زياد تيسير طفل فى الثانية عشرة من العمر، ساقه حظه العسر إلى المرور بموقع الاشتباكات بالقرب من كوبرى قصر النيل بعد خروجه من النادى الأهلى، لم يكن يعلم أنه سيكون ضحية للتعذيب لمجرد أنه طفل بموقع اشتباكات. ويحكى «زياد» أنه تم إلقاء القبض عليه يوم الثلاثاء 29 يناير، أثناء وجوده بالقرب من كوبرى قصر النيل وقت الاشتباكات، وبعدها أخذه ضابط بالقوة داخل المدرعة.
وتابع الطفل «قام الجنود بضربنا ضربا مبرحا داخل المدرعة، وقام العسكرى برفعى من شعرى على الأرض، فى حين ضربنى أحدهم على قدمى، وجاء أحدهم، ويدعى الملازم تامر، وقال لى إذا لم تقل من أعطاك أموالا للتظاهر سأذبحك، ثم أخرج سكينا صغيرا من قدمه».
وأضاف زياد «كان هناك طفل صغير إلى جانبى، وأجاب الضابط بأنه يتلقى 10 جنيهات، وأثناء ترحيلنا أمر الضابط تامر هذا الطفل بأن يستلقى على بطنه وخلع بنطاله، وظل يردد أفظع السباب والشتائم، ثم ذهبنا لمعسكر طرة، قضينا فيه ليلتين، ثم ذهبنا للنيابة، وكان هناك شخص يقولون له «رفعت بيه» يدخل يشتمنا داخل الحبس، يقوم الجنود بنفس الشىء، الذى يقترن بحفل ليلى من التعذيب والضرب بالعصى».
وتنص المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل على أنه «يجب أن يجرى اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقا للقانون ولا يجوز ممارسته إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة»، وينص قانون الطفل المصرى على عدم جواز تحميل الأطفال دون الثانية عشرة المسئولية الجنائية، وعدم جواز وضع الأطفال دون الخامسة عشرة رهن الاحتجاز، بما فيه الاحتجاز المؤقت، وأن السلطات عليها «تجنب حرمان الطفل من البيئة الأسرية إلا كملجأ أخير ولأقصر مدة زمنية مناسبة».
ويؤكد أحمد مصيلحى، المستشار القانونى للائتلاف المصرى لحقوق الطفل، أنه «منذ القبض على الأطفال لحين عرضهم على النيابة، تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب»، وأضاف «حينما نراهم فى تحقيقات النيابة، نجد أن ملابسهم ممزقة من شدة التعذيب، وهناك آثار للضرب فى مناطق متفرقة من الجسم، وبعضهم جاء للنيابة بقدم مكسورة، بالإضافة إلى أن وجههم كان منتفخا من كثرة الضرب».
وأوضح مصيلحى أنه تم عرض الأطفال على النيابة بعد القبض عليهم بمدد تصل الى أربعة أيام بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية، لافتا إلى وجود أرقام قضايا خاصة بالأطفال وحدهم تم عرضها على النيابة العامة، بدلا من نيابة الطفل، بما هو مخالف لنص المادة «122» من قانون الطفل.
وشدد مصيلحى أن الأطفال المحتجزين تم توزيعهم على أكثر من خمس نيابات عامة تقع مقارها فى أماكن متفرقة، الأمر الذى أوضح البيان أنه يعيق حق الأطفال فى وجود محامين متخصصين للدفاع عنهم.
وأوضح مصيلحى أنه خلال الأحداث الأخيرة التى وقعت بميادين مصر وحول قصر الاتحادية منذ 25 يناير 2013 وحتى اليوم، رصدت الوحدة القانونية للائتلاف كم الانتهاكات التى تعرض لها الأطفال بدءا من الزج بهم فى الأحداث وعدم قيام الدول بمسئوليتها تجاه حمايتهم وإبعادهم عن مصادر الخطر الذى قد يتعرضون له، وفقا لصريح قانون الطفل، مرورا باستخدام كافة أشكال العنف الذى يصل إلى حد التعذيب أثناء القبض عليهم وصعوبة إثبات الإصابات البالغة التى تعرضوا لها لعدم جاهزية تقرير الطب الشرعى، مرورا بكل الاجراءات حتى الاحتجاز، حيث تم توجيه نوعية من الاتهامات لأطفال لم يتجاوز أعمارهم ال15 سنة لا يمكن تحملهم مسئوليتها نظرا لحداثة أعمارهم وحيث تم احتجاز الاطفال فى سجون معسكرات أمن مركزى طرة والسلام والجبل الأحمر بالمخالفة للقانون، وتم احتجاز الأطفال مع بالغين فى كل مراحل التحقيقات.
وطبقا للائتلاف فإن 130 طفلا حتى كتابة هذه السطور، تم احتجازهم فى أحداث الذكرى الثانية لثورة 25 يناير.
ورغم نفى النيابة وجود محتجزين من الاطفال فى معسكرات الأمن المركزى بعد زيارة وفد النيابة لهذه المعسكرات، إلا أن مصيلحى أكد أن الاطفال المحتجزين تم توزيعهم على السجون قبل زيارة وفد النيابة.