في مثل هذا اليوم الثاني من أغسطس عام 1990 أعطى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الضوء الأخضر لقواته بغزو الكويت، وذلك بعد عامين من نهاية الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات من الدمار والخراب، والتي كانت تبعاتها مأساوية ما زالت آثارها ممتدة حتى الآن على المشهد العربي والإقليمي. بدأ الهجوم العراقي فجأة مع بزوغ فجر الثاني من أغسطس بدخول قطع هائلة إلى الكويت تصاحبها غطاء جوي بالطيران الحربي، ما أسفر عن تدمير العديد من المنشآت الكويتية ولا سيما النفطية منها، دون أدنى اعتبار لعروبة أو قومية عربية أو حتى الأعراف الدولية التي تجرم الاعتداء على دولة أخرى.
النظام البعثي الذي انتمى إليه صدام حسين كان يعتبر الكويت جزءا من دولة العراق، ودائما ما كان صدام يردد أن الكويت هي المحافظة العراقية ال 19، ما دفع النظام الديكتاتوري المستبد إلى محاولة ضمها بطريقة قسرية تحت شعار عودة الفرع للأصل، مستندا إلى قوته العسكرية، وتحالفات سياسية هشة لم توفر له غطاءً كافيا لتبرير الغزو العراقي للكويت، ففي فبراير 1989 تحالف النظام العراقي مع الأردن ومصر واليمن فيما عرف بمجلس التعاون العربي، والذي يضم "فقراء العرب"، في مواجهة نظم الخليج التي دائما ما كان صدام يراها عميلة وغير مبالية بالشأن العربي وأزمات الشعوب العربية، على حسب وصفه، ما تسبب في شق الصف العربي وتمخض عنه بعد ذلك لجوء دول الخليج إلى الحماية الأمريكية عن طريق السماح بإنشاء قواعد عسكرية أمريكية مقابل النفط ومقابل تعهدات بشراء الأسلحة الأمريكية بمليارات الدولارات.
ومنذ ساعات الغزو الأولى انفض هذا التحالف بعد موقف الرئيس السابق حسني مبارك المعارض للغزو، وقد اتسم الموقف المصري بالخصوص بالتميز وسرعة التجاوب مع الحدث، وعلى هذا الأساس جاء تنوع التحرك المصري وتصاعده، بدءا بالتحرك الدبلوماسي لاحتواء الأزمة وانتهاءً برفض الغزو العراقي وإرسال قوات عسكرية مصرية للخليج لما يشكله هذا الغزو من أخطار حقيقية لا تهدد أمن الخليج فقط وإنما تمتد لتشمل الأمن القومي العربي ككل.
وفي أكتوبر عام 1990 عقد مؤتمر جدة الذي تمخض عن الوقوف إلى جانب الكويت ومساندة شرعية أميرها الأسبق الشيخ جابر الأحمد والشيخ سعد العبد الله الصباح، واستمر الكفاح الكويتي والضغط العربي إلى أن تم تحرير الكويت في 26 فبراير عام 1991 وانتهت الحرب وقد أكلت من أرواح واقتصاد المنطقة شيئا كثيرًا، بعد أعنف مغامرة إجرامية في تاريخ المنطقة كانت بداية التدخل الغربي في الشأن العربي إلى حد التخلص من بعض قادته مثلما انتهى الحال بصدام على يد الأمريكان، وبما تمخض عن هذا الغزو من خيار أوسلو الذي رسم ملامح جديدة لقضية فلسطين، واليوم يتذكر الكويتيون بعد 22 عاما كيف تجاوزوا الأزمة ليصبح الاقتصاد الكويتي من أقوى اقتصادات المنطقة بأسرها، ما يعكس روح المثابرة والنضال.