شكك المفكر الأمريكى البارز ستيفن والت، فى قدرة الرئيس الأمريكى أن يربط وقف وتجميد بناء وتوسيع مستوطنات الضفة الغربية بما تقدمه الولاياتالمتحدة من مساعدات لإسرائيل تتعدى ثلاثة مليارات دولار سنويا. وقال والت فى حديث مع «الشروق» إن الكونجرس، الذى يشرف طبقا للدستور الأمريكى على ملف الموافقة على تخصيص المساعدات الخارجية، سيتحدى الرئيس وسيقر استمرار المساعدات لإسرائيل. وذكر والت أن جعبة الرئيس باراك أوباما مملوءة بملفات ساخنة ومهمة منها تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، ومشروعه لإصلاح نظام الرعاية الصحية، إضافة للملفات الخارجية الساخنة مثل ملف أفغانستان وملف إيران النووى، وعلى هذا فلن يتمكن أوباما من توفير الوقت والطاقة السياسية للانخراط المكثف فى عملية سلام الشرق الأوسط التى ستبقى فى الأساس مسئولية مبعوث أوباما للشرق الأوسط، جورج ميتشيل الذى عجز الأسبوع الماضى عن إقناع الحكومة الإسرائيلية بإيقاف الاستيطان لاستئناف التفاوض الفلسطينى الإسرائيلى. ويقول آرون ميللر، خبير الشرق الأوسط بمركز ويلسون للدراسات فى واشنطن، «المشكلة الحقيقية ليست شخص مبعوث أوباما السيناتور ميتشيل، بل هى عدم واقعية أوباما بإعلانه ضرورة وقف المستوطنات كنقطة بداية لمفاوضات سلام الشرق الأوسط». وفى مقالة نشرتها واشنطن بوست وذكر المفكر ستيفن والت المحلل السياسى الأمريكى أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة هارفارد الذى اشترك مع جون ميرشايمر فى تأليف كتاب «اللوبى الإسرائيلى والسياسة الخارجية الأمريكية أنه بالرغم من تصريحات الرئيس الأمريكى وكبار مسئولى السياسة الخارجية فى إداراته بضرورة وقف توسيع وبناء المستوطنات، فإن حكومة نتنياهو بامتناعها عن تغيير سياسيتها تضع أوباما أمام مأزق حقيقى. وأشار والت إلى ما قامت به منظمة آيباك «كبير منظمات اللوبى اليهودى فى الولاياتالمتحدة» من حشد الكونجرس ضد أى ضغوط يمكن لأوباما أن يمارسها عليه. ودعت آيباك فى حطاب لأعضاء الكونجرس، نال موافقة 329 عضوا من مجلس النواب، و76 من أعضاء مجلس الشيوخ إلى ضرورة «تنسيق إدارة أوباما بصورة خاصة مختلفة، وخلف أبواب مغلقة»! وأشار والت إلى ما قام به اللوبى اليهودى خلال شهر أغسطس (عطلة الكونجرس السنوية) من خل قيامه بتنظيم زيارات ل56 من أعضاء الكونجرس لإسرائيل، غير على أثرها زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس النواب ستانى هوير موقفه تجاه المستوطنات. وكان هوير قد صرح مؤخرا بعد عودته من زيارة لإسرائيل بأنه «من الخطأ أن نساوى بين مستوطنات الضفة الغربية ومستوطنات القدسالشرقية». فى إشارة إلى أن القدس مدينة موحدة وعاصمة لإسرائيل. وقبل ساعات من اللقاء الثلاثى الذى كان مقررا فى نيويورك أمس بين الرئيس الأمريكى والرئيس الفلسطينى محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو غدا فى مدينة نيويورك، ذكر مصدر مواكب ملف صراع الشرق الأوسط فى واشنطن أن هناك «شيئا واحدا مؤكدا حدوثه من هذا اللقاء، وهو عدم إعلان استئناف مفاوضات سلام الشرق الأوسط». وفى الوقت الذى ذكر فيه المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن رئيس الوزراء سيدافع عن التوسع فى المستوطنات اليهودية فى الضفة الغربية فى اجتماعه مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما والرئيس الفلسطينى محمود عباس. أكد والت أن أوباما لن يخاطر بفقد وتقسيم الديمقراطيين داخل الكونجرس، بخسارته أنصار إسرائيل من الديمقراطيين إذا ما استمر فى ضغطه على نتنياهو. ومن شأن استمرار ضغط أوباما بخصوص ملف المستوطنات، أن يفقده دعما يحتاجه لتنفيذ أجندته السياسية الثقيلة. ولا يستبعد والت أن يفكر أوباما من الآن فيما قد يحصده من ضغطه على إسرائيل، ناهيك عن تهديد فرص إعادة انتخابه بعد ثلاثة سنوات.