مساعد وزير الخارجية الإماراتي: مصر المكون الرئيسي الذي يحفظ أمن المنطقة العربية    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي    حسين لبيب يكشف مصير زيزو وعواد وصبحي مع الزمالك    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    وزير الرياضة يهنئ منتخب مصر بتأهله إلي دور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    إبراهيم عيسى: تحطم طائرة الرئيس الإيراني ستفتح الباب أمام أسئلة كثيرة    البيت الأبيض يحمل إيران مسئولية تحطم طائرة "رئيسي"    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    نشأت الديهي: قرار الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو سابقة تاريخية    «بطائرتين مسيرتين».. المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في إيلات    لميس الحديدي تعلق على طلب اعتقال نتنياهو وقادة حماس : مساواة بين الضحية والجلاد    «تنظيم الاتصالات» يتعاون مع «MCS» لتبادل الخبرات العالمية ونقل التقنيات الحديثة لمصر    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    جهاز تنمية القاهرة الجديدة يؤكد متابعة منظومة النقل الداخلي للحد من التكدس    مصطفى أبوزيد: المؤسسات الدولية أشادت بقدرة الاقتصاد المصري على الصمود وقت كورونا    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا والقنوات الناقلة    حسين لبيب يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ويؤكد: أكثر نادٍ يعاني من الأزمات    المجلس التصديري للملابس الجاهزة: نستهدف 6 مليارات دولار خلال عامين    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    ضحية جديدة لأحد سائقي النقل الذكي.. ماذا حدث في الهرم؟    حقيقة ما تم تداوله على "الفيس بوك" بتعدي شخص على آخر وسرقة هاتفه المحمول بالقاهرة    مظاهر الحزن العميق تخيم على الوجوه أثناء تشييع جثمان "منة " عروس المنيا المقتولة    خفض الفائدة.. خبير اقتصادي يكشف توقعاته لاجتماع البنك المركزي    بعد تعاقده على «الإسترليني».. نشاط مكثف للفنان محمد هنيدي في السينما    مشيرة خطاب تشارك مهرجان إيزيس في رصد تجارب المبدعات تحت القصف    أفلام صيف 2024..عرض خاص لأبطال بنقدر ظروفك الليلة    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    موعد مباريات اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024| انفوجراف    إخلاء سبيل الفنان عباس أبو الحسن في اتهامه بدهس سيدتين بالشيخ زايد    الكشف عن روبوت دردشة يستخدم التعبيرات البشرية    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    «حماني من إصابة قوية».. دونجا يوجه رسالة شكر ل لاعب نهضة بركان    على باب الوزير    رئيس الحكومة البولندية يشن هجوما عنيفا على رئيس بلاده بسبب الرئيس الإيراني الراحل    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 بمستهل تعاملات الثلاثاء 21 مايو 2024    شارك صحافة من وإلى المواطن    غادة عبدالرازق أرملة وموظفة في بنك.. كواليس وقصة وموعد عرض فيلم تاني تاني    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الجدي الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    وزير الصحة: يوجد 69 مليون مواطن تحت مظلة التأمين الصحي    "عبد الغفار": 69 مليون مواطن تحت مظلة منظومة التأمين الصحي    أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    رياضة النواب تطالب بحل إشكالية عدم إشهار 22 ناديا شعبيا بالإسكندرية    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    تكريم نيللي كريم ومدحت العدل وطه دسوقي من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعتصمون بحبل الجماعة.. ثلاثة فى مهمة دينية

جمعهم الميكروباص المتجه من ميدان رمسيس بوسط القاهرة إلى مسجد رابعة العدوية فى مدينة نصر، حيث التقوا دون معرفة مسبقة: عاشور عفيفى، التاجر القادم من مركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، وإبراهيم عمر، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، وعلى الجميل، المحامى القادم من الأقصر.. مسارات مختلفة، وهدف واحد.

الثلاثة وصلوا للتو إلى القاهرة، للمشاركة فى اعتصام الإخوان المسلمين أمام مسجد رابعة العدوية «لنصرة الإسلام والرئيس المنتخب»، كما يبرر عفيفى.

يعمل عفيفى تاجر محاصيل زراعية، ترك زوجته وطفلتيه ووالدته ذات ال85 عاما، رغم رغبتهن الملحة فى القدوم معه للمشاركة فى اعتصام الإخوان الداعم لمرسى ونظامه، بل ترك عزاء عمته التى توفيت فى نفس اليوم: «اتنين من ولاد عمتى هنا، رفضوا يسيبوا الاعتصام ويروحوا عزا والدتهم»، بنص تعبيره.

تربى عفيفى فى أسرة إخوانية، فوالداه من أبناء الجماعة، وهو حريص على تربية ابنتيه على النهج نفسه، ويتمنى من الله أن يميته إخوانيا، والحال نفسه بالنسبة لرفيقيه الجديدين: إبراهيم وعلى.

