تقف أبلة نادية مدرسة اللغة الانجليزية الأكثر شهرة فى مدينة نصر ومصر الجديدة، على منصة قاعة مركز الأزهر للمؤتمرات، ممسكة الميكروفون، ليصل صوتها إلى جمهور من 1300 طالب هى سعة القاعة، قبل ساعات من امتحان الثانوية العامة. نادية اسم مستعار، ومركز الأزهر للمؤتمرات حقيقى، لكن لا علاقة له بجامع الأزهر أو الجامعة، لكنه مشروع خاص يقع فى شارع الطيران، وفى وقت الذروة تتحول القاعة الكبرى، وهى الأندلس، إلى فصل يتسع للمئات من التلاميذ، الذين يجلسون الآن أمام أبلة نادية. ومثل الرئيس السابق حسنى مبارك الذى اعتاد الوصول كل عام لنفس القاعة للاحتفال الرسمى بليلة القدر وتكريم حفظة القرآن الكريم، توافد طلاب الثانوية العامة إلى «ليلة قدرهم» التى انتظروها شهورا طويلة، حتى التهمت مدخرات عائلاتهم.
18 مليار جنيه هى حجم ما تنفقه الأسرة المصرية على الدروس الخصوصية، بحسب شيخ التربويين العرب حامد عمار، الذى يرى أن هذه الدروس تحرم الفقراء من دخول التعليم العالى، حيث لا تزيد نسبة المتفوقين من الطلاب الفقراء على 0.5%، أى أقل من واحد بالمائة، فيما لا تتجاوز نسبتهم فى مجمل الجامعات عن 4.3%.
ليلة المراجعة تجمع طلاب مراكز الدروس الخصوصية المتعددة التى تدرس فيها معلمة الانجليزى طوال العام، والدخول أيضا ب «كارت السنتر»، تماما مثل دعوات الدخول التى كان يحملها كبار رجال الدولة لحضور الاحتفال.
مساعدو أبلة نادية من صغار المعلمين، يرتبون دخول وخروج طلاب المحاضرتين الأولى والثانية التى تمتد إلى منتصف الليل، للقاعة التى وصل الإيجار إلى 10 آلاف جنيه يوميا، ولمدة أربعة أيام.
قطعت السيارة المسافة من وسط المدينة لمدينة نصر فى ثلث ساعة، على غير العادة حين كانت تستغرق أكثر من ساعة. «طوارئ الثانوية العامة يا أبلة»، قالها السائق مبررا سرعته على كوبرى أكتوبر.
تخلصنا من «حالة الطوارئ» التى حكمتنا أكثر من ثلاثين عاما، لكننا بقينا فى طوارئ الثانوية العامة، التى تحاصر 880 ألف أسرة، وبيزنس ساعاتها الأخيرة مختطفا آخر جنيهات من جيوب الآباء والأمهات.
«الشروق» ترصد فى هذا التحقيق فاتورة الألم التى تدفعها العائلات المصرية، و800 ألف طالب وطالبة يخضون معاناة الثانوية العامة هذه الأيام.
آخر مائة جنيه من مدخرات نيفين أعطتها لابنتها نوران لتدفع منها 75 جنيها للسنتر من أجل محاضرة ليلة الامتحان فى قاعة المؤتمرات، «كنت عاملة حسابى إن دروس ثانوية نوران هاتكلفنى 10 آلاف جنيه، ودخلت جمعيتين.. عشان ما اتزنقش واضطر أبيع حاجة من البيت زى جارتى سماح». نوران الطالبة فى مدرسة أم كلثوم الثانوية التجريبية بجسر السويس، بدأت دروس الصف الثانى الثانوى (المرحلة الأولى من الثانوية العامة) منذ أغسطس من العام الماضى بأحد مراكز الدروس الخصوصية الشهيرة فى مدينة نصر، باشتراك يتراوح بين 600 و700 جنيه شهريا. 120 جنيها تدفعها شهريا نظير 4 حصص للغة الانجليزية، و100 لكل من اللغة العربية والرياضيات، و40 للحصة الواحدة فى الألمانية فى منزلها، التى لا يقبل عليها سوى القليل. أما التاريخ فهو قصة، حيث يحصل مدرس المادة الشهير الذى يمتلك مدرسة كبرى فى مدينة نصر يسعى لتكون دولية، على 140 جنيها شهريا و40 أخرى ثمن مذكرات كل فصل دراسى، فيما تكلف حصة مراجعة واحدة 100. حصص المراجعة بيزنس مختلف. يقرر المركز الذى تدرس فيه نوران أن يحولهم لمركز «زميل» فى شارع الطيران، قاعاته أكبر، تتسع لحوالى 400 طالب، بدلا من 200 هم عدد طلاب الحصص العادية. يومها تكون حصة التاريخ بمائة جنيه، والعربى 55 (50 للمدرس و5 للسنتر). «نحلوا وبرنا..أسعار الدروس الخصوصية حسب سمعة المدرس ولما يكون ابنك عايز مدرس معين ما تقدرش تقول له لأ» قالتها نورا أميرى، والدة أحمد الطالب بالصف الثالث بمدرسة بى بى سى للغات بمدينة نصر. وأكملت «عشرة آلاف جنيه خلصت كلها على الدروس من أغسطس اللى فات، بعد ما ضاعف المدرسين الحصص فى الشهر الأخير، مافيش شهر أقل من ألف جنيه تقريبا، وعشان كده باعتذر عن المناسبات الاجتماعية عشان أهرب من المجاملات، بعد ما استغنينا عن حاجات كتير فى الأكل وغيره».
