لم تفلح عبارات الغزل ورسائل الطمأنة التى حاول نواب التيار الإسلامى (الإخوان والسلفيون) أن يبثوها إلى أهل الفن وصناع السينما، خلال اجتماع لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب،أمس الأول، فى التغطية على حالة التربص والقلق المتبادل بين الطرفين؛ ورغم نبرة الهدوء ومحاولات بعض نواب حزبى الحرية والعدالة والنور إزالة المخاوف والهواجس الموجودة لدى جبهة الإبداع التى تم تشكيلها منذ أسابيع، إلا أن المبدعين أصروا على الاشتباك الفكرى والسياسى، ليشتعل اجتماع اللجنة، والذى شهد أول مواجهة من نوعها بين الفنانين والمبدعين وأعضاء البرلمان الإسلاميين. وكانت اللجنة عقدت اجتماعا للاستماع إلى رؤية المبدعين والفنانين فى قضية حرية الإبداع، والذى استهله نقيب الممثلين أشرف عبدالغفور بقوله: «الدين راسخ عند المصريين فى كل مكان.. ولو ذهبت إلى القرى والأحياء الشعبية ستجد المؤشر ثابتا عندهم على إذاعة القران الكريم ،وبالتالى الشعب المصرى ليس بحاجة إلى كل هذه الضجة لكى نعلمه الدين».
وطلب عبدالغفور من البرلمان أن يترك لممثلى النقابات المهنية والفنية أن «يختاروا بأنفسهم من يمثلهم فى الجمعية التأسيسية للدستور»، ليرد عليه محسن راضى، النائب عن الحرية والعدالة ووكيل اللجنة، قائلا: «لابد من مشاركة المبدعين فى كتابة الدستور، لأن عدم وجودهم يعنى أن الدستور سيكون بلا روح».
وأعلن راضى أن لجنة الثقافة «ستقدم خلال الأيام المقبلة تشريعات لإلغاء الحبس فى قضايا النشر، وستدعو الصحفيين والإعلاميين إلى عقد لجان استماع لتفعيل ميثاق الشرف الإعلامى».
وقال نائب الحرية والعدالة محمد إبراهيم موجها حديثه للفنانين والمبدعين المشاركين فى الاجتماع: «زى ما انتم خايفين منا.. إحنا خايفين منكم، ومفيش حد ضد الإبداع ولكن نريد لرسائل الاطمئنان أن تكون رايحة جاية.. مش من النواب بس».
واتهم نائب حزب النور حسن أبوالعزم المبدعين بأنهم «قصروا فى حق الإسلاميين كثيرا»، وقال: «أنا بحب السينما جدا.. لكن عمرى ما روحتها ،ونفسى أروحها»، ووجه حديثه للمخرج خالد يوسف: «نفسى أروح السينما يا خالد يا يوسف»، وتابع «هذه هى المرة الأولى التى تسمعوا فيها منا وليس عنا، انتم شوهتم صورة الإسلاميين فى فترة تزاوج الثقافة بالسلطة». وبلغة حاسمة أضاف أبوالعزم: «نحن مع حرية الإبداع الذى لا يمس الثوابت، ولكننا فى نفس الوقت لن نحجر على أحد».
ودخل نواب حزب الوفد على خط المواجهة، فقال النائب الوفدى حسن عبد العزيز: «مسلسلات رمضان كانت تفسد على الناس صيامهم من كثرتها»، متسائلا «هل سيصالح الفن الشعب؟»، ووجه حديثه لخالد يوسف قائلا «هل سيصالح خالد يوسف الشعب بإبداعات جديدة؟». وقال النائب الوفدى محمد المالكى: «نفسنا يكون عندنا سينما هادفة مش أفلام مقاولات».
وواصل نواب الحرية والعدالة الاشتباك الفكرى فقال النائب ياسر عبد الرافع: «نحن لسنا فى حرب مع المبدعين.. نحن هنا من اجل كتابة دستور يحترم الجميع ونحن لا نكره احد على شىء بالحلال والحرام»، مضيفا: «نريد سينما تعالج سلبيات ما بعد الثورة.
وبدأ الموقف يشتعل مع كلمات الفنانة إسعاد يونس التى قالت: «أنا متخيلة أننى هنا فى حلقة نقاشية لدراسة التشريعات التى نحتاجها فى الإبداع، مش علشان نشوف مسلسلات رمضان أفسدت الناس إزاى، ولا جيهان فاضل كانت طالعه فى سهر الليالى بتعمل إيه».
وزادت السخونة بكلمات المخرج عمرو سلامة حينما قال: «ما قيل عن أن السينما والإبداع يجب ألا يمسا الثوابت والذات الإلهية، كلام يقلق ولا يطمئن مع انه كلام جيد»، وأضاف: «نحن بهذه الطريقة لا ننظر ألا تحت أقدامنا، ولا ننظر فى الدستور الجديد إلى خمسين سنة قادمة، وإذا حجرنا على حرية السينما، الناس هتتفرج على اليوتيوب.. فهل نغلق اليوتيوب مثل إيران أم سنغلق السينما».
وتحدث خالد يوسف بانفعال قائلا: «ليس من حق أى شخص أن يزايد على آخر، ويقول انه حارس على القيم والثوابت، فنحن انتزعنا الحرية، وكنا معرضين للموت أكثر من أى شخص من الموجودين هنا، والحرية ليس لها سقف ولا يستطيع احد أن يضع لها حدا لأننا مش ربنا».
وأضاف: «لن نسمح لأحد أن ينتقص حرية الإبداع وال500 شخص الموجودون فى جبهة الإبداع قادرون على القيام بثورة ثانية فى ميدان التحرير».
وقال عبدالجليل الشرنوبى، رئيس موقع إخوان اون لاين السابق والمستقيل من الإخوان: «النواب الذين تحدثوا عن أجور الفنانين المبالغ فيها، لماذا لا يتحدثون عن الشيخ الذى يحصل على ربع مليون جنيه فى ليلة رمضانية واحدة من رجل أعمال متهم فى موقعة الجمل مقابل قراءة القرآن»، مضيفا «من يظن انه يستطيع أن يفرض رقابة على الإبداع واهم».
الدكتور صلاح الراوى، أمين صندوق اتحاد الكتاب قال: «اللى عاوز يعمل سقف للحرية يشوف دولة تانية.. ونحن نعبر عن الشعب أكثر من النواب» ووجه حديثه للنواب قائلا: «وممكن نواجهكم فى الشارع ونعمل ثورة تانية».
وتدخل نائب حزب النور، حسن عبدالعزيز قائلا: «مجلس الشعب من حقه أن يراقب كل أجهزة الدولة بما فيها التليفزيون وجهاز السينما، ومن يقول إن الحرية ليس لها سقف مخطئ، لأن أكثر دول العالم حرية، تضع سقفا لهذه الحرية».
واكد عبدالعزيز انه يعرف كثيرا من الفنانين «يرفضون العمل مع بعض المخرجين والمبدعين لأسباب أخلاقية»، مضيفا «كان نفسى الحوار يكون موضوعيا وليس استعدائيا».