الغضب على الوجوه.. اتهامات تتطاير يمينا وشمالا للتجمع فى النهاية وتتجه صوب «الحكومة.. ومحطتها.. ومستشفاها».. إنها قرية صنصفط المسمومة، والتى يتوافد أبناؤها بالمئات تباعا على المستشفيات والوحدات الصحية لتلقى العلاج.. «قىء وإسهال وارتفاع فى درجات الحرارة» أعراض عامة أصابت العشرات من أبناء القرية التابعة لمركز منوف فى محافظة المنوفية منذ الأحد الماضى، ليرتفع العدد إلى مئات فى الأيام التالية، دون معرفة السبب الحقيق فى بادئ الأمر. «الشروق» زارت القرية، والتقت عددا من أبنائها، والذين تحدثوا عن اللعنة التى أصابت قريتهم «لعنة السم».
«كنا بنشرب من محطة الحاج رأفت اللى فتحها من سنتين، وكنا زى الفل، لكن فى العيد العامل أخد أجازة وقفل المحطة، فاضطرينا نشرب من مية الحكومة.. وياريتنا ما شربنا من الحنفيات المسمومة».. هكذا لخصت والدة إحدى نزيلات مستشفى حميات النيل القصة، راوية ما أصاب طفلتها جراء شرب الماء الملوث.
الدكتور عادل سيف مدير الوحدة الصحية بالقرية قال: «بداية ظهور الاعراض، كان ظهر الاحد الماضى، وكانت أشبه بأعراض النزلات المعوية العادية.. عبارة عن قىء واسهال وارتفاع فى درجة الحرارة، وحاولنا اسعافها داخل الوحدة الصحية فى بادئ الأمر قبل أن نقرر إحالة الحالات إلى المستشفيات لضعف الإمكانات». وكان من بين الحالات التى عجزت الوحدة عن إسعافها، أسرة محمد فوزى حيث أصيب خمسة من أسرته بالتسمم، جميعهم يتلقون العلاج فى مستشفى حميات منوف «لأن الوحدة ما قدرتش توقف الإسهال والقىء» حسب فوزى.
وليد الجمل من أهالى القرية قال: «المشكلة بدأت يوم الأحد الصبح.. ومع بداية الاحتفال بالعيد بدأت الأعراض تظهر على الناس.. وبدأت الأعداد تزيد»، ويكشف الجمل عن «صدور توصية من مجلس محلى المحافظة، عام 2009، تفيد بعدم صلاحية مياه الشرب بالقرية، ما دفع الاهالى إلى اللجوء إلى المياه فى القرى المجاورة».
أحمد الحجرى أحد المصابين قال: «فى البداية اعتقدت أننى مصاب بنزلة معوية، فتوجهت إلى الوحدة الصحية، ولكن اكتشفت أن عدد الحالات كبير جدا، جميعهم مصابون بنفس الأعراض، فتوجهت على الفور إلى مستشفى الحميات».
وقال طه رجب فليفل إن عينات محطة المياه الحكومية بالقرية «غير مطابقة للمواطفات»، وأضاف: «والله العظيم حرام يا ناس.. محطة غير مطابقة للمواطفات وشغالة لتصيب الناس البسيطة بالتسمم».
قال شوقى حسب النبى، رئيس محطة المياه فى منوف: «أخطرتنى الوزارة عقب الواقعة بضرورة تنظيف خزانات مياه القرية، وبعد التنظيف بيوم، تم إيقاف التنظيف لسحب عينات لتحليلها فى المعامل المركزية للوقوف على أسباب التسمم»، كاشفا أن العينات التى تم الحصول عليها، تم الحصول عليها بعد تنظيف خزانات المحطة. وأوضح حسب النبى: «المياه كان لونها أصفر وأسود، لوجود النسبة الطبيعية للحديد فى المياه، خاصة أن مياه المحطة لا تمر على فلاتر لتنقيتها».
وحول عدم وجود كلور فى المياه لتعقيمها قال شوقى: «هذا الكلام غير صحيح بالمرة، لأنها نسبة توضع تلقائيا عن طريق موتور يعمل تباعا بعد الإنتاج الأول»، وهو ما دفع الأهالى للصياح وحاولوا إجباره شرب كوب ماء من المحطة إلا أنه رفض بشدة.
وعلى الرغم من تأكيد الشركة القابضة على سلامة مياهها وتشجيعها للأهالى على الشرب من «ماء الحنفية» إلا أنها أرسلت «فناطيس» لتوزيع المياه، وكأنها تؤكد عدم سلامة مياهها.