لم يكن الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في إسرائيل في العام الماضي، والذي يقضي بسجن الرئيس السابق «موشيه كاتساف» لمدة أحد عشر عامًا، بتهمة الاغتصاب والتحرش الجنسي، سوى مؤشر علي ارتفاع معدل جرائم الاعتداء الجنسي في المجتمع الإسرائيلي، ووصولها حتى الطبقة السياسية الحاكمة. حيث امتدت خريطة التحرش الجنسي في إسرائيل من قصر الرئاسة إلى الكنيست، وأماكن العمل؛ وتقول عضوة الكنيست الفاتنة عنبال جبريئيلي: "زملائي أعضاء الكنيست يحاولون التحرش بي منذ أدخل القاعة صباحًا، وحتى انتهاء الجلسات ليلا، ولا يتورع النواب المتدينيون عن ملاحقتي."
ولا يقتصر التحرش على نواب البرلمان الإسرائيلي، ورئيس الدولة، فقائمة المدانين قضائيا تشتمل على سياسيين وإعلاميين وجنرالات ووزراء من أبرزهم أفيجدور كهلاني وزير الداخلية الأسبق، وإسحاق مردخاي وزير الدفاع الأسبق الذي أدين بارتكاب جريمتي التحرش والاعتداء الجنسي، وأُجبر على الاستقالة، و حكم عليه بالسجن لمدة ثمانية عشر شهرًا مع إيقاف التنفيذ.
ودفع انتشار هذه الجرائم في الوسط السياسي صحيفة «هارتس» إلى القول: "إن الوضع في إسرائيل على حافة الانهيار على الصعيدين السياسي والأخلاقي، وأن إسرائيل تسير في طريق مسدود".
وعلي الرغم من أن إسرائيل أصدرت في عام 1998 قانونا لمنع التحرش وشددت عقوبته إلى السجن لمدة عامين، وفرضت عقوبة مالية كبيرة على أصحاب الأعمال الذين لا ينشرون هذا القانون في لوحات الإعلانات، فقد زاد معدل ارتكاب جرائم التحرش، وزادت شكوى الموظفات والعاملات وطالبات المدارس، وارتفع عدد ضحايا العنف الجنسي.
وكشفت دراسة أجراها قسم الأبحاث في وزارة الصناعة والتجارة والبنية التحتية الإسرائيلية، أن: "عدد النساء اللاتي تعرضن للتحرش في العمل يتراوح ما بين 40% و35%، وأن 40% منهن يشعرن أن أماكن العمل بيئة صالحة للتحرش الجنسي، وأن 19.2% من اللاتي تعرضن للتحرش انخفضت قدرتهن على العمل والإنتاج، وأن 5% قد قللن من أيام عملهن".
وتشهد المدارس الإسرائيلية عنفا جنسيا متزايدا، ففد أظهر بحث أجراه الدكتور توم جمبل، والدكتورة عانات زوهار، من الجامعة العبرية في تل أبيب، أن: "العنف الجنسي في المدارس منتشر على نطاق واسع، وأن عشرات الآلاف من التلاميذ ضحايا للعنف الجنسي في كل عام، وأن المجتمع الإسرائيلي يغض الطرف عن هذه الظاهرة إلى حد كبير".
وانفردت صحيفة «هاآرتس»، بنشر تقرير أعدته رابطة مراكز مساعدة ضحايا العنف الجنسي يظهر أن: "تلك الظاهرة قد تفاقمت خلال العام الماضي وحتى شهر يونيو من العام الجاري، إذ يكشف التقرير أنه من بين أربعين ألف شكوى هناك 30% تتعلق بالاعتداء الجنسي علي الأطفال تحت سن الثانية عشرة، وأن نصف الشكاوى تحدثت عن اغتصاب أو محاولة اغتصاب، وأن ربع الشكاوى تحدثت عن زنا المحارم".
وقالت ميخال روزين، مدير الرابطة لصحيفة «هارتس»: "على السلطات المختلفة تحمل مسؤولياتها تجاه ضحايا العنف الجنسي، والاعتراف بظاهرة العنف الجنسي ككارثة تهدد الدولة ينبغي مكافحتها".