قتل 22 مدنيا على الأقل في سوريا الجمعة، غالبيتهم في حمص (وسط)، خلال تفريق قوات الأمن تظاهرات احتجاجية حاشدة في ما أطلق عليه الناشطون اسم "جمعة تجميد عضوية" سوريا في الجامعة العربية، بينما اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش النظام السوري بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية". بموازاة ذلك بدأ مساء الجمعة في القاهرة اجتماع اللجنة الوزارية العربية المكلفة الملف السوري للنظر في عدم التزام نظام الرئيس بشار الأسد بخطة الجامعة العربية القاضية بوقف أعمال العنف، على أن يعقد السبت اجتماع موسع لجميع وزراء الخارجية العرب لمتابعة البحث في الملف السوري.
وكانت السلطات السورية وافقت في الثاني من نوفمبر الماضي على خطة الجامعة التي تقضي بوقف أعمال العنف وإطلاق سراح المعتقلين وسحب الجيش من المدن وضمان حرية الحركة لوسائل الإعلام العربية والدولية.
وأعلن ممثل سوريا لدى الجامعة العربية يوسف احمد انه سلم صباح الجمعة مذكرة إلى الأمانة العامة للجامعة العربية تتضمن "ترحيب سوريا وتعاونها التام مع زيارة بعثة من جامعة الدول العربية إلى سوريا".
وجاء في هذه المذكرة حسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) "سوريا ملتزمة بخطة العمل العربية التي أقرها مجلس الجامعة بتاريخ الثاني من نوفمبر وهي جادة في تنفيذ بنود الخطة وقد قامت فعلا بتنفيذ معظمها معتبرا أن زيارة بعثة جامعة الدول العربية إلى سوريا ستسهم في الوقوف على حقيقة التزام سوريا بالخطة وفي الكشف عن دوافع وأجندات بعض الأطراف الداخلية والخارجية التي تسعى إلى إفشال خطة العمل العربية".
وكما في كل يوم جمعة دعت صفحة "الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011" على موقع فيسبوك إلى الخروج في تظاهرات حاشدة، وهذه المرة تحت شعار "جمعة تجميد عضوية" سوريا في الجامعة العربية. ولبى الكثير من المحتجين هذه الدعوة في مناطق عدة من البلاد.
وشهدت العاصمة دمشق تظاهرة رفع المشاركون فيها لافتات تندد بمواقف هيئة التنسيق الوطنية التي تضم معارضين من الداخل والتي تشدد على رفضها لأي تدخل خارجي في سوريا، بحسب ما ورد في شريط فيديو نشر على موقع يوتيوب.
وتدخلت قوات الأمن لتفريق متظاهرين خرجوا في العديد من أحياء حمص وفي دير الزور (شرق) وادلب ودرعا وحماة والقامشلي وفي ريف دمشق، بحسب ما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي المجموع قتل الجمعة 22 مدنيا بينهم 15 في حمص التي أطلق عليها الناشطون لقب "عاصمة الثورة" نظرا إلى العدد الكبير من "الشهداء" الذين سقطوا فيها منذ انطلاق الاحتجاجات في 15 مارس.
وقال المرصد ان 15 مدنيا قتلوا في حمص الجمعة "11 منهم في حي البياضة، ورجل مسن قتل برصاص قناصة في شارع القاهرة، وشهيد في حي باب هود، وشاب استشهد بإطلاق رصاص من حاجز امني في حي النازحين".
ويضاف إليهم بحسب المصدر نفسه مدني في اريحا بمحافظة ادلب (شمال غرب) وخمسة مدنيين آخرين بينهم فتى في ال13 من العمر في محافظة درعا جنوب البلاد، وشاب مدني في ريف دمشق، جميعهم قتلوا برصاص قوات الأمن.
وأضاف المرصد انه في حمص أيضا "استشهد عسكري منشق في حي البياضة صباح الجمعة"، كما عثر على جثث ثلاثة مدنيين كانوا مفقودين. وكانت أعمال العنف أوقعت الخميس 26 قتيلا في سوريا.
وتحدث المرصد ايضا نقلا عن ناشطيه الميدانيين ان مسلحين يعتقد انهم جنود منشقون شنوا هجمات عديدة على القوات النظامية في عدد من مناطق البلاد، ولا سيما في حمص ودرعا حيث "هناك معلومات مؤكدة عن مقتل أربعة جنود على الاقل وجرح 15".
كما شهدت مدينة خان شيخون في محافظة ادلب "اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي ومسلحين يعتقد انهم منشقون"، كما افاد المرصد. وتحدث المرصد ايضا عن اصابة عشرة مدنيين بجروح اثر إطلاق قوات الامن الرصاص على تظاهرة في ريف حماة.
