مجانا.. قوافل بيطرية لعلاج مواشي صغار المربين مجانا بسوهاج    خبير اقتصادي: خطط طموحة لرفع الناتج المحلي الإجمالي 70٪ عام 2027    أسعار الحج السياحي والجمعيات الأهلية 2024    "العاصمة الإدارية الجديدة" تستقبل نائب رئيس مجلس الوزراء البحريني ورئيس البرلمان العربي    جامعة جنوب كاليفورنيا تحظر الدخول لغير طلاب السكن الجامعى بسبب المظاهرات    إعلام عبري: مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة 11 آخرين في كمين بوسط غزة    للمرة ال22.. الأهلي بطلا لكأس مصر للكرة الطائرة على حساب الزمالك    حدد الأسماء.. سبورت: بايرن يشترط إجراء صفقة تبادلية مع برشلونة لرحيل كيميتش    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لسنوات النقل الثانوي بالمعاهد الأزهرية    "جمعت بين زوجين".. كيف دفعت "حسناء أكتوبر" حياتها ثمنًا لإشباع نزواتها؟    بوسي تتألق بفستان أحمر في أحدث ظهور لها والجمهور يعلق    عمرو أديب: مصر لن تكون بيئة خصبة لوظائف البرمجة دون توافر للإمكانيات    نشرة منتصف الليل| أمطار على هذه المناطق.. وتوجيه لشاغلي العقارات المتعارضة مع القطار الكهربائي السريع    سامي مغاوري يتحدث عن حبه للتمثيل منذ الصغر.. تفاصيل    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    الكشف المبكر عن سرطان الكبد.. أسترازينيكا مصر: فحص 30 مليون مصري بحلول عام 2030    محافظ بني سويف يلتقى وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    تريزيجيه يصنع في فوز طرابزون برباعية أمام غازي عنتاب    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    منة فضالي: اكتشفنا إصابة والدتي بالكانسر «صدفة»    انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    صحة الإسماعيلية تنظم قافلة طبية مجانية ضمن مبادرة حياة كريمة    محافظ الدقهلية: دعمي الكامل والمستمر لنادي المنصورة وفريقه حتي يعود إلي المنافسة في الدوري    فرقة بني سويف تقدم ماكبث على مسرح قصر ثقافة ببا    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    امتحانات الفصل الدراسي الثاني.. نصائح لطلاب الجامعات ل تنظيم وقت المذاكرة    دعاء راحة البال والطمأنينة قصير.. الحياة مع الذكر والقرآن نعمة كبيرة    بعد عامين من انطلاقه.. «محسب»: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم والتوافق بين أطياف المجتمع المصري    أون لاين.. خطوات إصدار بدل تالف أو فاقد لبطاقة تموين 2024    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي بمحافظة الأقصر    التشكيل الرسمي للمقاولون العرب وسموحة في مباراة الليلة    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    «حرس الحدود»: ضبط كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر قبل تهريبها    إعلام عبري: 30 جنديًا بقوات الاحتياط يتمردون على أوامر الاستعداد لعملية رفح    فيلم «شقو» ل عمرو يوسف يتجاوز ال57 مليون جنيه في 19 يوما    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    تأجيل إعادة إجراءات محاكمه 3 متهمين بفض اعتصام النهضة    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    وزير الصحة يشهد الاحتفال بمرور عامين على إطلاق مبادرة الكشف المبكر وعلاج سرطان الكبد    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    القوات المسلحة الأردنية تنفذ 6 إنزالات إغاثية جوية على شمال قطاع غزة بمشاركة دولية    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو في حالة اضطراب كامل وليس لديها رؤية    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    بصلي بالفاتحة وقل هو الله أحد فهل تقبل صلاتي؟..الإفتاء ترد    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    البوصلة    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    موعد مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة في إياب نصف نهائي الكونفدرالية    حسام غالي: «شرف لي أن أكون رئيسًا الأهلي يوما ما وأتمناها»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى تدور عجلة السياسة

ربما سأسبح ضد تيار التشاؤم والإحباط المرتبط بالحديث عن الانتخابات ليس رفضا لأسبابه وإنما لتوجيه النظر إلى بعض الفرص التى ما زالت متاحة أمامنا للتغلب على محاولات تمديد المرحلة الانتقالية بتخبطها وضبابية مساراتها. لاشك أن الإدارة السياسية للمجلس العسكرى عليها كثير من التحفظات الجوهرية، حيث إنها قادت إلى تشويه هذه الفترة وساهمت فى تعقيدها، وفرضت علينا واقعا جديدا أدنى من سقف طموحاتنا الثورية، لكن وجب التعامل معه من منطلق تقليل الخسائر أكثر من تعظيم المكاسب. لقد وصلنا الآن إلى لحظة الانتخابات البرلمانية، لحظة تفرض علينا وقفة أمينة مع الذات لننظر لهذه الانتخابات فى إطارها السياسى الكلى.