يقترب الثلاثة معا من حاجز التفتيش الأول: نحو مائة من شباب الجماعة متمركزون خلف حواجز مرورية، يغلقون بها الشارع تماما، ما عدا زاويتين ضيقتين لمرور الداخلين، يخرج القادمون بطاقاتهم الشخصية، ويخضعون لتفتيش ذاتى دقيق.

«إنت من الأقصر؟»، يسأل الشاب المتحفز ذو الخوذة، فيجيب على: «أيوه»، يميل الفتى على رأسه ويقبلها، متابعا: «جزاك الله كل خير، يا بختك بكل الحسنات دى، على قدر المشقة يكون الأجر».

يتجاوز الثلاثة حاجزى تفتيش آخرين قبل الدخول إلى مكان الاعتصام، تستقبلهم مسيرة تضم نحو 300 من شباب الجماعة، وتقودها منصة مقامة فوق سيارة نقل كبيرة، يردد الواقف فوقها: «فى سبيل الله قمنا نبتغى رفع اللواء. لا لدنيا قد عملنا نحن للدين الفداء. فليعد للدين عزة أو ترق منا الدماء»، يردد الجميع وراءه، فيكمل: «الله غايتنا، والرسول زعيمنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا».

تكمل المنصة المتحركة بهتافات متتالية ترددها الحشود: «عايزين نقول للدكتور مرسى: اغضب، اغضب يا حليم، على كل لئيم، اغضب من تانى، على حزب تهانى. الجيش والشعب إيد واحدة، اللى بيحب الزند يقول: ييييييى. انت يا زند بتاع النادى، آخرك شاى وعصير وزبادى. يا للذل وياللعار، الفلول عاملين ثوار».

على ضفتى الطريق، وفى الجزيرة الوسطى، والشوارع الجانبية، آلاف من أعضاء الجماعة بعضهم مستلق على الأرض نائما، وبعضهم يترنم بالقرآن، وآخرون منخرطون فى حوارات عامة وخاصة، يلاحظ على احتفاظ الجميع بشوم غليظ، وعصى خشبية ومعدنية قاسية المظهر، يميل نحو إحدى المجموعات، يلقى تحية الإسلام ويتبعها بسؤال عن سر الاحتفاظ بها، فلا يتلقى إجابة، بل يستقبله أحدهم بسؤال متجهم: «إنت جاى مع مين؟».

بعد أن يحكى على قصة مجيئه وحيدا من الأقصر، ويعرّف المجموعة على مسئوليه بدءا من الشعبة والمنطقة والمحافظة، تنفرج أسارير الشاب ويجيب: الفجر طلعوا علينا بلطجية على موتوسيكلات، ضربوا نار فى الهوا وهربوا، فجبنا دى دفاعا عن النفس، وعشان احتمال كبير نحتاجها الأيام الجاية».

فى الجوار، يمر المئات فى مسيرات متتالية منظمة صفوفا دقيقة تمشى بخطى رياضية، وتطلق صيحات عسكرية، ويرفع المشاركون فيها الشوم لأعلى، مرددين ما يقوله قائد المجموعة من هتافات لنصرة الإسلام والرئيس محمد مرسى والشريعة الإسلامية.

يتحدث على كعضو فى جماعة الإخوان المسلمين: «احنا اتظلمنا كتير، الإعلام شتمنا كتير وأهاننا، بس كل ده هيتغير بعد 30 يونيو: كل القواضى هتتفتح من جديد، والفلول هيتحاسبوا، احنا كإخوان منتظرين تلاتين ستة ده زى تمرد، بس كل واحد بطريقته».

وفيما يرى على أيضا أن الشرطة أهينت هى الأخرى، وهذا ما يجعلها، من وجهة نظره، عاجزة عن القيام بدور حازم فى ضبط البلطجية ومهربى السولار ولصوص كابلات الكهرباء، يجزم فى الوقت نفسه أنها «مطاطية (يقصد متواطئة)» لصالح النظام القديم: هما مش عايزين البلد تتعدل، عشان مرسى يفشل، والحكم الإسلامى ينتهى للأبد. ده مخطط يهودى أصلا».

يعتقد على أن اعتصامه فى رابعة العدوية، فهو بالنسبة له «أبلغ رد على الناس المخربة اللى عايزة تهدم البلد، واللى كارهه شرع الله، ومش عايزة رئيس مسلم يحكمنا»، وهم كما يراهم مجرد عشرات فقط «بس الإعلام بيضخم الموضوع، ويصوّرهم كأنهم ملايين».

