3 أرغفة خبز مدعم لكل مواطن يوميا، و5 لترات من البنزين، هى أبرز الملامح المقترحة من حكومة الدكتور هشام قنديل لتحسين أحوال المواطن، وضمان وصول الدعم لمستحقيه. وفى الوقت الذى ينصب التفكير على مسألة الدعم، تختفى الرقابة على الأسواق بشكل ملحوظ، ما أدى الى ارتفاع الاسعار بصورة كبيرة، وهو ما حمل المواطن متوسط ومحدود الدخل أعباء إضافية، تضاءل أمامها راتبه الذى يعانى فى الاساس من تدنى مستواه. خلال شهرى نوفمبر وديسمبر 2012، ذكر تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، تراجع المؤشر العام لثقة المستهلك المصرى فى الأداء الاقتصادى، وانخفاض المؤشرات الثلاثة المكونة له، وهى مستوى دخل الأسرة، والثقة فى السياسات الاقتصادية السائدة، وتوقعات تحسن الحالة المعيشية والاقتصادية للأسرة والمجتمع ككل. «الشروق» عايشت يوما مع أسرة مصرية متوسطة الدخل، لترصد تأثير غلاء الأسعار على دخلها، والأعباء الإضافية التى تتحملها، وقدرة دخل الموظف البسيط على الصمود حتى نهاية الشهر.
ينظر الأب فى قلق إلى ساعته. «الميكروباصات» أصبحت نادرة بسب أزمة السولار، لذلك من الوارد أن يتأخر على عمله رغم أنه نزل إلى الشارع مبكراً منذ السابعة والنصف. أخيراً يتمكن من ركوب ميكروباص، يذهب به من منطقة العجمى حيث يسكن إلى محطة مصر، ثم ينتظر آخر يأخذه إلى سيدى جابر، ثم ثالث إلى عزبة سعد حيث الشركة التى يعمل بها، ليصلها فى التاسعة صباحاً.
الشوادفى العربى موظف فى شركة الإسكندرية للتبريد، يبلغ راتبه الأساسى 850 جنيهاً، بعد 34 سنة عمل لسبع ساعات يومياً، ويصل إلى 2000 جنيه بعد إضافة الحوافز وساعات العمل الإضافية.
«أضطر لاستخدام ثلاث مواصلات، تبلغ تكلفتها ستة جنيهات يومياً، مما يسستهلك نسبة من المرتب.» يقول شوادفى.
فى العمل يتناول شوادفى إفطاراً متواضعاً، من الفول والطعمية، يكلفه 3 جنيهات يومياً.
شوادفى رب أسرة مكونة من زوجة وأربعة أبناء، ينفق ثلثى مرتبه على المأكل فقط «عندى ثلاث أولاد وبنت واحدة، مصروف البيت حوالى 1200 جنيه شهرياً للأكل والشرب فقط، هذا بخلاف إنى وأنا مروح أجيب فاكهة، وأى احتياجات للبيت».
أما المصروف الشخصى للشوادفى فلا يتعدى 13 جنيها، تكلفة المواصلات والإفطار والسجائر. «أدخن علبة فى اليوم ثمنها 6 جنيهات إلا ربع، وأحياناً استغنى عن السجائر فى سبيل توفير مصاريف البيت والأولاد، وأغلبها بيروح فى المواصلات والدروس الخصوصية».
يحمد الشوادفى الله على حاله، فهو فى نعمة كبيرة بالمقارنة ببعض معارفه وجيرانه، «أنا ظروفى أحسن من غيرى، بعض الناس بتقبض باليومية، بياخدوا 11 جنيها فى اليوم وعندهم عيال وبيدفعوا إيجار، على الأقل أنا بيتى ملكى ومش بدفع إيجار».
السلفة هى الصديق الوفى للموظف، على حد قول الشوادفى، أما الأرباح فهى التى تغنيه جزئيا عن هذا الصديق، «كل سنة بناخد أرباح 8 شهور بتسد معانا طول السنة، وبناخد سلف تحت حسابها على دخلة المدارس ورمضان والأعياد. الحمد لله إنى شغال فى شركة قطاع أعمال، وليست مصلحة حكومية عادية لأنها مابيكونش فيها أرباح».
تكاليف العلاج فى حالة مرض أحد أفراد العائلة مشكلة تؤرق الشوادفى، «مش بنعتمد على التأمين الصحى، رغم إننا لينا تأمين، لأننا بنخاف نروح من الإهمال اللى فيه، ولما حد فينا يتعب بنروح لعيادة خاصة، وأنا بحاول أحوش مبلغ من الأرباح احتياطى لو حصلت ظروف زى دى».