2يا عزي زى گلنا مافيايشرح عادل مدرس الجيولوجيا بمدرسة النصر التجريبيبة بالمنيل معنى سمعة المدرس قائلا: «سمعة المدرس الخصوصى شىء غال بالنسبة له، وتلبى لديه رغبته فى المكانة الاجتماعية، لأنه يبنيها فى سنوات طويلة، وهى تعنى أنه أستاذ متمكن فى مادته». ويتساءل عادل الذى يعمل مدرسا منذ 30 عاما ولا يتعدى راتبه 1850 جنيها «لماذا يقولون عن المدرسين أنهم مافيا الدروس الخصوصية، ولا يقولون هذا على الطبيب الذى يذهب للمستشفى الحكومى فى الصباح، وفى عياداته الخاصة بعد الظهر، وكذلك المحامى الذى يمارس عمله فى الشئون القانونية باحدى الجهات نهارا، وفى مكتبه مساء». يتذكر عادل يوم مشاركته فى تكريم المعلمين المثاليين على مستوى الجمهورية قائلا: «كلهم (المعلمين المثاليين) بيدوا دروس، وإذا كانوا يطالبون المدرس بالتخلى عن الدروس الخصوصية، فعليهم أن يعاملوه كالقاضى فى الكادر المالى وفى المكانة الاجتماعية». وعند سؤاله عن دخول المدرسين قال «فى مدرسين بيصل دخلهم 3 آلاف جنيه يوميا من المراكز». لكنها دخول المدرسين المشهورين «الحيتان» كما تصفهم مدرسة الإنجليزى بالإعدادية نشوى عبدالمحسن، ويقدرهم عضو اتحاد المعلمين بالإسكندرية سيد البدرى بأنهم لا يتجاوزون 3 آلاف مدرس من مجموع مليون ونصف هم عدد المعلمين. ومع ذلك ليس جميع هؤلاء «المشاهير» هم من المعلمين، فكثير منهم «دخلاء على المهنة»، كما يؤكد مدرس التاريخ فى مدرسة الطبرى بمصر الجديدة ناصر برقى. ويشير ناصر الحاصل على دكتوراه فى مناهج التاريخ «أشهر مدرس تاريخ بمدينة نصر ومصر الجديدة خريج زراعة». كما أن المراكز بها الكثير من الأطباء والصيادلة والمهندسين، إضافة إلى مدرسين استقالوا من مدارسهم ليبتعدوا عن عيون الضرائب. «هما شطار فى تحفيظ إجابات 500 أو 600 سؤال، ينساها الطلبة بعد أقل من شهرين على الامتحان، لأننا بنضحك على بعض»، بحسب سيد البدرى. ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------ 3مراجعة فى قاعة أفراحفى المحافظات خاصة الصعيد، تقل أسعار الدروس الخصوصية عن المدن الكبيرة، فلا تتعدى حصة الرياضيات أو باقى المواد الأخرى واللغات عن 15 جنيها أو 20، «ليلة الامتحان عندنا زى أى حصة لأن أولياء الأمور ما تقدرش تدفع أكثر من كده»، بحسب عبدالنبى عبدالحافظ موجه الرياضيات بإدارة الفيوم التعليمية. وأقصى عدد يمكن أن يجمعه المعلم من الطلاب من 30 40 طالبا، ويستأجر المعلم شقة لإعطاء هذه الدروس».. الثانوية العامة عندنا مجهود طالب أكثر منه مجهود مدرس». والأمر نفسه فى طنطا، وإن كان بعض المعلمين يلجأون لاستئجار قاعات الافراح الكبيرة لجمع أكبر عدد من طلابهم فيها، خاصة فى التاريخ واللغة العربية «بيستخدموا الميكروفون والداتا شو والسبورة التفاعلية الذكية، عشان مافيش وقت للنقاش أو الشرح ويقدروا يجذبوا كل الطلبة «كما تقول حنان عباس مدرسة اللغة الفرنسية بمدرسة الحكمة الثانوية بطنطا. سوق