أثارت الموافقة علي تخصيص64 مقعدا كحد أدني للمرأة في مجلس الشعب منذ فترة العديد من التساؤلات حول دستورية هذا المشروع لتصبح تركيبة أعضاء المجلس440 عضوا من الرجال, و64 عضوة من النساء, و10 أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية. البعض رأي ان موضوع الكوتة نظام يتعارض مع أساسيات الدستور المصري والبعض رأي انة لا توجد كفاءات تمكن هذا العدد من التجاوب مع الحياة النيابية والبعض رفض الفكرة لأنها تعتبر قيدا علي حرية الناخب في اختيار من يمثله وبمعني اصح يعطي المرأة حقا لا تستحقه دون تعب. والبعض يري ان الأمر كله كان يتعلق بالعدد وليس بالكفاءة والقدرة لأسباب لم تكن معلنة. كما ان غالبية ما تم استصداره من قوانين خلال الفترة الماضية والتي قيل انها لصالح المرأة لم تكن كذلك علي الاطلاق فهي بالفعل بمثابة نصر زائف صاحبه الكثير من التهليل والصخب الاعلامي دون ادراك للعواقب والسؤال الذي يطرح نفسة الأن وبقوة علي الساحة...ما هو مصير كوتة المرأة...وهل كانت للتمكين ام للتوريث...وما هو مصير بعض القوانين التي تم استصدارها خلال السنوات الماضية في صالح المرأة ولكنها كانت مجحفة لكثير من الرجال؟.... لذا كان هذا التحقيق. أساتذة القانون الدستوري يرون أن نظام' الكوتة' يتعارض مع المادة40 التي تقر بأن المواطنين لدي القانون سواء, ومتساوون في الحقوق والواجبات العامة, ولا تمييز بينهم في ذلك; بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. فنظام الكوتة مخالف للقانون والدستور لثلاثة أسباب: أنه علي الرغم من التعديل الدستوري الأخير, والذي نص بتعديل المادة62, والتي أجازت تحديد حد أدني لتمثيل المرأة في البرلمان; إلا أن هذا التحديد يبقي محل شبهة دستورية; لتعارضه مع نصوص أساسية, مثل المواد الأولي التي تقر بالمواطنة, والمادة الثامنة التي تؤكد مبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين. ثانيا, هو أن هناك رأيا في الفقه الدستوري بدول عظمي مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية; تشير إلي أن التعديلات التي تطرأ علي الدستور لا يجب أن تتعارض مع نصوص أساسية وقواعد عامة, مثل الديمقراطية والمواطنة وتكافؤ الفرص. ثالثا, لأن التعديل إذا تم إقراره بمجلس الشعب يكون قد خالف الدستور بتخصيص دوائر خاصة بالمرأة; بحيث لا يجوز للرجل الترشح لها, كما يفرض علي الناخبين انتخاب المرأة في دائرة قد يكون لا يريد أن ينتخبها. في حين ان الديمقراطية تخلق نوعا من المساواة أمام الجميع دون النظر إلي ديانته أو فكره أو نوعه. يأتي ذلك في الوقت الذي اشارت فيه دراسة للاتحاد البرلماني الدولي عام2008 الي أن تمثيل المرأة في البرلمان المصري لا يربو علي1.8?%?, وتحتل مصر بذلك الترتيب رقم130? من بين188? دولة?,? وهذه نسبة ضئيلة جدا, مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ18.4%?, في الوقت الذي تحتل فيه رواندا المرتبة الأولي عالميا في تمثيل المرأة بنسبة56.2?%. كما ان نسبة انتشار الأمية بين الإناث تكاد تصل إلي ضعف نسبتها بين الذكور?, كما أن معدل صعود المرأة إلي قمة المراكز الإدارية في الحكومة والشركات أقل بكثير من الذكور?.? وبالتالي لن تؤثر تلك النسبة في الحياة السياسية بالبرلمان المصري; نظرا لاهتمام البرنامج بالكم والعدد وليس بالكيف. يذكر أن هذه ليست المرة الأولي التي يتم فيها تخصيص كوتة للمرأة بالبرلمان المصري, فقد سبق أن تم تعديل قانون الانتخابات رقم38 لسنة1972 بالقانون رقم21 لسنة1979 بتخصيص30 مقعدا للنساء كحد أدني, بواقع مقعد علي الأقل لكل محافظة, ولم يسمح للرجال بالتنافس علي هذه المقاعد, فيما سمح للنساء بالتنافس علي باقي المقاعد. وفي انتخابات1979, فازت30 امرأة بمقاعد الكوتة و3 من خارج الكوتة, كما عين الرئيس سيدتين, ليرتفع عددهن في المجلس إلي35 سيدة, غير أن المحكمة الدستورية العليا قضت في1986 بعدم دستورية القانون, لما ينطوي عليه من تمييز علي أساس الجنس. من ناحية اخري رفضت ايضا خبيرات متخصصات في القانون والإعلام والحراك السياسي والشؤون الدستورية والتشريعية, نظام' الكوتة' الذي أقره