخابات القادمة». إلا أن الطريقي أكد أن النهضة «لن تقف عقبة أمام التوافق، وهي منفتحة على جميع مبادرات بناء التوافق». وأردف موجهًا حديثه للقوى السياسية «أعطونا بديلا للمستيري، مناضل وقوي وحيادي». بدوره، نفى المستيري، في تصريح لقناة «العربية» الإخبارية السعودية، اليوم، تقديمه ضمانات لحركة النهضة بعدم فتح ملفات المحاسبة، ولم يستبعد المرشح الأبرز لقيادة الحكومة التونسية انسحابه من العملية السياسية إذا بقي الانسداد وعدم التوافق حول شخصه.