كان رحيل المطرب الكبير وديع الصافى بمثابة صدمة كبيرة لكل عشاق الطرب الأصيل فى عالمنا العربى الكبير وليس فى وطنه لبنان فقط، رغم ان خبر رحيله كان متوقعا منذ فترة طويلة كان فيها الراحل الكبير حبيس مستشفيات لبنان، لذلك كان الوسط ينتظر بين لحظة وأخرى خبر الرحيل لكنها صدمة الفراق اصابت الجميع وهناك أسباب لتلك الصدمة أبرزها أن وديع من المواهب التى لن تتكرر بسهولة لذلك يشعر المواطن العربى بوجع شديد خوفا من فراق هؤلاء الكبار لأنهم ينتمون إلى جيل لا يعوض من الفنانين ومن يرحل منهم يترك فراغا كبيرا على الساحة لا يمكن لأحد أن يسده باعتبارهم رسموا خريطة الغناء وصنعوا تاريخا طويلا لأوطانهم وبالتأكيد من أوائل الذين يوضعون فى مقدمة الصفوف وديع الصافى. كان وديع الصافى رحمه الله له خصوصية فى الغناء فهو صوت جبلى يؤدى الغناء وفقا لمدرسة وضعها لنفسه منذ أن ظهر على الساحة الغنائية وسواء غنى باللبنانية أو غيرها، صاحب أداء مختلف عن كل من زاملوه فى عالم الطرب. ففى الوقت الذى كانت هناك أسماء تقدم الغناء الذى يعتمد على الصوت الحنون جاء صوته ليزاحم هؤلاء من فوق جبل لبنان. فلم تهدده رومانسية عبدالحليم حافظ أو جاذبية وعمق أعمال أم كلثوم كما أن ملكة الغناء اللبنانى لم تكن أيضا خطرا عليه لأنه اختار منطقة لم تكن مأهولة بذلك الوقت بأى صوت. فأصبح وديع وسط هؤلاء صوتا متفردا له أعماله التى تغنى جنبا إلى جنب بجوار أغانى الأسماء التى ذكرناها وغيرها. لذلك ظلت نجوميته تطارد كل من جاءوا بعده من أجيال بل كانت أغانيه سببا كبيرا فى ظهور بعض الأسماء اللبنانية التى اخذت نفس خطه الغنائى. والشىء الذى يدعو للحزن أن رحيل وديع جاء قبل ان يشاهد الفيلم التسجيلى الذى كان يشرف عليه بنفسه ومعه ابنه جورج والذى يتحدث فيه وديع فى اجزاء كبيرة منه أراد أن يقدمه بصوته قبل رحيله وهو كان يبرر حرصه على ذلك برغبته فى أن يروى للناس بنفسه كيف وصل إلى هذه النجومية وكيف صنع تاريخه وسط الصعاب؟. وإلى جانب الفيلم التسجيلى هناك فيلم سينمائى تكتبه كلوديا مارشيل وكما تقول أسرته فهو يتناوله من السياسة إلى الفن إلى الأعمال الوطنية كما يتطرق لأحداث مشوقة مثل حدوث انقلاب حين كان فى ضيافة العاهل المغربى الراحل الملك الحسن الثانى». وكشف جورج الصافى نجل «صوت الجبل» أن العائلة ستختار «السيناريو الأنسب» للفيلم السينمائى الذى سيتم تصويره عن حياة «صاحب الحنجرة الجبلية الذهبية»، من بين سيناريوهات عدة ستقدم إليه، مشيرا إلى أن هذه السيناريوهات قد تستند إلى كتاب للباحث الموسيقى فيكتور سحاب عن سيرة الصافى، إضافة إلى وثائق أخرى. وكانت عائلة وديع الصافى أعلنت مؤخرا أنها وقعت عقدا مع شركة لبنانية للإنتاج. وبموجب هذا العقد، سيجرى تصوير فيلم سينمائى يتناول سيرة حياة هذا الفنان التسعينى الحافلة بالأحداث. وقال جورج «تلقينا فى الأعوام السابقة عروضا كثيرة لإنتاج فيلم عن حياة والده من شركات وجهات عدة لكن والدى وجد العرض الذى قدمته هذه الشركة هو الأنسب وارتاح له من كل النواحى، فوقعنا عليه». وأشار نجل الفنان اللبنانى الذى يحمل أيضا الجنسية المصرية والفلسطينية «أهم ما فى العقد، بالنسبة له ولنا كعائلة، أن القرار يعود لهم فيما يتعلق بحياته». ويرى جورج أن هذا الأمر «يجنبنا الوقوع فى اللغط الذى وقعت فيه بعض الأعمال التى تناولت السير الذاتية لفنانين آخرين»، خاصة أن مسلسلا عن حياة الفنانة اللبنانية صباح أثار من قبل جدلا فى لبنان حول دقة الأحداث الواردة فيه. وأوضح الصافى أن العائلة فضلت إنجاز فيلم وليس مسلسلا تفاديا للسقوط فى مشاكل المط والتطويل فى الدراما، مشيرا إلى أن «العائلة ستضع الأحداث والوقائع التى ستختارها بمتناول عدد من كتاب السيناريو المعروفين، على أن تختار فى وقت لاحق السيناريو من بين ما سيقدمه هؤلاء». واضاف جورج الصافى فى هذا الصدد طرحنا على الكتاب الموضوعات نفسها، حتى نرى من يتناولها بالطريقة الفضلى، الى ان اخترنا كلوديا التى اعتمدت على الصياغة الأنسب لنا وبعد أن يصبح السيناريو جاهزا، سنختار المخرج». وأشار إلى أن «المرجع التأريخى الأساسى للسيناريو سيكون على الأرجح كتابا للباحث الموسيقى الدكتور فيكتور سحاب يتناول سيرة وديع الصافى ويركز على أغنياته، ويحمل عنوان وديع الصافى». وفيكتور سحاب مؤرخ موسيقى له مؤلفات عدة عن تاريخ الموسيقى العربية، أبرزها «السبعة الكبار فى الموسيقى العربية» وموسوعة صدرت فى السنوات الماضية عن أم كلثوم بالتعاون مع شقيقه المؤرخ والناقد الموسيقى إلياس سحاب، وهما شقيقان للمايسترو اللبنانى الشهير سليم سحاب المقيم فى القاهرة. وأضاف جورج وديع الصافى ستتم الاستعانة بالأرشيف والمقابلات الصحفية، حيث شهدت حياة والدى أحداثا كثيرة مشوقة.
