لست خائفة على المرأة المصرية ولابد من دعم الحكومة والمجتمع لها العنف الجنسى ضد المرأة فى الشوارع هدفه أن «تمكث فى البيت»
عبرت المديرة الإقليمية للدول العربية بهيئة الأممالمتحدة للمرأة، سميرة التويجرى، عن ثقتها فى قدرة الحركة النسوية المصرية على مواصلة العمل لتمكينها سياسيا واقتصاديا، مطالبة الحكومة والمجتمع المدنى والأحزاب السياسية بالمشاركة فى العمل على وصول المرأة لجميع حقوقها.
وأكدت التويجرى، سعودية الجنسية، التى زارت مصر من قبل كثيرا، للقيام بأدوار مختلفة رسمية وغير رسمية، أنها ترى أن الزيارات الفردية ليست كافية لتقييم وضع المرأة المصرية قبل وبعد الثورة، وأشارت إلى أن وضع النساء العرب حاليا بعد الثورات العربية يمر بمخاض عسير.
وأكدت أنها ضد كوتة المرأة فى البرلمان لكنها تطالب بعودتها حتى يكتمل التحول الديمقراطى ويتم بناء قاعدة مجتمعية تثق فى المرأة وتنتخبها.
● ما تقييمك لوضع المرأة المصرية بعد ثورة 25 يناير؟ لا يمكن تقييم وضع المرأة المصرية بالزيارات الفردية حتى لو كانت رسمية، وقوام الحركة النسائية المصرية ليس فقط النخبة أو الرائدات، لكن المرأة الريفية التى لديها القدرة على تحدى المصاعب وتحديد الحق والباطل.
وقد مرت الحركة النسوية بانتكاسات لها علاقة بطريقة أو بأخرى بالسياسات المتبعة، نظام حاكم يدفعها للأمام، وآخر يجمدها، لكنها لم تتوقف عن العمل على نفس الخط.
وما حدث فى مصر خلال الثلاث سنوات الأخيرة التى تبعت الثورة، أن المرأة كانت شريكا مهما فى الثورة، من أول مدونة كتبت على «فيس بوك» أو «تويتر» إلى ميدان التحرير، لكن للأسف عندما جئنا للمفاصل المهمة من كتابة الدستور، والتمثيل البرلمانى، والكتل السياسية للأحزاب، اختفت المرأة، وقيل لها عودى من حيث أتيتى، وأنا لا أعتبر هذا انتقاصا من حق المرأة بقدر ما اعتبره مخاضا سياسيا وتحولات عظيمة يمر بها المجتمع المصرى.
وعندما نتحدث عن وضع المرأة فى مصر أو باقى الدول العربية لا يجب أن نفصله عن منظومة التنمية لأن تمكين المرأة وحصولها على حقوقها، هو جزء من التنمية، وبالتالى قد تكون هناك بعض الانتكاسات لكن لدى ثقة عظيمة فى أن المرأة المصرية لن تكل ولن تمل، وستمضى فى طريق تحقيق العدالة الاجتماعية فيما يتعلق بالنوع الاجتماعى «ومش خايفة على المرأة المصرية».
● وماذا عن إلغاء كوتة المرأة فى البرلمان بعد الثورة؟ أنا من الذين لا يحبون الكوتة لأنها أحيانا تكون مثل باب سد الذرائع.. الكوتة هى عبارة عن ردة فعل للمرحلة الانتقالية لضمان حقوق المرأة، وأنا اغتاظ جدا من الخطاب الذى يتحدث عن حقوق المرأة والأقليات، لا يجب أن تعامل المرأة كأقليات خصوصا فى البرلمانات، لأن الأقليات السكانية لها كوتة على أساس أن الديمقراطية هى حكم الشعب وضمان التمثيل الديمقراطى لجميع فئات المجتمع، والمرأة لا يجب أن تحشر فى هذه الزاوية لأنها نصف المجتمع.
والكوتة أمر غير مكروه لكن يجب أن يكون استجابة لمرحلة انتقالية، لا مانع أن تنجح المرأة بعملية ديمقراطية انتخابية وتكون الأكثرية فى أى مكان، ولكن لم نر هذا فى أى مكان، وهذا له علاقة جذرية بالأدوار النمطية الموكلة للمرأة فى معظم المجتمعات خاصة المجتمعات العربية الذكورية، وإلغاء الكوتة بدون إيجاد بديل ديمقراطى لتمثيل المرأة أمر كارثى.
