تحبس اليوم مؤسسة الرئاسة والقوى السياسية أنفاسها فى انتظار نطق المستشار فريد نزيه تناغو بحكم محكمة القضاء الإدارى فى قضية بطلان الجمعية التأسيسية، بعد مرافعات ومداولات استمرت ما يقرب من 135 يوما. وكشفت مصادر قضائية رفيعة المستوى بمجلس الدولة عن أن هناك 3 احتمالات أساسية متقاربة من حيث القوة للحكم اليوم، مستبعدة بشدة أن تقرر المحكمة مد أجل النطق بالحكم، بسبب ضيق الوقت وضرورة الفصل بسرعة فى القضية قبل الانتهاء من إعداد الدستور على يد الجمعية التأسيسية المطعون فى شرعيتها.
وأوضحت المصادر أن الاحتمال الأول حتى الآن هو أن تتبع المحكمة نفس المبدأ الذى اتبعته المحكمة بدائرة مغايرة فى شهر مارس الماضى وتقضى ببطلان الجمعية التأسيسية، باعتبار أن المادة 60 من الإعلان الدستورى كلفت نواب الشعب والشورى المنتخبين بأن يحلوا بدلا من المواطنين فى انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية، وبالتالى فلا يجوز لهم أن ينتخبوا أنفسهم، واعتبار أن القرار إدارى وليس برلمانيا وبالتالى لا يخرج عن اختصاص مجلس الدولة، وأضافت المصادر أن هذا الاحتمال تدعمه حقيقة أنه رغم خلو الجمعية الحالية من أعضاء مجلسى الشعب والشورى، بسبب حل مجلس الشعب واستقالة جميع أعضاء الشورى منها، إلاّ أن العبرة فى تقييم القرارات الإدارية والتحقق من صحتها تكون بتقييم الظروف والملابسات القانونية وقت إصداره، وليس فيما بعد.
ويستند أنصار هذا الاحتمال إلى أن المحكمة ليس أمامها بد من اتباع ما ذهبت إليه سابقتها، لأن القضية لم يتم الفصل فيها من قبل المحكمة الإدارية العليا، كما أن عددا من المدعين دفعوا أمامها ببطلان الجمعية بسبب ضمها حاليا، محافظا و3 وزراء وعددا من مستشارى رئيس الجمهورية، مما يصمها بشبهة الانحياز للسلطة التنفيذية.
وأكدت المصادر عن وجود احتمال قوى آخر، قد تنطق به المحكمة اليوم ويكون مفاجأة للجميع، هو إحالة القانون رقم 79 لسنة 2012 الخاص بتحصين تشكيل الجمعية التأسيسية من البطلان إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستوريته بالنسبة للإعلان الدستورى السارى الصادر فى 30 مارس، وهو ما يعنى بصورة لا شك فيها فتح جبهة جديدة للصراع بين التيار الإسلامى والمحكمة الدستورية، خصوصا أن العلاقات بينهما متوترة أصلا منذ حل مجلس الشعب فى 14 يونيو الماضى.
وكان مجلس الشعب قد وافق على القانون 79 فى ذات يوم تشكيل الجمعية التأسيسية الحالية، بناء على اجتماع ودى تنسيقى بين قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة والقوى السياسية لتشكيل هذه الجمعية بعد الحكم ببطلان الجمعية السابقة، وذلك قبل صدور حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشعب بيومين فقط، إلاّ أن المجلس العسكرى امتنع عن إصدار هذا القانون.
وعقب صدور القرار الجمهورى من الرئيس محمد مرسى رقم 11 لسنة 2012 بعودة مجلس الشعب للانعقاد، صدق الرئيس بالفعل على هذا المرسوم بهدف تحصين أعمال الجمعية التأسيسية، فى يوم 11 يوليو 2012، ولم يصدر أى قوانين غيره، وصدر موثقا برقم 79 لسنة 2012، وقد ركزت عليه الهيئة القانونية لحزب الحرية والعدالة خلال المرافعات كضمان نهائى لتحصين أعمال الجمعية التأسيسية، لكن المدعين طعنوا فى شرعية هذا القانون وأكدوا أنه منعدم بسبب صدوره من الرئيس فى وقت لاحق على تشكيل الجمعية التأسيسية، وفى وقت كان فيه مجلس الشعب منحلا بالفعل بقوة حكم المحكمة الدستورية العليا، كما أنه خلا من ذكر أى معايير لاختيار أعضاء الجمعية، وهى أمور تثير أمام المحكمة بالفعل العديد من الشبهات حوله، وقد يدفعها إلى إحالته للمحكمة الدستورية، وبالتالى يظل مصير الجمعية التأسيسية معلقا حتى الفصل فى مدى صحة هذا القانون.
أما الاحتمال الثالث من وجهة نظر مصادر «الشروق» بمجلس الدولة فمقتضاه صدور حكم على خلاف الحكم السابق كلية، بحيث تأخذ المحكمة بوجهة نظر المستشار طارق البشرى وفقهاء القضاء الإدارى الذين عارضوا الحكم السابق، وتعتبر أن تشكيل الجمعية التأسيسية قرارا برلمانيا بنص دستورى يخرج عن اختصاص القضاء بشكل عام، كما أن لفظ انتخاب المذكور فى المادة 60 من الإعلان الدستورى يشمل اختيار الأعضاء من داخل البرلمان أو خارجه على السواء.
وتؤكد المصادر أنه لا توجد أى موانع قانونية أمام هذا الاحتمال، لأنه لا سلطة للمحكمة السابقة بهيئة مغايرة على المحكمة الحالية، لا سيما وأن المسألة لم تحسم فى الدرجة الأعلى ولم تصدر فيها أى مبادئ حتى الآن