تعكف الحكومة حاليا على دراسة أفضل الطرق لحساب الحد الأدنى للأجور وكيفية جعله مُلزما للقطاع الخاص، والأبعاد القانونية والدستورية للقضية، وذلك عن طريق مشاركة عدد من الخبراء المتخصصين فى هذا المجال إلى جانب الاستعانة بتجارب العديد من الدول. وبحسب مصطفى شومان، مستشار وزير القوى العاملة، تم تأسيس لجنة «الحد الأدنى الأجور» داخل الوزارة والتى ستكون مهمتها طرح أفكار تساعد على الوصول لأفضل معادلة يتم على أساسها حساب الحد الأدنى الأجور، مشيرا إلى أنه لن يتم تحديد رقم بعينه ولكن معادلة تضمن توفير حد أدنى «يكفى المواطن البسيط ويحقق مستوى معيشى لائق»، على حد قوله ل«الشروق». وفى إطار تلك الجهود، تم إعداد مقترح مشروع قانون، حصلت «الشروق» على نسخة منه، لإعادة تشكيل المجلس القومى للأجور وتنظيم عمله، والذى سيعرض على الوزراء المعنيين لمناقشته خلال اجتماع لهم الاثنين المقبل. ويهدف مقترح المشروع إلى جعل قرارات المجلس القومى للأجور مُلزمة للقطاع الخاص، عن طريق منح حق الضبطية لوزارة القوى العاملة التى ستراقب مدى التزام المؤسسات الخاصة بتطبيق الحد الأدنى، على أن تتخذ العقوبات المقررة تجاه المؤسسات المخالفة، بحسب ما علمته «الشروق» من مصدر حكومى اقتصادى بارز. وتبعا للمسئول، الذى طلب عدم نشر اسمه، مقترح أن يضم المجلس القومى للأجور 12 عضوا لهم حق التصويت، 6 منهم من اتحادات العمال (3 من الاتحاد العام لنقابات مصر، و3 من النقابات المستقلة)، و6 ممثلين لرجال الأعمال (يرشحهم منظمات وجمعيات رجال الأعمال)، و6 وزراء، هم وزراء المالية والتنمية المحلية والاستثمار والصناعة والتأمينات الاجتماعية والقوى العاملة، ولن تقتصر المشاركة فى المجلس على هؤلاء، وإنما سيضم فى عضويته أيضا مجموعة من الخبراء والباحثين المتفرغين للعمل داخل المجلس، ولكن لن يكون لهم حق التصويت. بالإضافة إلى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء، ورئيس الجهاز المركزى للتنظيم والادارة، ورئيسى لجنة القوى العاملة بمجلسى الشعب، والشورى، وممثل عن المجلس القومى للمرأة، وثلاثة اعضاء يمثلون المجتمع المدنى والمنظمات الاهلية. وأوضح المسئول أن المجلس، الذى مقترح أن يكون برئاسة وزير التخطيط، سيجتمع على الأقل 4 مرات فى سنة، يتخللها اجتماعات للجان فرعية سيتم تشكيلها، مشيرا إلى أن المجلس القومى للأجور السابق اجتمع 11 مرة فقط منذ تأسيسه فى عام 2003 وكان برئاسة وزير التنمية الاقتصادية السابق، عثمان محمد عثمان. ويقترح مشروع القانون تحديد مدة معينة للمجلس يعاد النظر فى تشكيله بعدها ومن المستحسن أن تكون مدة المجلس خمس سنوات، «إذ إن الوضع الراهن لا يضع حدا لهذه المسألة»، وقد يُعطى للمجلس الصلاحية الكاملة فى إقرار العلاوة السنوية وفقا لما يراه من متغيرات اقتصادية واجتماعية معينة وما يتوقعه من سياسات وإجراءات. ومقترح حاليا دراسة أكثر من طريقة لحساب الحد الأدنى للأجور، الأولى تقوم على أساس حساب إنفاق أفقر 20% أو 40% من السكان على الغذاء ثم يضاف إليه إنفاقها على التعليم والصحة. أما الطريقة الثانية فتعتمد على متوسط دخل الفرد فى مصر، عن طريق قسمة إجمالى الناتج المحلى الإجمالى على عدد السكان، أو متوسط الأجر فى المجتمع، تبعا للمصدر، الذى أوضح أن هذه الطريقة قد تكون مضللة، لأنه عند حسابها اتضح أن أكثر من 70% من المصريين يتقاضون أقل من متوسط الأجر، وذلك لوجود فجوة كبيرة بين الشرائح العليا والدنيا للدخل، ولذلك فهناك مقترح بأن يتم الاعتماد على ما يعرف ب«وسيط الأجر» الذى يستبعد أعلى وأقل شرائح من الدخل، «فعند استخدام هذه الطريقة وجدنا أن 50% من المواطنين يتقاضون أقل من الوسيط وال50% الأخرى أعلى منه، وهو ما قد يكون معبرا بشكل أدق عن متوسط الأجور فى المجتمع»، على حد تعبير المسئول الحكومى، على أن يكون الحد الأدنى 30 أو 40% من متوسط الأجر أو الوسيط، وهو المعمول به حاليا فى معظم الدول. أما الطريقة الثالثة فإنها تقوم على أساس تحديد خط الفقر، ومن ثم وضع حد أدنى للأجر أعلى منه، أضاف المصدر، مشيرا إلى أن خط الفقر للفرد يقف حاليا عند 380 جنيها. يذكر أنه منذ قيام ثورة يناير فى 2011، توالت التعهدات من الحكومات المتتالية، ومن وزراء المالية خاصة، بتطبيق الحد الأدنى والاقصى للأجور فى كل الجهات الحكومية، باعتبارها تطبيقا عمليا لمطلب العدالة الاجتماعية، هذا وان اختلفت رؤية الوزراء الستة الذين تولوا حقيبة المالية منذ الثورة حول رؤيتهم لكيفية تطبيق الحدين الادنى والاقصى للأجور، ففى أول حكومة بعد ثورة يناير أقر سمير رضوان فى موازنة 2011/ 2012 حد ادنى بقيمة 700 جنيه والذى استفاد منه 1.9 مليون موظف حكومى. وفى حكومة عصام شرف الثانية اقترح حازم الببلاوى وزير المالية ونائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية أن يكون الحد الأقصى يزيد بواقع 35 مثلا عن الحد الأدنى، بمتوسط زيادة سنوى 10% طوال العمر الوظيفى، وتم تكليف الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بوضع الضوابط والقواعد اللازمة لإيجاد علاقة بين الحدين الأدنى والأقصى للدخول فى الحكومة، ولكنه لم يطبق حتى رحيل الببلاوى مع حكومة شرف، وبعد انتخاب مجلس الشعب، أقر ممتاز السعيد وزير المالية فى حكومة الجنزورى تطبيق حد أدنى للأجور ب 700 جنيه، وربط الحد الاقصى ب 35 ضعف الحد الأدنى، فى موازنة 2012/ 2013، وتم تطبيقه منذ يناير 2013، بأثر رجعى منذ بداية العام المالى الماضى 2012/ 2013.