● وما البديل الممكن؟ هو التمثيل الديمقراطى. لكن إذا ألغينا الكوتة وقلنا إننا نفتح باب الترشيح والانتخاب، وندخل على صناديق الاقتراع، وقتها قد لا يكون هناك إقبال على انتخاب نساء لأسباب كثيرة، فالكوتة ضرورية فى المراحل الانتقالية، ولابد من عودتها إلى أن نجد بنية ديمقراطية، وبنية تحتية تثق فى انتخاب مرأة، لأن هذا لا يتحدث عنه إلا أعمال المرأة فى المجالس المنتخبة، أو بالتعيين فى المناصب الوزارية، يجب أن تبنى الثقة بالمرأة حتى تخوض التجربة.
● وكيف تدعم الأحزاب السياسية خاصة الليبرالية المرأة فى هذا الأمر؟ مشكلة التحولات الديمقراطية فى العالم العربى أنه ليس كل الأحزاب الدينية غير داعمة للمرأة، وليس كل الأحزاب الليبرالية داعمة للمرأة بالضرورة، هناك ثقافة مجتمعية مبنية على إقصاء المرأة بغض النظر عن تباين الثقافات والمعتقدات والإيديولوجيات التى تبنى عليها الأحزاب.
ويجب أن يكون هناك تغيير أو محاولة لتغيير الثقافة المجتمعية بحيث تعامل المرأة كعضو فاعل فى المجتمع، فهناك سياسيون فشلوا فشلا ذريعا ولم يعاب عليهم لأنهم رجال، لكن المرأة عندما تفشل سياسيا رغم أنه ليس لديها البنية التحتية لكى تنجح، يعاب عليها لأنها امرأة، فلابد أن نحاول إلغاء عامل الجنس من الأداء السياسى لأعضاء البرلمان والحكومة، وأيضا إتاحة الفرصة لنساء رائدات لخوض غمار التجربة السياسية لأنهن خير مثال لشرائحهن.
● تزايدت حوادث العنف الجنسى ضد النساء فى الفترة الأخيرة فهل نلقى باللوم على المجتمع أم الحكومة؟ وهل تتفقين على أن هناك دافعا سياسيا وراؤها؟ هيئة الأممالمتحدة للمرأة أصدرت بيان شجب لما يحدث فى شوارع مصر من عنف جنسى ضد المرأة، واعتقد أنها محاولة لضرب الحركة النسائية المصرية، ومشاركتها فى الحياة العامة فى مقتل، لأن الجميع يتفق أننا مجتمعات محافظة وجسد المرأة له حرمة، وبالتالى فالعنف الجنسى ضدها يكون أقصى درجات الإهانة والإذلال ليس للمرأة وحدها بل للرجل أيضا، سواء أخوها أو زوجها أو أبوها. ومبررها سهل لا يتطلب الكثير من الذكاء لاستنباط ما وراء هذا، الرسالة كانت واضحة جدا «قرن فى بيوتكن»، لا علاقة لكن بالحياة العامة، الثورة انتهت وجاءت حكومة هى المسئولة ولا داعى للتظاهر، «مش ناقصين الرجال لتخرج النساء».
وهنا يقع على عاتق الحكومة عبء كبير لأن العقد بين الحكومة والشعب الذى قام بانتخابها هو عقد للحماية وتوفير الخدمات الأساسية، وأولها بالنسبة للمرأة حمايتها فى بيتها والشارع ومكان عملها ليس لأنها الحلقة الأضعف ولكن بصفتها مواطنة. وحتى لو لم تنتخب الحكومة طالما الأغلبية انتخبتها هذه هى مسئولية الحكومة.
● كيف تقيمين وضع المرأة بعد الثورات العربية؟ «مخاض عسير وتحول تاريخى» لكننى متفائلة بصفتى امرأة عربية من المنطقة أعتقد أن الآتى أفضل.
● وعلى المستوى العالمى أين وصل وضع المرأة؟ هناك دول شريكتنا فى الهم مثل الدول الآسيوية، الوضع ليس ما نتوق إليه جميعا، لكن هناك دولا وصلت المرأة فيها لمنصب رئيسة الجمهورية، وتولت حقائب وزارية غير تقليدية مثل الدفاع والخارجية. التمثيل السياسى لا يستهوينى بقدر إحساس المرأة البسيطة بالأمان أولا، وإحساسها أنها إن أرادت أن تكون عضوا فى حكومة ليس هناك ما يعيق، ويعتمد فى النهاية على اختيارها الشخصى، هذا هو تمكين المرأة.