الزراعة تتباطأ فى تسلم المحصول المبالغ فيه الصوامع القليلة غير صالحة .. والفلاحون مرتبكون
تصاعدت المخاوف من «أزمة قمح» تهدد البلاد فى ظل تحذيرات رسمية من عجز الحكومة عن الحصول على كامل انتاج القمح لهذا العام، والذى تشير التكهنات إلى انخفاضه عن التقديرات التى وضعتها وزارتى الزراعة والتموين (9 ملايين طن الموسم الحالى).
وفيما لم تنته وزارة التموين من طباعة الكوبونات التى يتسلم بموجبها المزارعون السولار اللازم للحصاد، تصاعدت تحذيرات رسمية من عجز الحكومة عن الحصول على كامل الإنتاج بسبب نقص الشون، وعدم جاهزيتها للعمل، فى ظل الأسعار التى وضعتها الحكومة (400 جنيه للإردب)، وهو ما يعنى تزايد إقبال الفلاحين على بيع محصولهم للحكومة، وفى نفس الوقت عدم الوفاء بتخزين كل الكميات المنتجة، فضلا عن قرار وزارة التموين الأخير الذى يلزم المزارعين بتوريد كامل إنتاجهم للشون والمصانع الحكومية.
وعلمت «الشروق» أن وزارة الزراعة كانت وضعت خطة لتسلم القمح منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، إلا أن «عدة أطراف لم تلتزم بتعهداتها بتنفيذ آلية التسلم من المزارعين»، وفقا لمصدر رسمى بالوزارة، رفض نشر اسمه.
وفيما بدأت لجان بوزارة الزراعة العمل فى جميع المحافظات لمعرفة مدى تجهيز شون بنك الائتمان الزراعى، أكد مزارعون وقيادات فلاحية، من بينهم محمد عبدالقادر، نقيب الفلاحين، أن شون البنك «لن تتحمل كل إنتاج المزارعين إذا قرروا جميعهم التوريد للحكومة».
وكان رئيس بنك الائتمان الزراعى، محسن البطران، أكد أن شون البنك «بإمكانها استيعاب 22% فقط من إنتاج المزارعين، بطاقة استيعابية تبلغ نحو مليونى طن فقط من إجمالى 9 ملايين طن».
وقال عبدالقادر ل«الشروق» إن النقابة «بدأت تتلقى شكاوى من المزارعين، تفيد أنهم فشلوا فى بيع محصولهم للحكومة بعد وقوفهم لساعات طويلة بالسيارات النقل المؤجرة أمام الشون». وهو نفس ما أكده مصدر رسمى بوزارة الزراعة، موضحا أن الفلاحين «ربما يخضعوا لمساومات من التجار بسبب تباطؤ عمليات تسلم القمح».
وفى محافظة المنيا، فوجئ مزارعون برفض تسلم شون بنك الائتمان الزراعى وشركة مطاحن مصر الوسطى منهم، رغم إعلان الحكومة عن قبول التوريد وتسليم المبالغ فوريا. وقال سيد على هاشم، مزارع بقرى شباب الخريجين بسمالوط: «على الرغم من إعلان جميع المسئولين فى شركة مطاحن مصر الوسطى بدء التوريد، إلا أننا فوجئنا أن الشون ترفض تسلم المحصول».
وقال محمود حسين، مزارع بسمالوط: «المزارعون فشلوا منذ أمس الأول فى تسويق محصولهم لدى شون الحكومة، وهى أزمة تتكرر كل عام، حيث ترفض المطاحن التسليم، ونضطر لتشوين الأقماح فوق السيارات، وتطلب منا السيارات نولون أكبر من العام الماضى بسبب أزمة السولار».
وفى بنى سويف، أكد المهندس صابر عبدالفتاح، وكيل مديرية الزراعة بالمحافظة، أنه «تم البدء فى الموسم بحصاد 500 فدان من المساحة بالمناطق الجبلية شديدة الحرارة، والمديرية مستعدة للموسم».
وأضاف أن مديرية التموين بالمحافظة «خاطبت وزارة البترول لتوفير الكمية اللازمة من السولار وفقا لاستخدامات المزارعين له فى موسم الحصاد، حيث يحتاج فدان القمح لنحو 50 لترا لمدة 5 ساعات، كما تم التنسيق مع الوحدات المحلية لإمداد الفلاح بكوبون يحصل بموجبه على وقود من أقرب محطة وقود». وعلى النقيض من تصريحات عبدالفتاح، أكدت وزارة الزراعة أن الكوبونات «لم يتم طباعتها إلى الآن»، وأن ما تم طباعته «عينات فقط سيتم توزيعها فى الأيام المقبلة.
وفى الدقهلية، حيث من المقرر أن تبدأ المحافظة تسلم القمح مطلع الشهر القادم، تعانى شون وصوامع المحافظة من الإهمال الشديد. ووفقة لجولة «الشروق» على عدة مطاحن، والتى أظهرت أن الشون الترابية لم يتغير حالها، وهى عبارة عن مساحات غير ممهدة، قد تتعرض الأقماح فيها لعوامل التعرية سواء الأحوال الجوية أو الحشرات الضارة والطيور التى تثقب الحبوب وتجعلها فاسدا.
وقال صلاح أبوالعينين، وكيل المجلس المحلى السابق، إن موردى القمح بالمحافظة سيواجهون عدة مشاكل، أهمها عدم توافر السيولة المالية التى من المفترض أن يتسلمها المورد عند تسليمه المحصول للشونة بسعر 400 جنيه للإردب، لافتا إلى أن أزمة السيولة ممتدة من العالم الماضى وينتظر الموردون من المزارعين ما يقرب من أسبوعين لتسلم قيمة المحصول الذى تم توريده.
وتابع أبوالعينين: عدم معرفة المزارعين بالموعد الزمنى لتسليم المحصول ونهاية فترة التوريد، تسبب العام الماضى فى خسائر للمزارعين، مع عدم وجود طاقة استيعابية لدى البنوك وشون مطاحن مصر العليا، حال إعلان موعد غلق التوريد لها، وعدم وجود منافذ لتصريف المحصول سوى بيعه بالأسواق للاستخدام المنزلى فى صناعة الخبز بعد طحنه، فى المطاحن الصغيرة الأهلية فى القرى.
وكشف إبراهيم حسيب، سكرتير عام الشعبة العامة للمخابز وعضو مجلس إدارة الغرفة التجارية، عن أن الشون الرئيسية بجوار مديرية التموين بالمنصورة تعد من أقدم الشون والصوامع بالمحافظة لم يتم ترميمها، ولا صيانتها منذ إنشائها، فقد انتشرت بها الحشائش فضلا عن بعض الحشرات الضارة، وبسبب تهالك تلك الصوامع والعوامل الجوية المختلفة يسوء تخزين القمح، فتلك الصوامع التى تم إنشاؤها بالطوب متهالكة.
فيما أكد بعض مزارعى مركز المطرية أن شونة التخزين بالمنزلة لا تصلح للتخزين، فهى عبارة عن أرض فضاء فدان ونصف الفدان غير مسورة، لا يحميها حتى سلك شائك يمنع الوصول إليها ويحميها من السرقة، مضيفين: «محصولنا قد يصيبه العفن فى هذه الشون».