مع حلول الليل، ينضم إبراهيم إلى مجموعته من أبناء الشرقية المعتصمين، يسترخى بجوارهم قريبا من الرصيف، لولا أن يفاجئهم صوت صفير حاد، وصوت: «نفير، نفير»، فيهرعون جميعا فى صفوف منضبطة باتجاه الصوت، لابسين الخوذات المصفحة، وفى أيديهم الشوم الغليظة، ويمسك بعضهم بدروع حديدية وزجاجية، تم توزيعها عليهم فى أول المساء، تحسبا لأى طارئ مفاجئ.

يصرخ فيهم قائد المجموعة: تمارين ضغط، فيتساقطون تباعا، يمارسون التمارين بحماس وحمية، ثم يقومون بعد دقائق حين يأمرهم صاحب الصوت نفسه بالانتصاب، ثم يصرفهم بإشارة من يديه، ليعودوا كما كانوا فى أماكن راحتهم.

الشوم، كما يراها إبراهيم، وسيلة دفاع لا هجوم، مؤكدا أن البلطجية «عاملين حسابهم، وفيه ترقب، إنهم يهجموا ع البيوت والبنوك، واحنا عاملين خطة لحمايتها»، مؤكدا: «لا نريد العنف، بالعكس، أنا جاى من الشرقية عشان بحب مرسى. آه، مرسى ده حبيبى، وهما فاكرين إنه لو مشى هيمسكهم علاء الدين ويضرب الأرض تطلّع سولار».

بالنسبة لإبراهيم، الأستاذ بكلية الزراعة، من الظلم السعى لإسقاط مرسى: «بيننا وبينه عقد، والعقد بيقول فترة الحكم 4 سنوات. هو ينفع لو طالب فى أولى كلية وفشل، أقول له إنت مش نافع من أول سنة؟ لأ، نسيبه يكمل الأربع سنوات وبعدها نشوفه هينجح واللا لأ، لأن الفشل معيار مرتبط بزمن، مش عشوائى كده».

يؤمن إبراهيم بوجود «مؤامرة» عظمى لإسقاط مرسى، يشارك فيها حتى أصحاب محطات الوقود: «مين أصحاب البنزينات؟ ناس من الحزب الوطنى، وحاقدة على مرسى، بيقولوا ده رئيس خارج من السجن، وكل مؤسسات الدولة بتحقد عليه. بيقولوا: ايه ده اللى جاى لنا من الشرقية عايز يحكمنا؟».

أما السخط الشعبى على مرسى، فيبرره إبراهيم بأن الإعلام يصر على تصدير السلبيات ويتجاهل الإيجابيات: «كل الإعلام محكوم لمين؟ 5 قنوات عاملين مشاكل ف البلد، لأن الناس مجتمعة عليهم وتسمع لهم، فلو مرسى زود المعاشات محدش يسمع، لكن لو راح مصيف، كله هيسأل: راح فين؟ وصرف كام؟ وخد مين معاه؟».

«زمان أبويا كان بيقول لى: امشى ياد جوة الحيط مش جنبها»، يقول إبراهيم، معبرا عن قناعته بأن الحل فى تغيير ثقافة الشعب المصرى، وتوجيه اهتماماته إلى أشياء أكثر جدوى.

لا يلتفت إبراهيم إلى شاب إخوانى يسير بجواره، ممسكا بشومة سوداء وقد غرس فى جانبيها عددا من المسامير بارزة من الاتجاهين، فبدت مخيفة، ويعتبرها «حاجة عادية، هو هيضرب مين بيها يعنى؟ البلطجى اللى ييجى يتعدى علينا يستحمل».

كما لا يجد إبراهيم داعيا للتساؤل عن سبب إقالة يحيى حسين، أحد أبرز من واجهوا الفساد فى عصر مبارك، من إدارة مركز إعداد القادة، بعد ساعات من خطاب مرسى الذى أعلن فيه نيته لاستبعاد كل من يعطل مصالح الشعب: «مش ملم بالسبب، لكنى على يقين إنه أخطأ فى عمله، وقصر فى أداء وظيفته، أكيد مرسى مش هيشيله كده عند، لأنه ناس كتير بينها وبين الإخوان خصومة ومع ذلك عفوا عنهم».

ولا ينسى كذلك أن يحذر الشعب من أن الإطاحة بمرسى ستودى بمصر إلى الهاوية: «رحيل مرسى كارثة على مصر، سواء قتلوه أو أجبروه على التنحى. أولا: هينتخبوا رئيس على أى قانون؟ وهييجى عشان يعمل لجنة تأسيسية جديدة للدستور، ومجلس الشورى هينحل، وننتخب مجلسين: شورى وشعب، يعنى لسه كمان سنتين فترة انتقالية، ينتشر خلالهما البلطجة، وهتلاقى كل اللى عايز يشيل رئيسه هيشيله، سواء فى الجيش والشرطة والجامعة، وهنعيش حالة من الهلع والفزع، وكل مؤسسات الدولة هتنهار بشكل مفاجئ، والشعب هيدفع التمن. حتى مش هنلاقى مرتبات شهر 7 اللى جاى ده».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.