وبالرغم من سلبيات المنظومة القانونية والتقاعس الأمنى وهشاشة الأحزاب، تظل العملية الانتخابية القادمة خطوة مهمة، لأنها ستدفع عجلة السياسة حتى تبدأ فى الدوران. فقد تخوفنا على عجلة الاقتصاد منذ اللحظة الأولى، ناسين أن بدء العملية السياسية سيزيل بالتدريج حالة عدم التيقن التى تعد وفق الاقتصاديين أهم عقبة أمام الاستثمار وتنشيط الاقتصاد. إن خبر مثل تخفيض ستاندرد آند بورز التصنيف الائتمانى لمصر بعد انخفاض الاحتياطى النقدى من 24 إلى 12 مليار دولار فى هذا الوقت بالذات يجب قراءته قراءة سياسية، لأن المخاطر زادت مع استمرار الاضطرابات وعدم وضوح المسار السياسى، مما أدى إلى التراجع الاقتصادى. ومن ثم فدوران عجلة السياسة شرط لا غنى عنه لدوران عجلة الإنتاج. وإجراء الانتخابات البرلمانية سيكون أول دفعة لعجلة السياسة للأمام، ومازالت هناك فرصة للعمل على أن تكون الدفعة أقوى والتحرك لمسافة أكثر تقدما. يتحدث الجميع عن سلبيات الانتخابات القادمة وهى بالفعل ستثير مشكلات عدة إلا أن هناك أيضا أبعادا إيجابية لابد من الانتباه اليها فى محاولة لاستثمارها بقدر الإمكان.

●●●

فما هى محاور العمل فى المرحلة القادمة لاستغلال ما هو إيجابى ومواجهة ما هو سلبى؟ سؤال لابد أن ننتبه إليه، لنرى الفرص التى تقدمها الانتخابات القادمة لنا.

أولا: توفر الانتخابات فرصة للشارع المصرى أن يمارس دوره كفاعل سياسى رئيسى فى مرحلة ما بعد مبارك، فيشعر المصريون بما حققته الثورة من تغيير، حتى ولو كنا نطمع فى تغيير أكثر عمقا وجذرية. فقد بدأت الهُوة تتسع ما بين الثورة وعموم المصريين، وهى الفجوة التى تعد بحق الخطر الأكبر على استكمال المسيرة الثورية صوب الاستقرار الديمقراطى، بمعنى الاستقرار الحى النابض بمشاركة المجتمع من خلال وسائل عدة على رأسها الانتخابات. وبالتشكيك المستمر فى جدوى الانتخابات تتعمق هذه الفجوة أكثر، وتزداد نبرة الحنين لدى قطاعات من المجتمع المصرى لعهد النظام السابق، بل تدفع إلى عزوف المصريين عن المشاركة فى أول انتخابات نزيهة منذ عقود طويلة. وبدلا من أن نخلق المناخ الإيجابى الذى يشجع المصريين على المشاركة السياسية، نساهم بدون وعى فى بناء جدار جديد من التشكك بين الناس وبين العمل السياسى.

ثانيا: تقدم الانتخابات فرصة للخروج من براثن النخب المتصارعة فى ساحات الإعلام، ومن الدوائر المفرغة التى غذتها صراعاتهم. فلا يجب أن نتجاهل دور القوى السياسية السلبى فى تكريس مناخ الفرقة الذى شجع بل فرض أحيانا على المجلس العسكرى هذا النمط المتردد والمتباطئ من الإدارة السياسية. كما أرجو ألا أن ننسى الدعاوى لتأجيل الانتخابات ومد الحكم العسكرى التى أبعدتنا عن الجدول الزمنى لاستفتاء مارس، وأفرغته من أهم دلالاته: الوتيرة السريعة وتسلسل الخطوات الواضح لنقل السلطة إلى المدنيين. أدعو أن نتعلم من دروس الاستفتاء فلا ندير للانتخابات ظهورنا كما فعلنا بنتائج الاستفتاء، وأهدرنا الوقت فى التشكيك والتخوين المتبادل فيما بين القوى السياسية وفيما بينها وبين المجلس العسكرى، بدون استخدام الخطوة المتحققة كمحرك للخطوة التى تليها، وبدلا من التقدم للأمام نظل ننتقد الخطوة السابقة ونظل محلك سر، وفى عرف الثورة فإن الثبات فى نفس الموقع ما هو إلا تقهقر للخلف.

ثالثا: ستكشف لنا نتائج الانتخابات الحجم الحقيقى للقوى السياسية فى مصر بعد الثورة، ونتخلص من حروب الدعاية التى يدعى فيها كل حزب أنه مدعوم من ملايين المصريين، ويصعد كل طرف من أرقام مؤيديه فى مزاد دعائى أكثر منه منافسة سياسية حول برامج عمل للمرحلة القادمة.

