اختلفت آراء القانونيين حول تصديق الرئيس محمد مرسى على قانون تشكيل الجمعية التأسيسية الذى أعده مجلس الشعب قبل الحكم بحله، إلا أنهم اتفقوا على أنها «محاولة قانونية ذكية لسد الذرائع أمام احتمالات الحكم ببطلان الجمعية فى محكمة القضاء الإدارى غدا». وتغيرت المعطيات القانونية لقضية حل الجمعية التأسيسية قبل جلسة نظر دعاوى حل الجمعية التأسيسية بأربع وعشرين ساعة فقط، حيث أصبح أمام المحكمة الآن قانون ينظم قرار تشكيل الجمعية، والقوانين بطبيعة الحال تخرج عن اختصاص محكمة القضاء الإدارى، إلاّ أن مصادر قضائية رفيعة المستوى أكدت ل«الشروق» أن المحكمة برئاسة المستشار عبدالسلام النجار هى التى ستحدد مدى تأثير إصدار القانون على القضية.
وشرحت المصادر هذه الرؤية قائلة: «يمكن أن تعتبر المحكمة التصديق على القانون غير ذى جدوى باعتباره لاحقا على تاريخ تشكيل الجمعية المطعون فيها، فتتصدى لقرار التشكيل سواء ببطلانه أو تأييده، كما يمكن أن ترى فيه شبهة عدم دستورية فتحيله إلى المحكمة الدستورية العليا، وبالتالى تبقى كل الاحتمالات مفتوحة».
المستشار طارق البشرى، رئيس لجنة التعديلات الدستورية 2011، قال إن تشكيل الجمعية التأسيسية الحالى صحيح ويتوافق مع المادة 60 من الإعلان الدستورى، لأنها أطلقت يد النواب المنتخبين فى اختيار أعضاء الجمعية دون قيود، سواء من داخل البرلمان أو خارجه، مؤكدا أن «القانون الجديد الذى صدر لا يحمل جديدا، وليس من فائدته إضفاء الشرعية، لأن الجمعية التأسيسية شرعية أصلا».
وأضاف البشرى أن قرار تشكيل الجمعية التأسيسية «سيادى وليس إداريا، وغير خاضع لقضاء مجلس الدولة من الأساس، لأنه ينفذ نصا دستوريا منح النواب المنتخبين بمجلسى الشعب والشورى سلطة سيادية غير قابلة للطعن، كسلطة تعيين رئيس الحكومة والوزراء».
وفى السياق قال المستشار عادل فرغلى، الرئيس الأسبق لمحاكم القضاء الإدارى، إن صدور هذا القانون يحصن تماما أعمال الجمعية التأسيسية، ويجعل نظر دعوى بطلانها خارجا عن اختصاص مجلس الدولة، مؤكدا أن المادة الأولى من القانون التى تضفى صفة الرقابة التشريعية على قرار تشكيل الجمعية التأسيسية تجعل الطعن على هذا التشكيل حكرا على المحكمة الدستورية العليا وحدها. وأشار فرغلى إلى أن المحكمة ليس من سلطتها مراقبة عمل تشريعى بنص مجلس الشعب، فهذه الأمور يجب أن تخرج عن اختصاص القضاء الإدارى بموجب قانون مجلس الدولة، فما حدث أمس هو أن الرئيس حاول سد الذريعة التى كانت تنفذ منها دعاوى بطلان هذه الجمعية. وأكد فرغلى أن تصديق الرئيس على القانون وإصداره لاحقا لتشكيل الجمعية التأسيسية «ليس فيه شبهة مخالفة الدستور أو البطلان، لأن إصدار التشريع لاحقا على التصرف يعدل الشكل الخاطئ، لا سيما أن هذا التشريع لم يسبقه تشريع آخر ينظم تشكيل الجمعية التأسيسية، بل هو شرح لتنفيذ نص دستورى».
وفى المقابل قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن إصدار القانون يعتبر مخالفة صريحة للإعلان الدستورى المكمل، لأن سلطة التشريع الآن بحوزة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكان يجب موافقته على القانون أولا ثم رفعه للرئيس للتصديق عليه.
ويرى الجمل أن إصدار التشريع لاحقا على تشكيل اللجنة به شبهة انحراف تشريعى، إلاّ أنه يعبر عن محاولة قانونية للالتفاف على البطلان وسد الذريعة التى يمكن أن تستند لها المحكمة للحكم ببطلان الجمعية، مشددا على أن التشكيل مازال معيبا لمخالفته حكم القضاء الإدارى ببطلان الجمعية السابقة لضمها برلمانيين إلى جانب المستقلين.
وأضاف الجمل أنه يمكن الطعن على دستورية هذا القانون، لمخالفته الإعلان الدستورى المكمل وقواعد إصدار التشريعات، بالإضافة إلى التفافه على حكم القضاء الإدارى بصورة صريحة، بأن اعتبر قرار تشكيل الجمعية التأسيسية عملا من أعمال الرقابة التشريعية.