الدروس الخصوصية يتأثر بقرارات وزارة التربية والتعليم، فيما يتعلق باحتساب أعمال السنة ضمن درجات طلاب سنوات النقل، وكلما زادت نسبة هذه الدرجات ارتفعت فرص مدرسى الفصول فى الدروس الخصوصية، وكلما قلت زادت معها فرص المدرسين أصحاب الشهرة، الذين يقصدهم الطلاب بمحض إرادتهم. وفى طريق محاربتها للدروس الخصوصية أعلنت وزارة التربية والتعليم قبل أيام عن تحويل نظام الثانوية العامة من نظام العامين إلى العام الواحد. وفى اليوم نفسه انطلقت مدرسة اللغة الانجليزية بمدرسة السادات التجريبة بمدينة نصر نشوى عبدالمحسن، لتسحب مقدم الحجز، الذى دفعته لابنتها نظير اشتراكها فى الدراسة بأحد مراكز الدروس الخصوصية الشهيرة بالحى. كانت نشوى قد سابقت الزمن قبل عطلة نصف العام، لتحجز لابنتها فى «السنتر» نظير 400 جنيه عن المادة الواحدة شهريا، بالإضافة 100 أخرى ثمن أوراق الدرس الذى يكتبها المدرس (الملزمة)، وقدمت نسخة من الشهادة الاعدادية لابنتها، ليطمئن السنتر إلى استيفائها شروط الدراسة بها، وأنها حاصلة على مجموع أكثر من 95%، ليضمن بقاء سمعته «الطيبة». «طبعا اضطررت للاشتراك لابنتى عند مدرس لغة انجليزية، مع أنى مدرسة لنفس المادة وأستطيع أن أذاكرها فى المنزل»، تقولها نشوى بأسى وغضب. تبرر نشوى تصرفها، بأن معلم المرحلة الثانوية أقدر على معرفة شكل امتحان الثانوية العامة، وتدريب ابنتها عليه «عايزة أكون عملت اللى عليا قدام ربنا». ورغم أنها مدرسة تحمل نشوى المدارس مسئولية انتشار الدروس الخصوصية فى كل مراحل التعليم، «لو كان هناك تدريس داخل المدرسة بما يرضى الله، لحجزت لها فى أيام المراجعة فقط، لكن الرقابة قليلة على المدارس الثانوية، وبعض المدرسين يذهبون للمدرسة لبعض الوقت، بعدها يتوجهون لمراكز الدروس، التى تحولت إلى مدارس، فى كل فصل 80 طالبا، وينتشرون تحت اسم جمعية خيرية لخدمة المجتمع، ووزارة التعليم تغمض عينها عنهم». تقول نشوى «أنا وكثير من المعلمين نرغب فى الاكتفاء بزيادة دخلنا من خلال المجموعات المدرسية، لنقضى وقتا أطول مع أسرنا». وتتحسر «رسوم المجموعات لم تتغير من 20 سنة، آخذ 20 جنيها شهريا عن كل طالب والمدرسة والإدارة التعليمية تأخذ 20». ترد نشوى على هاتفها المحمول وتكمل «الغاضبون من تحويل الثانوية العامة إلى عام واحد هم المدرسون الكبار أو كما يسمون (الحيتان)، أصحاب السمعة والشهرة الكبيرة، الذين يسيطرون على مراكز الدروس الخصوصية (السناتر)، أما المدرسون العاديون فمسرورون، لأنهم سيكسبون طلاب الصف الثانى الثانوى، الذين انسحبوا من السناتر. وتكمل «أغلب طلاب الثانوية العامة لا يأخذون مجموعات مدرسية، لأنهم يعتمدون على السنتر، المجموعة المدرسية لا يلتحق بها سوى الطلاب المتفوقين، الذين يحتاجون إلى مراجعة فقط». ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------ 4هج رة طلاب الثانوى «لو أن كل أب صمم على المطالبة بحق ابنه فى التعليم الجيد، وأصر على ذلك لحاسبنا المعلم المقصر، ولقلت كثيرا الدروس الخصوصية» قالها هانى الألفى مدير إدارة مصر القديمة التعليمية. ويتابع «بعض أشهر المدرسين الخصوصيين لا يقبلون إلا الطلبة المتفوقين، رغم أن التفوق هو بالأساس مجهود الطالب ولا يساهم المدرس إلا فى حدود 20% فقط، ليصنعوا سمعة كاذبة». وحول سبب انتشار الدروس يقول هانى «أغلب المدرسين لا يجبرهم على الدروس سوى زيادة الدخل فقط، وليس أى شىء آخر كما يدعى البعض». لكنه يشير إلى سبب اجتماعى سياسى «الثانوية العامة مسابقة يشترك فيها 880 ألف طالب، ولا تأخذ منهم كليات الطب سوى 30 أو 40 ألف طالب فقط». بهذا يعترف مسئول الثانوية العامة بوزارة التربية والتعليم الدكتور رضا مسعد. ويشير إلى أن طوارئ الثانوية العامة، ودروسها الخاصة، ستنتهى بمجرد أن توفر الدولة المعدل العالمى للجامعات بالنسبة لعدد السكان، (جامعة لكل مليون نسمة)، أى يكون لدى مصر 80 جامعة، وليس 30 كما هى الآن. ومثل جميع مسئولى الدولة الذين لا «يخالفون القانون طبعا»، يؤكد أستاذ مناهج الرياضيات بكلية التربية والمسئول عن ملف الثانوية العامة الآن بالوزارة، أن أولاده لم يلجأوا للدروس الخصوصية فى الثانوية العامة، وأنهم اكتفوا بمساعدته ومساعدة والدتهم فقط، وتفوقوا من وجهة نظره. كبرى أبناء رضا تخرجت فى كلية الصيدلة، والثانى فى الهندسة، والثالثة فى التربية، والأخيرة لا تزال بالمرحلة الاعدادية، و«تكتفى أيضا بمساعدته فى المذاكرة». وكعادة مسئولى الدولة يقول مسعد إن «أولياء الأمور هم سبب مشكلة الدروس الخصوصية، لأنهم يسعون وراء المجموع الأكبر ولا يريدون تحمل مسئولية مساعدة أبنائهم». ويستمر رضا فى إنكار أى دور لوزارة التعليم فى المشكلة بقوله «وزارة التربية والتعليم ليست المسئولة عن المشكلة وحدها، فبعض الوزارات حولت الهدف النبيل فى مساعدة الطلاب ضعاف التحصيل، إلى باب لبيزنس الدروس الخصوصية، وعليهم الآن مشاركتنا فى القضاء عليها، ومنها وزارة الأوقاف التى تعطى الحق للجمعيات الشرعية والمراكز الإسلامية فى فتح مراكز للدروس الخصوصية. ويتهم وكيل وزارة التعليم وزارة الشئون الاجتماعية بأنها السبب وراء هجرة تلاميذ الثانوية للمدرسة، لأنها تعطى الحق لبعض الجمعيات الأهلية فى فتح فصول للتقوية، لتصبح سناتر للدروس الخصوصية، حتى أن بعض الحضانات تحولت لمراكز للدروس الخصوصية، والأمر نفسه بالنسبة للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، الذى يفتح فى نواديه مراكز للدروس الخصوصية، تحت مسمى مجموعات تقوية. ويطالب رضا كل هذه الجهات بإغلاق هذه المراكز وسحب تراخيصها، والتوقف عن إعطاء تراخيص لآخرين، «وزارة التعليم حولت نظام الثانوية للعام الواحد بدلا من العامين، وقللت من المواد الدراسية التى تحتسب فى المجموع، لتقلل الاحتياج للدروس الخصوصية بنسبة 75%، وعلى ولى الامر أن يتخذ القرار فى الاستغناء عن الباقى».
