«لما طلعت على المسرح ما عرفتش أعمل حاجة، همه قدروا بسرعة يفكروا ويمثلوا بكل ثقة من غير ما يخافوا، لما مدرب المسرح قال كل اتنين يمثلوا مشهد، أحمد بلبل مثل أنه بوليس وعسلية هو الحرامى». قالها عمر إمبابى من طلبة الصف الثانى الثانوى بمدرسة الشويفات، خلال مشاركته فى المعسكر الذى يشارك فيه 20 طفلا من أطفال الشوارع، لمدة 20 يوما داخل مقر المدرسة فى 6 أكتوبر.
ويشرح حسين أو عسلية كما يسميه زملاؤه، يومياته خارج المعسكر «بنام فى النافورة اللى فى ميدان المنيل بالليل أنا وعيال تانية، والصبح الراجل اللى بيشغل النافورة ييجى يصحينا، كل واحد يروح يشحت أو يمسح عربيات عشان ناكل ونشترى هدوم نلبسها».
عسلية، 13 سنة لكنه يبدو فى سن الثامنة، قضى 7 سنوات فى الشارع، ويعرف مكان بيته فى بولاق، ويقول إنه ترك البيت لأن والده ووالدته كانا يضربانه.
لكنه كأغلب أطفال الشارع يعرف طريق الجمعيات الاهلية التى تقدم لهم خدمة الاستقبال النهارى، كالجمعية المصرية لبناء المجتمع بمصر القديمة، «ساعات بنستحم فى النيل وساعات نروح الجمعية نستحم ونغسل هدومنا، وناكل وننام ونلعب، لغاية ما تقفل الساعة 5 نرجع الشارع، وفى العيد بتجيب لنا هدوم وتودينا لأهلينا نقعد معاهم وبنمشى بعد العيد».
عمر تعلم من عسلية وبلبل وتأتأ وغيرهم أن «مش كل الناس محظوظة، وساعات اللى حظه اقل بيكون عبقرى، لما واحد اتعور امبارح واحنا بنلعب كورة، عسلية قال ماحدش يلمس دمه عشان ممكن ييجى له ايدز، ماكنتش فاكرهم بالذكاء ده ولا عارفين المعلومات دى».
ويعترف رامى خلف من طلبة المدرسة «همه اللى كسروا الحاجز أنا أصلا مش اجتماعى لقيتهم بيكلمونى، ولقيت نفسى بعاملهم زى أصحابى».
«كنت خايفة وباقول لنفس هاتعامل معاهم ازاى، لكن لما قربت منهم لقيتهم طيبين وعندهم روح حلوة وفرحانين، كنت فاكره ان ظروفهم هاتخليهم زعلانين» هكذا اختلفت مشاعر دينا سلام الطالبة بالصف الثالث الثانوى بالمدرسة.
قبل بداية المعسكر نصح الكابتن رياض من جمعية بناء المجتمع طلبة المدرسة، بألا يسألوا الاطفال عن عائلاتهم أو تاريخهم، ونصائح أخرى حتى تسير الامور على مايرام داخل المعسكر، الذى يقضى فيه الاطفال طوال اليوم داخل المدرسة وفى المساء يبيتون فى شقتين استأجرتهما المدرسة بالقرب من المدرسة، وقبل النوم يسبحون فى حمام مركز شباب الشيخ زايد، ورصدت المدرسة لكل هذه الانشطة وغيرها 50 ألف جنيه.
سماح عبدالعاطى مديرة الجمعية اختارت عسلية وأحمد نبوى الذى يبيع المناديل فى رمسيس، ومروان الذى شهد أحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود وغيرهم، من المترددين على الجمعية بانتظام ويستجيبون لممارسة أنشطتها.
«20 يوم ممكن فعلا يغيروا طفل، ويخلوه يعرف يتعامل مع الناس كويس، سمعنا منهم كلمات ماكانوش بيستخدموها زى لو سمحت وشكرا، وكتير منهم بدأوا يقرأوا ويكتبوا مع أبلة سهير المسئولة عن الحضانات، خصوصا اللى دخلوا مدارس قبل كده»، قالها بحماس مدرس الفيزياء المشرف على المعسكر محمد رزق الله.
رزق الله يحلم بعودة هؤلاء الاطفال لبيوتهم «احنا وصلنا 90 مدرسة دولية، لو كل المدارس اهتمت بأن لها دورا مع أطفال الشوارع، ممكن أغلب الاطفال دى ترجع بيوتها، زى ما حصل مع كتير من اللى شاركوا معنا فى معسكر السنة اللى فاتت، واحنا مستعدين نديهم خبرتنا».