البرلمان بغرفتيه الشعب والشوري, والذي يقضي بتخصيص64 مقعدا للمرأة في مجلس الشعب. بأعتبار أنه لم ينبع من رغبة داخلية هدفها تمكين ودعم المرأة في المشاركة السياسية, وإنما استجابة لضغوط خارجية تمارسها لجنة المرأة بالأمم المتحدة وجهات مانحة مثل الاتحاد الأوروبي, ورغبة من الحزب الحاكم في إضافة المقاعد لحصته في المجلس, بهدف تنفيذ سيناريو التوريث!. فهدف الكوتة كان التحايل للسيطرة علي64 مقعدا في البرلمان ووضعهم في خزينة الحزب الحاكم المسيطر بالفعل علي الحياة السياسية والبرلمانية. كما ان ما يسوقه البعض من أن هدف الكوتة هو تمكين المرأة غير صحيح, فالمرأة المصرية ممكنة بالفعل, فقد دخلت البرلمان منذ عام1957 ولم تنقطع عنه من يومها. صحيح أن نسبة تمثيلها ضئيلة, لكن هذا هو واقع المجتمع المصري في كل قطاعاته المختلفة, وبالتالي ما يردده البعض من أن هدف الكوتة يتمثل في تمكين ودعم المرأة لتدخل البرلمان وتشارك في الحياة السياسية, هو كلام غير منطقي ويفتقد للموضوعية. وتنص المادة40 علي تقرير المساواة بين المواطنين دون تمييز بين الجنسين, ومن ثم فلا يجوز التمييز بينهما, باعتبار المساواة حق منصوص عليه في الدستور. لكن المشرع الدستوري تدخل وقام بتعديل المادة62 عام2007 ونص في آخرها علي(... ويجوز أن يتضمن حدا أدني لمشاركة المرأة في المجلسين), وقد وضعت هذه الجزئية تحصينا لقانون كوتة المرأة وحصنته من الطعن مستقبلا, فطالما هناك نص في الدستور يجيز التمييز, فلا يجوز الطعن علي القانون بعدم الدستورية. ورغم هذا فإن شبهة عدم دستورية الكوتة تبقي قائمة من زاوية أخري وهي: تخصيص عدد من الدوائر بعينها وعددها, لتغلق أو تخصص لترشيح المرأة دون الرجل, لأنه أمر غير منصوص عليه في الدستور, ومن ثم يتعارض مع مبدإ المساواة الذي أقره الدستور. فإغلاق بعض الدوائرعلي السيدات فقط, فيه حرمان للرجال من الترشيح, وهو ما يتعارض صراحة مع مبدإ المساواة المنصوص عليه في المادة.40 الميزة التي أعلنتها الحكومة انذاك لتطبيق الكوتة, ألا وهي الأخذ بيد المرأة وتمكينها من المشاركة الفعلية في الحياة السياسية. ولكن الحقيقة ان عيوب الكوتة كثيرة حتي تخصيص50% من مقاعد البرلمان للعمال والفلاحين, فهذا أيضا تمييز سلبي أصاب الحياة البرلمانية بالركود وأهدر نصف طاقة البرلمان. من عيوب هذا النظام الأتي: إنها ستعمل علي تفتيت نسيج المجتمع كما أنها ضارة بالمرأة لأنها تكرس وضعها المتخلف وتزيد تخلفها وتبلدها سياسيا, فضلا عن أنها ستفتح البرلمان أمام نساء ليس لديهن ما تقدمنه داخل البرلمان, تشريعيا أو رقابيا. كما ان الكوتة كانت ستزيد فرص الحزب الحاكم في إحكام سيطرته علي الأغلبية الساحقة داخل البرلمان وأن الحزب الحاكم أقر الكوتة لمصلحته وليس لمصلحة المرأة, ليزداد هو تمكينا. من عيوب الكوتة أيضا أنها ستفتح الباب للدفع بعناصرغير مطلوبة, تفتقد الكفاءة والقدرة علي الأداء النيابي, لأنها غالبا ما ستكون غير متخصصة, كما لم يتم تأهليها أو تدريجها في العمل السياسي من خلال الدفع بها في الانتخابات المحلية علي مستوي القري والمراكز والمحافظات أولا, قبل الزج بها في قمة العمل التشريعي والرقابي في مجلس الشعب. فتمثيل المرأة في البرلمان ليس قضية عددية فقط تحسمها زيادة عدد النائبات بوسيلة أو بأخري, وإنما قضية كيفية تتعلق بنوعية النائبات اللائي سيصلن إلي البرلمان ومدي قدرتهن علي التعبير عن قضايا وهموم المجتمع بشكل عام, والمرأة بشكل خاص, من خلال اضطلاعهن علي مهام الوظيفة النيابية بكافة جوانبها. فكيف آخذ امرأة غير مؤهلة وغير قادرة علي المشاركة, وأدفع بها في الانتخابات البرلمانية, لمجرد أن أقول إن عندي64 سيدة في البرلمان ولينظر إلي الغير علي أنني دولة متقدمة. فالتمكين الحقيقي للمرأة لن يتم إلا في ظل تطبيق الديمقراطية الحقيقية وتشجيع الناس علي المشاركة السياسية. كما ان تمكين المرأة لا يكون بإقرار الكوتة, وإنما بالعمل علي رفع وعي المرأة في المجتمع بشكل عام. فحينما تكون هناك محاولات حقيقية لتمكين المرأة, يجب صرف الأموال علي تعليمها وتطويرها وإعدادها للمشاركة لكي تكون جاهزة ومؤهلة.