ليه تهدمونى وأنا اللى عزّكم بانى أنا اللى فوق جسمكم قطنى وكتانى عيلتى فى يوم دفنتنى مالقتش أكفانى .. هكذا وصف بيرم التونسي منذ عقود حال الفلاح المصري، وبعبارة أدق الفلاحون هم «المعذبون في الأرض» كما يقول طه حسين.
اليوم 9 سبتمبر يحتفل الفلاح بعيده، فهو اليوم الذى وقف فيه ابن الفلاحين وقائد الجيش المصرى أحمد عرابى عام 1881 ليواجه خديو مصر توفيق، ويقول له: «لن نورث أو نستعبد بعد اليوم»، وهو اليوم الذى أعلن فيه مجلس قيادة ثورة 23 يوليو بقيادة جمال عبد الناصر قرارات الإصلاح الزراعى والقضاء على الإقطاع 1952، ومنه جاء تحديد عيد الفلاحين، ثم يأتى نفس اليوم وقبل عام بقرار المشير طنطاوى، تحويل العيد إلى احتفال قومى وعطلة رسمية.
تاريخ كفاح الفلاحين طويل، فقد عاش الفلاح المصري في كد وفقر ومعاناة حتى قامت ثورة 1952، والتي كان من مبادئها القضاء على الإقطاع، وتوزيع الأراضي على الفلاحيين البسطاء بعد أخذها من الأغنياء، ليتحول الفلاح من أجير إلى مالك، وما لبثت أوضاع الفلاح تتحسن، حتى بدأت دعاوى كون مصر دولة صناعية وليست زراعية كما يتهمها الاستعمار ، وبدأت تتزايد المشاكل والضغوط على الفلاح المصرى، وبدأ معها حال الزراعة فى مصر يزداد سوءا ، وفقدت مصر 36% من أراضيها الزراعية خلال النصف الأخير من القرن العشرين، وأصبحت أكثر من 25% من الأراضى الزراعية فى مصر تعانى مشكلة ملوحة التربة فى 2008، واستولت وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية على مساحة تتراوح ما بين 50 70 ألف فدان سنويا، من أخصب الأراضى الزراعية ليتم البناء عليها.
وقد ظهر نتيجة الاضطهاد الذي يعاني منه الفلاحون العديد من النشطاء المدافعين عن حقوقهم الذين يقفون في وجه الدولة، وما تصدره من قوانين قد تأتي على حقوق الفلاحين، ومن أبرز هؤلاء النشطاء شاهندة مقلد وزوجها المناضل صلاح حسين، الذي مات دفاعا عن فلاحي قرية كمشيش ضد من أرادوا سلب أراضيهم.
انتظر الفلاح المصري بعد ثورة 25 يناير، ووجود رئيس للبلاد، أن يلتفت المسئولون له، ويدركوا أهميه دوره في تقدم مصر، وبعد ستين عاما من الاحتفال بعيد الفلاح، كانت أولى قرارات الرئيس مرسي بخصوص الفلاحيين هو إعفاء 44 ألف مزارع من الديون لبنك الائتمان، ورغم سعادة آلاف العائلات في الريف المصري بهذا القرار، إلا أن الفلاحيين ينتظرون مزيدا من القرارات التي تعيد إليهم حقوقهم، وتجزيهم ما يساوي تعبهم في زراعة الأرض.