تكاليف التعليم مشكلة كبيرة أخرى «التعليم طول عمره فاشل، وفلوس الدروس بتاكل المرتب».
يعانى الشوادفى من الارتفاع المستمر فى الأسعار، مما يربك ميزانية أسرته المحدودة، «الجبنة البيضا وصل سعرها إلى 28 جنيها، والرومى 44 جنيها، وحتى الفراخ اللى تعتبر بديل اللحمة زاد سعرها، ده غير المواصلات اللى زادت مع أزمة السولار، والميكروباص اللى أجرته كانت جنيه وربع بقت 2 جنيه، ومفيش رقابة تمنع تجزئة المسافات، وده سبب إنى باركب 3 مواصلات».
هناك بنود أخرى ثابتة فى ميزانية الشهر، مثل فاتورة الكهرباء، والحد الادنى لها 60 جنيها شهريا، وكذلك أنابيب الغاز، ومتوسط استهلاكها أنبوبتان فى الشهر بمتوسط تكلفة 40 جنيها.
الأم
يبدأ العمل اليومى لزوجة الشوادفى فى المطبخ، حيث تقوم بإعداد الإفطار و«السندوتشات». تجلس لتلتقط أنفاسها، ثم تبدأ رحلتها فى المواصلات للذهاب الى المدرسة التى تعمل بها مدرسة للمرحلة الابتدائية.
تتقاضى حوالى 1000 جنيه شهرياً، تشمل الحوافز والبدلات، تنفق منها على مصاريفها الشخصية التى لا تتعدى 10 جنيهات يوميا تكاليف المواصلات والإفطار، وتساعد بالباقى فى مصروفات المنزل مع زوجها.
تقوم بتقسيم مصروف البيت حسب الأولويات، تحاول التوفير قدر الإمكان لكن الظروف لا تساعد على ذلك.
مثلاً بسبب صعوبة الحصول على الخبز البلدى، تضطر للجوء إلى المخابز الخاصة، والتى تبيع الرغيف بخمسين قرشاً، وأحياناً تعوض العجز فى الخبز بطبخ الأرز أو المكرونة، على حد قولها.
تشترى زوجة الشوادفى صفيحة السمن الكريمة، والتى تبلغ وزنها حوالى 15 كيلو جراما، لعمل السمن الطبيعى منها، لكن سعرها بدورها يبدأ من 220 جنيها إلى 330 جنيها للصفيحة.
الأبناء
الابن الأكبر طالب بالفرقة الأولى بكلية صيدلة، يستقل «ميكروباص» كل يوم للذهاب إلى كليته بالشاطبى، مصروفه الشخصى 350 جنيها شهرياً، ينفقه على المواصلات أو الأكل حيث يقضى ساعات طويلة فى الكلية، أما الكتب التى يشتريها أول كل فصل دراسى فتكلف بين 60 إلى 100 جنيه، بالإضافة إلى بعض المصروفات الأخرى كمصروفات الكلية.
الابن الثانى طالب فى الثانوية العامة، المرحلة الثانية، يذهب إلى المدرسة يومين أو ثلاثة أسبوعياً على أكثر تقدير، ليتفرغ للدروس الخصوصية.
مصروفه الشخصى فى الأيام التى يذهب فيها للمدرسة لا يتعدى بضعة جنيهات، ولكن دروسه الخصوصية، التى تبلغ تكلفة الحصة منها 30 جنيها، تبتلع معظم الميزانية.
الابنة الوحيدة ستلحق بأخيها فى الثانوية العامة العام المقبل، فهى فى الصف الأول الثانوى. تكلفة دروسها التى تتلقاها فى مركز خاص أقل من أخيها، فهى تدفع 80 جنيها للمادة الواحدة شهرياً. مصروفها اليومى لا يتجاوز 3 جنيهات، فهى تذهب إلى مدرستها القريبة من المنزل مشياً على الأقدام. أما الابن الأصغر فمازال بالصف الثانى الإعدادى، ويتلقى بدوره دروساً خصوصية فى نفس المركز الذى تذهب إليه أخته، لكن بأسعار أقل، حيث تكلف المادة 60 جنيها شهرياً، وهو مثله مثل أشقائه لا يذهب للمدرسة كثيراً