برأى المحلل السياسى الأمريكى ستيفن والت فإن الفترة الأخيرة شهدت تراجعا واضحا فى نفوذ جماعات الضغط الإسرائيلية (اللوبى) على عملية صناعة القرار فى واشنطن منذ وصول الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض. وأشار والت أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة هارفارد الأمريكية إلى ظهور منظمة جديدة تسمى «جيه ستريت» تنافس جماعة الضغط الإسرائيلية الأولى فى أمريكا «إيباك» حيث تطالب الأولى بإعادة تعريف مصالح إسرائيل بعيدا عن النفوذ التقليدى للجماعات الصهيونية بما فى ذلك ضرورة تبنى حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على أساس قيام دولتين. واعترف والت الذى شارك مع زميله جون ميرشايمر فى تأليف كتاب «اللوبى الإسرائيلى والسياسة الخارجية الأمريكية»، الذى أثار ضجة كبيرة فى الولاياتالمتحدة وأوروبا، من قبل الجماعات المؤيدة لإسرائيل بأن أوباما لم يغير قواعد اللعبة بشأن التعامل مع جماعات الضغط الإسرائيلية حتى الآن ولكن علاقة الإدارة الأمريكية بجماعات الضغط أمام منعطف تاريخى جديد ومهم. وذكر والت، فى مقال نشره الموقع الالكترونى لمجلة فورين أن مواقف اللوبى الإسرائيلى أصبحت تمثل خطرا متزايدا على مصالح الولاياتالمتحدة وإسرائيل أيضا، وأنه من الأفضل للبلدين أن تتخذ العلاقات مجراها الطبيعى. يدرك أوباما تماما قدرة وقوة اللوبى الإسرائيلى، لذا لم يخرج على النص أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية. وهذا النص يتطلب تبنى خطاب سياسى يتناسب مع الحدث التاريخى للانتخابات الرئاسية التى أجريت فى 2008. ماذا حدث منذ آنذاك؟ بعد إرضاء اللوبى أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية (مثلما فعل جميع المرشحين الرئيسيين)، اتخذ الرئيس أوباما مجموعة من الخطوات التى تشير إلى منهج آخر، فقد عين مبعوثا للشرق الأوسط (جورج ميتشيل) الذى يعرف عنه العدل والإنصاف. ولم يتمكن الرئيس أوباما من مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلى (بنيامين نتنياهو) خلال مؤتمر سياسة آيباك، لذلك كان يتوجب على نتنياهو أن يؤجل رحلته لواشنطن. وقد أكد أوباما وعدد آخر من مسئولى الإدارة، بما فيهم وزيرة الخارجية (هيلارى كلينتون) ورئيس هيئة العاملين بالبيت الأبيض «رام إيمانويل، على التزام الإدارة السعى لتحقيق حل الدولتين، كما أكد رفضه لسياسة المستوطنات الإسرائيلية. فى الوقت نفسه ثمة دلائل أيضا على أن سيطرة لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) على «الكونجرس» يتضاءل ببطء. فقد أشار ريتشارد سيلفرستاين (من أشهر المدونين اليهود) إلى أن اثنين من الديمقراطيين البارزين التقدميين وهما بارنى فرانك (النائب عن ولاية ماساشوستس) وروبرت فيلنر (النائب عن ولاية كاليفورنيا) لم يوقعا خطاب إيباك. وقد تضمنت الاجتماعات التى عقدها نتنياهو وعدد من أعضاء الكونجرس (ومنهم جون كيرى، النائب عن ولاية ماساتشوستس، والذى يرأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ) خلال رحلته الأخيرة جدلا حادا بشأن سياسة المستوطنات الإسرائيلية. ويرى الكثير من الخبراء أن التوقيعات على خطابى إيباك تمت بصورة شكلية، ويبدو أنها لم تتمتع بنفس التأثير المخيف للرسائل التى كانت ترعاها إيباك فى الماضى. يرى والت أن كتابه المثير للجدل عن تأثير اللوبى الإسرائيلى على السياسة الخارجية الأمريكية نجح فى طرح قضية اللوبى الإسرائيلى لنقاش أكثر انفتاحا وموضوعية بعد أن ظل لسنوات طويلة منطقة محظورة. ليس هذا فحسب بل إن هذا النقاش جعل المزيد من الأمريكيين يعتقدون أن لوبى «الوضع الراهن» (على سبيل المثال إيباك، المسيحيون الصهاينة، المحافظون الجدد، وجماعات مثل المنظمة الصهيونية الأمريكية) كان يؤيد سياسات تضر بالولاياتالمتحدة وأيضا بإسرائيل نفسها. كما أن هذا النقاش الأكثر انفتاحا جعل المزيد من الناس بمن فيهم الأمريكيون شديدى الحرص على مصلحة إسرائيل يدركون أن الفشل فى التوصل إلى حل الدولتين يهدد مستقبل إسرائيل على المدى الطويل.