رابعا: على الرغم من أن القانون الانتخابى الراهن يُرجح تكوين برلمان بدون أغلبية مستقرة، لكننا مازلنا نحتاج لمجلس شعب منتخب حتى يوازن سياسيا المجلس العسكرى، الذى يحكم مصر منفردا منذ 11 فبراير 2011. فبمجرد انتخابه سيتمتع بثقل سياسى كبير لكونه الهيئة التمثيلية الوحيدة للشعب المصرى، ولأنه أول مجلس تشريعى منتخب بعد الثورة فى انتخابات نزيهة. كما أن وجوده قبل انتخاب الرئيس يخلق موازنة من نوع آخر: موازنة قوة الرئيس القادم، وهى الموازنة التى نحتاجها لصياغة دور جديد لمنصب الرئاسة فى النظام السياسى ما بعد مبارك. فتعدد المؤسسات السياسية المنتخبة يساهم فى بناء ديمقراطية الغد، ويجعلنا نتعلم من دروس 1954 التى انفرد فيها الرئيس جمال عبد الناصر بالساحة السياسية ونجح فى تسويق الاتجاه الرافض للديمقراطية.

خامسا: لا يمكن إنكار أن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة وقد توفرت لها بعض الضوابط التى تزيد من الرقابة القانونية والمجتمعية مثل: الإشراف القضائى الكامل وضبط الكشوف الانتخابية استنادا إلى بيانات الرقم القومى، ناهيك عن غياب يد الأمن الثقيلة وتدخلات الحكومة المعهودة فى السابق. وجميعها أمور ايجابية توفر الضمانات لنزاهة الانتخابات.

سادسا: لابد من مواجهة مصاعب التجربة الأولى فى أقرب وقت، فكثير من المشكلات الحالية تظهر بسبب ضعف الأحزاب السياسية وحداثة عهد القوى السياسية بالعمل السياسى. إن انهيار التحالفات الحزبية بسبب الخلاف حول القوائم الانتخابية أو بسبب ضم فلول النظام السابق، أمور تنتج عن ضعف الخبرة السياسية وليس عن سرعة إجراء الانتخابات. إنها مصاعب طبيعية فى هذه المرحلة، بل متوقعة بعد ميراث طويل من الاستبدادية. وأزعم انها تحديات لصيقة بأول انتخابات سواء عُقدت الآن أو بعد عام أو حتى بعد عامين. فالتجربة الأولى تظل حبلى بالأخطاء بسبب قلة بل انعدام خبرة التنافس السياسى فى مناح أكثر حرية وانفتاحا، لكنها تظل ضرورية للتعلم منها والبناء عليها فى تجارب لاحقة ستكون أكثر نضجا. مرة أخرى فكرة دوران عجلة السياسة بسرعات متزايدة على مراحل معلنة، والثورية هنا تأتى فى انطلاق أول انتخابات حرة نزيهة فى زمن وجيز. إن العمل الثورى يجب أن يعمل على فتح المجال للعمل السياسى ولا يُعيقه أو يؤخره بحجة حماية الثورة. فالتمييز بين العمل الثورى والعمل السياسى أمر جوهرى خاصة فى سياق الثورة المصرية. فالمرحلة الانتقالية تتأثر حتما بالسمات الفريدة للنموذج الثورى المصرى الذى يغيب عنه قيادة توافقية أو مشروع سياسى موحد. فإذا كان التلاحم بين الثورى والسياسى أوضح فى ثورات أخرى كثيرة، حيث كان الثوار هم حكام المرحلة الانتقالية، فإن الحالة المصرية مختلفة. وحتى القوى الثورية فى النماذج الكلاسيكية للثورات، بتحولها إلى نخب سياسية، تبدأ فى إدراك حسابات السياسة القائمة على التوازن والمفاضلة بين البدائل بدلا من الصدام والارتكان إلى رؤية آحادية للثورة.

