اكتسى ميدان التحرير بثياب ثورية مختلفة فى ليلة رأس السنة مساء أمس الأول، غابت الشعارات والهتافات والأحزاب والانتخابات، وحضرت مصر والثورة، عاد للميدان بريقه الثورى بأصوات على الحجار ورامى عصام، وكلمة باكية لام شهيد، الاستثناء الوحيد كان للثائر محمد عواد الذى ردد بعض هتافات الثورة، فأعادت للميدان أجواء 25 و28 يناير 2011. بذلت جميلة اسماعيل القيادية فى حزب الغد جهودا مكثفة لإخراج حفل رأس السنة الثورى بصورة تليق بثورة يناير وبميدان التحرير، وأشرفت هى والمستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة السابق وعدد من شباب الثورة والناشطين السياسيين على فاعليات الحفل، وتوصلوا إلى اتفاق مع الباعة الجائلين المتواجدين فى الميدان على الابتعاد عن مكان المسرح الذى اقيم عليه الحفل وان يختاروا أى مكان آخر فى الميدان يعرضون فيه بضاعتهم وهو ما تم بالفعل بعد مفاوضات شاقة.
بدأ توافد الجماهير على ميدان التحرير قبل غروب شمس اليوم الأخير من عام 2011، وفى تمام السابعة بدأ المسرح الضخم الذى تمت إقامته فى نفس مكان منصة 6 ابريل وشباب الثورة يبعث أضواءه فى قلب الميدان، وبدأت الأعداد تتزايد فى قلب الميدان، وبدا الميدان سعيدا ومتناغما ومتماشيا مع عنوان الاحتفالية «من أجل مصر حرة سعيدة 2012»
ومع بداية فقرات الحفل شعر المتواجدون فى الميدان أنهم يودعون تحرير 2011 بحلوه ومره بلياليه الثورية النقية ولياليه الدامية، تذكر الجميع ليلة 26 يناير حينما جاءت ساعة الصفر فى تمام الساعة الثانية عشرة والنصف فأمطرت سماء الميدان المئات من القنابل المسيلة للدموع فوق رءوس المتظاهرين، وتذكروا ليلة 29 يناير حينما سقط العشرات من الشهداء فى قلب الميدان فى مواجهات مع بقايا الشرطة المتمترسة عند وزارة الداخلية، تذكروا ليالى محمد محمود ومجلس الوزراء تذكروا كل الاعتصامات التى تم فضها بالقوة، تذكروا كل هذه المشاهد وهم يستمعون إلى ام شهيد صعدت فوق خشبة المسرح وألقت كلمة ارتجالية فأبكت العشرات، وحينما ظهر مطرب الثورة رامى عصام علا التصفيق، وغنى عصام بنفس احساسه الثورى القديم اغانى الثورة وتمايلت معه الجماهير التى تنوعت ما بين شباب وشيوخ وعجائز وفتيات محجبات وغير محجبات وهو يغنى وذاكرتهم جميعا منصرفه إلى أيام الثورة الأولى، وألقى عدد من شعراء التحرير مجموعة من القصائد الحماسية التى ألهبت حماس الجماهير فنسوا معها لسعة البرد وتفاعلوا مع الشعراء، وألقى سيد حجاب وعبدالرحمن يوسف مجموعة من اجمل قصائدهما، وتألقت عزة بلبع وهى تغنى أغانى ثورية تراقص على ألحانها الموجودون فى الميدان.
ونظم مئات الأقباط مسيرة بالشموع من كنيسة قصر الدوبارة باتجاه الميدان، بعد أدائهم الصلاة بها وفضلوا استكمال صلاتهم مع كل المتواجدين بالميدان، فى إطار احتفالهم بميلاد السيد المسيح ورأس السنة الميلادية.
ولم يتوقف المشاركون فى المسيرة عن ترديد الترانيم المسيحية وتقدمهم عدد من القساوسة، حاملين لافتات مكتوبا عليها نصوص من الكتاب المقدس وأعلام مصر كبيرة، وشارك فى المسيرة عدد من المسلمين.
وقدم المشاركون فى الاحتفال التهنئة لكل الأقباط بعد الانضمام إليه فى الاحتفال بليلة رأس السنة بعد الإعلان عن وصول المسيرة إلى الميدان، وسط حالة من الفرحة وإطلاق الألعاب النارية ترحيبا بهم.
وقدم فريق من الكنيسة عددا من الأغانى والترانيم المسيحية على المسرح والتى عبرت عن بالغ الأمنيات بمصر أفضل واسترداد حقوق المظلومين، وسط الدعاء بحفظ مصر من كل الأعداء، ليدوى الهتاف «مسلم مسيحى إيد واحدة» و«اقتل خالد اقتل مينا، كل رصاصة بتقوينا».
ولم ينس المشاركون أو المنظمون للاحتفال الشهداء، فانتشر فى كل أرجاء المكان المخصص للاحتفال خاصة على المسرح صور لشهداء الثورة وشهداء أحداث العنف المتلاحقة من قبل قوات الجيش والأمن المركزى. وألقت والدة الشهيد محمد راشد أحد شهداء جمعة الغضب 28 يناير قصيدة على هيئة رسالة يرسلها الشهيد لكل الأمهات والشباب بالحفاظ على الثورة وعدم ضياع دمه وهى تحمل صورة ابنها الشهيد، وسط هتاف «كلنا ولادك»، و«يا نجيب حقهم، يا نموت زيهم».
وتوقفت الأمسية لعدة دقائق عقب صعود عدد من المشاركين على المسرح بعد علمهم بقدوم الفنان على الحجار، وكان الحجار الختام المسك للاحتفالية، فعلى مدى ساعة كاملة غنى الحجار عدة اغان ثورية ومنها أغنية خاصة بالطبيب أحمد حرارة أحد أبطال الثورة وتبدأ كلماتها «فى كل شارع وفى كل حارة» وهو ما اثار حماس المتواجدين فى التحرير الذين صفقوا بحرارة للحجار وحرارة، وقال الحجار ان الأمور لن تهدأ فى مصر الا بعد ان تتم محاكمة من قتلوا الشهداء، وبعد ان انهى فقرته التف حوله العشرات وطلبت جميلة إسماعيل مقدمة الحفل من جماهير الميدان ان ينصرفوا آمنين إلى بيوتهم ولم تنس ان تهتف «يسقط كل ظالم» وردد الآلاف خلفها الهتاف.
وتأثرت حركة المرور بالميدان بفعل هذه الاحتفالية بعد انسحاب رجال المرور فى وقت مبكر قبل بدء الاحتفالية، وقام عدد من الشباب بتنظيم حركة المرور بالميدان والشوارع الجانبية له منعا للتكدس المرورى، وارتدوا قمصانا فسفورية وبرتقالية اللون، كما غابت الشرطة عن المناطق المحيطة بالميدان.
وردد المشاركون فى الاحتفالية هتافات معادية للمجلس العسكرى وتنديدا بالتعدى على البنات أثناء اشتباكات مجلس الوزراء منها «بنات مصر خط أحمر»، «يسقط يسقط حكم العسكر، إحنا الشعب الخط الأحمر».
وطافت مجموعات من النشطاء فى قلب الميدان تهتف «قول متخافشى المجلس لازم يمشى».