حتى في الأيام التي يغلف فيها الضباب التلال في البوسنة يرى المسجد القابع فوق تل كوزلات من الوادي أسفله. المسجد من أقدم المساجد في المنطقة وشهدت جدرانه أحداث ماضي البوسنة المضطرب حتى أصبح جزءا من التاريخ إلى أن أضرمت فيه النار عام 1993.
وأجبر صرب البوسنة معظم المسلمين الذين كانوا يعيشون في شرق البوسنة على ترك منازلهم خلال الحرب التي دارت بين عامي 1992 و1995.
ودمرت المنازل والمساجد في قرى المنطقة في إطار حملة تطهير عرقي للفصل بين الجماعات العرقية والدينية المختلفة.
وبعد نحو 20 سنة يعود السكان تدريجيا إلى المنازل التي كانوا يعيشون فيها قبل الحرب ويحاولون إعادة الأمور إلى طبيعتها في حياتهم ومحيطهم.
بني مسجد كوزلات بعد قليل من الغزو العثماني لمنطقة البلقان في النصف الثاني من القرن الخامس عشر وأصبح جزءا رئيسيا من المنطقة. والآن يريد الأهالي أن يعود المسجد إلى سابق عهده.
وقال مصطفى أفندي محرموف مفتي زفورنيك "بخصوص المواد وطريقة البناء سيكون المسجد كما كان قبل نحو 500 عام."ولا يوجد سوى ممر ضيق ومتعرج يؤدي إلى قمة التل تنقل عن طريقه مواد البناء اللازمة لإعادة بناء المسجد على ظهور الدواب.
واكتتبت القرى المحيطة لجمع المال اللازم لإعادة بناء المسجد ثم تبرعت عائلتان بتغطية معظم كلفة المشروع.
وقال رجل من سكان المنطقة يدعى ابراهيم هادزيتش "في العادة يصعب جمع أموال لإعادة بناء مبان دينية. صادفنا التوفيق لأن متبرعين تسابقوا على تمويل عملية إعادة البناء كلها."
وكان مسجد كوزلات قديما مزارا للسائحين حيث يرتبط المكان بقصة قديمة تضفي عليه جوا من الشاعرية.
وقال هازديتش "هناك أسطورة قديمة عن قصة حب بين فتاة جاءت من اسطنبول لتعيش هنا وراع كان يعيش في الوادي."
وتقول الأسطورة إن الفتاة كانت مسلمة بينما كان الراعي مسيحيا ولذا كان ارتباطهما بالزواج مستحيلا فقرر الحبيبان إنهاء حياتهما معا من فوق التل في البقعة الموجود بها المسجد.