أصوات تنادي بأسماء وجهات الصعيد المختلفة، وتصل إلى محطة مترو المنيب. رواد المحطة أغلبهم من المسافرين على خط الصعيد. مشهد الزحام هذا العام لا يضاهي أي موسم آخر، جراء توقف حركة قطارات وجه قبلي. السائقون يتوقعون أن يصل الزحام إلى ذروته أيام "السبت والأحد والإثنين"، رغم زيادة الأجرة التي تضاعفت خلال الأيام الأخيرة لتصل أحيانا إلى مائة جنيه للراكب، لأن الميكروباص والأتوبيس صارا وسيلتي المواصلات الأساسيتين إلى جنوب مصر. إلى جوار المحطة مباشرة تتراص سيارات الميكروباص في الموقف العشوائي الذي اتخذه السائقون مكانا لتحميل الركاب نظرا لقربه من المترو. "في ناس بتدعي علينا عشان بنغلي الأجرة ولا يعرفوا إن إحنا بنغليها مش عشان الجشع، فنحن لا نرضى قرش حرام على عيالنا، لكن بلطجية الموقف يأخذون من كل عربية طالعة من 100 إلى 150 جنيه، والمشكلة إن الموقف ده عشوائي ومفيش فيه أمن، فنضطر ندفع الإتاوة ونغلي الأجرة من 5 إلى عشر 10 جنيهات للراكب"، هكذا يدافع الحاج حسين شاكر أحد سائقي خط "القاهرة – مغاغا" عن زملائه الذين يعانون أيضا من الزحام الشديد داخل المدينة. ويضيف: "نفسنا نلاقي مكان لنا داخل الموقف الحكومة، على حوالي 500 متر، مثل عربيات سوهاجوأسيوط. لكن الموقف الحكومي مليان عربيات، إذا انضممنا لهم سنرحم من البلطجة والإتاوات، وندفع فقط حق الكارتة، وقتها سنلتزم بالأجرة اللي حددتها الحكومة". على بُعد حوالي 500 متر من الموقف العشوائي تقف سيارات ميكروباص 14 راكبا، تجاورها سيارات "بيجو" 7 راكب، شبه خالية من الركاب. بعض السائقين يفترشون حصيرة على أرض الموقف الذي خصصته الحكومة لسيارات خط الصعيد، أسفل كوبري المنيب. المشهد يبدو متناقضاً مع الوضع في الموقف العشوائي الذي يعج بالمسافرين وحقائبهم الضخمة. سائقو الموقف الحكومي، التابع للمحليات، ينتظرون بالأيام حتى يكتمل العدد في سياراتهم، ما يجعلهم يبيتون أحيانا في الموقف، وهو عبارة عن مظلة كبيرة، وعلى مدخله تقف سيارة شرطة. لا مكان لدورات المياه، رغم أن السائقين يدفعون ثمن "الكارتة"، وهي رسوم الموقف وتتراوح ما بين جنيه ونصف إلى ثلاث جنيهات. ورغم أن سائقي الموقف الحكومي لا يدفعون إتاوة، ولا مبالغ مالية سوى "الكارتة"، إلا أن قلة الركاب تجعلهم يرفعون الأجرة، وإن كان ذلك يحدث بنسبة أقل. مشكلة أخرى يعاني منها السائقون والركاب على حد سواء وهي مشكلة وجود بلطجية على الطريق العام. "نخرج للشارع وأرواحنا على كفنا".. الحديث للسائق عصام فرج الذي تعرض لهجوم من قبل البلطجية، سرقوا متعلقات الركاب وتليفونه المحمول. ويتساءل عصام: إلى متى يظل خط الصعيد مهملا لهذا الحد وبدون خدمات رغم وجود عدد من الكمائن بطول الطريق. يحدد السائقون أماكن البلطجية وقطاع الطرق ما بين مدينة 15 مايو وحلوان، وما بين الكريمات وحلوان أيضاً. يعلق السائق، نادي عبد ربه: "لا يوجد فرد أمن إلا عند البوابات، وقطاع الطرق معهم عربيات دفع رباعي (جيب)، يوقفوا المارة ووينزلوا الركاب والسواق ويهددوهم بالآلي، ويسرقوا كل حاجة حتى العربية. ولا يردوها إلا بفدية لا تقل عن 30 – 40 ألف جنيه". ويضيف: "الطريق الصحراوي الغربي بلا خدمات، ما يعطي فرصة أكبر للبلطجية، وخاصة مع طول ساعات السفر، حوالي 6 ساعات لسوهاج و3 لملاوي و4 ساعات لأسيوط". الأجرة لسوهاج تتراوح ما بين 40 إلى 60 جنيهاً، لكن من المتوقع أن تصل إلى 100 جنيه في الموقف العشوائي بسبب العيد، وشدة ضغط المسافرين إلى ذويهم. أما أسيوط فلا تزيد أجرتها عن 50 جنيهاً قد تصل إلى 70 في المواسم. يقول نادي: "المشكلة أننا ننتظر 3- 4 أياما، حتى نعمل سفرية واحدة، لقلة الركاب في الموقف الحكومي". طابور طويل أمام شباك زجاجي داخل الموقف الحكومي للميكروباص، الشباك تابع لشركة الصعيد للنقل والسياحة. موظف الحجز يؤكد أن التذاكر المتاحة محدودة، وقد تنفد خلال يومين، فحافلات الشركة تتوجه إلى محافظات الصعيد كافة، حتى البعيدة منها مثل أسوان والواحات. يصف أحد طلاب جامعة القاهرة معاناته في السفر لرؤية أهله في أسيوط: "الأتوبيس كان مكيفا ومن الوسائل المفضلة للسفر بالنسبة لي، أما الآن أصبحت الأتوبيسات متهالكة، والشبابيك مكسرة".