سابعا: إنها لحظة لابد أن نواجه فيها أنفسنا بصراحة لنجيب على سؤال مهم: لماذا قام المصريون بالثورة؟ كرامة، خبز، حرية، عدالة اجتماعية، جميعها مطالب اتُفق على أن بناء نظام ديمقراطى هو السبيل الرئيسى لتحقيقها. لذا فإن هناك ربطا طبيعيا بين الثورة والديمقراطية. وإذا ما تمثلنا هذه الحقيقة البديهية فستختلف النظرة إلى الانتخابات، التى من كثرة الهجوم عليها اعتبر بعض الثوار إنها بمثابة إجهاض للثورة وليس خطوة على الطريق الصعب لاستكمالها. إن الخوف من إعادة إنتاج النظام القديم أمر مشروع، بل إننى من المحذرين منه، لكن تتعدد طرق منع ذلك. فلابد من إدراك أن هدم النظام القديم بسياسته وأنماط تفكيره وأشخاصه يحتاج إلى تضافر الجهود المجتمعية مع القوى النخبوية الثورية. العمل الآن يجب أن يتجه إلى الحفاظ على الزخم الثورى فى شكل إيجابى يعمل على توعية الناخبين بدلا من تثبيط هممهم وزرع اليأس فى عقولهم. ولا ننسى أن الثورة قامت لتفعيل دور الشعب فى الحياة السياسة بعيدا عن احتكار أى جماعة نخبوية دون غيرها للحقيقة الثورية. فيجب ألا نخلق فجوة مصطنعة بين الانتخابات والثورة، فالاثنان يعكسان شيئا واحدا ألا وهو الإرادة الشعبية.

ثامنا: استكمالا لفكرة تمكين المجتمع وشحذ قدراته، يمكن الإشارة إلى دوره فى تفعيل العزل السياسى، فحتى الآن يبدو للأسف أن المجلس العسكرى يتجه إلى مجرد الاكتفاء بتغيير اسم قانون الغدر إلى قانون مكافحة إفساد الحياة السياسية فقط، بدون إبعاد حقيقى لكافة قيادات الحزب الوطنى فى محافظات مصر وأعضاء مجلسى الشعب والشورى فى انتخابات 2010، وهو بالمناسبة إجراء مُتبع فى نظم سياسية كثيرة منها دول غربية لتأمين مسار العمليات الانتخابية من تأثير الوجوه والتيارات المرفوضة شعبيا والمُعوقة للعمل الديمقراطى. وهنا يظل العزل الشعبى المفروض من الشارع هو الوسيلة المتبقية فى يد الناخبين. فعلى الناشطين ومؤسسات المجتمع المدنى أن تنشط فى كشف رعاة الفساد فى الحزب الوطنى، فالدرس الاول من ثورة 25 يناير هو أن المجتمع اكتشف قوته ويستطيع أن يُنفذ إرادته بغض النظر عن موقف الحكام. وقد بدأت إرهاصات هذا الحراك الشعبى الواعى فى الإسكندرية من خلال حملة «إمسك فلول»، وهى حملة على شبكات التواصل الاجتماعى لكشف هذه الرموز الفاسدة التى أطلت علينا من جديد فى قوائم المرشحين وتراهن على ضعف ذاكرة المصريين، ولنعمل على أن تمتد هذه الجهود إلى محافظات مصر. كما يمكن لنا استخدام قوة العصبية والعائلات فى الأقاليم للمساعدة فى عملية العزل الشعبى، بدلا من الهجوم على الاثنين: الفلول ودور العائلات الكبرى فى الانتخابات. الحزب الوطنى المنحل كان يقرأ الواقع الاجتماعى فى الريف ويستغله، فلماذا لا تتجه المساعى إلى دعوة العائلات الكبرى لتقديم افضل عناصرها للعمل السياسى بدلا من الصدام مع ثوابت مجتمعية نحتاج إلى عقود من اجل تطويرها. فلنجعل العصبية أداة بناء للديمقراطية بدلا من أن تكون سندا للفلول.

●●●

إن السيناريوهات البديلة للانتخابات القادمة لا تقل ضبابية عنها بل ربما تزيد عليها. الحديث الآن عن أن مسارات أخرى هى الأنسب مثل العودة لجدل الدستور أولا، أو تأسيس مجلس رئاسى، أو انتخابات رئاسية أولا، أو مقاطعة الانتخابات، أو حتى ثورة غضب ثانية لا يفيد فى هذا التوقيت، فجميعها بدائل لا يمكن الاعتماد عليها إلا بعد فشل الانتخابات أو تأجيلها، خاصة فى ظل الانقسامات النخبوية الشديدة، وغياب الإجماع الوطنى المتحقق فى أيام ثورة 25 يناير الأولى. الأمر الذى يُبقى على مبدأ اللجوء إلى الشعب وبدء استخدام أبجديات قواعد اللعبة الديمقراطية ممثلة فى الانتخابات، والتعود على الاحتكام إليها لحل الخلافات، هو المسار الأسلم الآن. فربما لحماية الثورة فى هذه المرحلة الحساسة، علينا الانتباه للفخاخ العديدة المزروعة فى الطريق والعمل على تخطيها ليس بتفجيرها فى وجوه الكل بل على المناورة فى المساحات المفتوحة، ولكن فى اتجاه محدد للأمام من أجل الوصول إلى غاية كبرى، ألا وهى وضع اللبنة الأولى للعمل الديمقراطى. فلابد أن تتحرك عجلة السياسة حتى تدور عجلة الوطن بأكمله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.