من جهة ثانية اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الجمعة النظام السوري بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" خلال قمعه لحركة الاحتجاجات.
وفي تقرير لها دعت هيومن رايتس ووتش، ومقرها نيويورك، الجامعة الى "تجميد عضوية سوريا" والى مطالبة الاممالمتحدة بفرض حظر على الاسلحة وكذلك عقوبات على أعضاء في النظام وإحالة سوريا الى المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت المنظمة ان "الانتهاكات الجسيمة والمنظمة التي ترتكبها القوات الحكومية السورية في حمص - وتشمل أعمال تعذيب وقتل غير قانوني - تشير إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
واستنادا إلى إفادات 110 من الضحايا وشهود قالت المنظمة ان تلك "الانتهاكات أدت الى مقتل 587 مدنيا على الأقل" في حمص، مركز حركة الاحتجاج بين منتصف ابريل ونهاية اغسطس، و104 آخرين على الأقل منذ 2 نوفمبر موعد موافقة الرئيس السوري بشار الأسد على المبادرة العربية لوقف العنف.
وقالت ساره ليا ويتسون مسؤولة منطقة الشرق الاوسط في هيومن رايتس ووتش ان "حمص نموذج مصغر يدل على مدى قسوة الحكومة السورية".
وأضافت "على الجامعة العربية ان تخبر الرئيس الأسد بان خرق الاتفاق مع الجامعة له تبعات وان الجامعة تساند الآن تحرك مجلس الأمن من اجل وقف القتل".
وأكدت هيومن رايتس ووتش انها "وثقت عشرات الوقائع حيث هاجمت قوات الأمن والميليشيات التي تساندها الحكومة تظاهرات غلب عليها الطابع السلمي".
وتابعت ان قوات الأمن "استخدمت الرشاشات الآلية الثقيلة، بما في ذلك الرشاشات المضادة للطائرات المركبة فوق مدرعات، وتطلق النار على الأحياء لإرهاب الناس قبل الدخول بناقلات الجنود وغيرها من الآليات العسكرية".
وقالت "قامت قوات الأمن بقطع الاتصالات ونصبت نقاط تفتيش تقيد من الحركة إلى ومن الأحياء السكنية وتعيق حركة وصول الطعام والدواء".
وتابع التقرير "يظهر في أغلب الحالات، كما تبينت هيومن رايتس ووتش، أن المتظاهرين كانوا غير مسلحين، لكن هناك منشقين من قوات الأمن تدخلوا في بعض الحالات بعد أن تعرض المتظاهرون لإطلاق النار من قوات الأمن".
وأضاف "هناك حاجة للمزيد من التحقيق في العنف من جانب المتظاهرين والمنشقين من الجيش. إلا أن هذه الحوادث لا تبرر بأي حال من الأحوال الاستخدام الممنهج وغير المتناسب للقوة المميتة ضد المتظاهرين، وهو استخدام للقوة يتعدى بكل وضوح أي رد فعل مبرر على أي تهديد من حشود غير مسلحة في الأغلب الأعم".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن "قرار بعض المتظاهرين والمنشقين عن الجيش بأن يسلحوا أنفسهم ويردوا على إطلاق النار بمثله على قوات الأمن، يظهر أن الخطة التي تبنتها السلطات السورية أدت لحدوث تصعيد خطير في مستوى العنف، وتلقي الضوء على الحاجة للوقف الفوري لاستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين، وإلا انزلقت البلاد إلى نزاع أكثر دموية".
من جهة ثانية أشار ناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الانسان الى تزايد حالات الانشقاق داخل الجيش.
وكان المرصد السوري لحقوق الانسان اعلن ان مناطق ادلب ودير الزور وحرستا قرب دمشق شهدت مواجهات بين الجيش السوري ومنشقين عنه "أوقعت عشرات القتلى والجرحى بين الجنود".
وفي موسكو اعلن متحدث باسم الكنيسة الارثوذكسية ان بطريرك روسيا كيريلوس سيزور سوريا ولبنان من 12 الى 15 نوفمبر في "مهمة سلام". وقال المتحدث ايغور ياكيمتشوك في تصريح نشرته وكالة انباء انترفاكس ان "البطريرك الاقدس سيذهب إلى هذه المنطقة للقيام بمهمة سلام".
وأضاف "سيدعو بالتأكيد الى الحوار بين كل شرائح المجتمع في سوريا حتى يعود الاستقرار الى البلاد".وجاء في بيان نشر على موقع البطريرك على الانترنت انه سيلتقي "الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء عادل سفر".
من جهة ثانية نقلت صحيفة فايننشال تايمز الجمعة ان نتائج العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على النظام السوري بدأت تظهر عبر النقص في السيولة، وتوقف سوريا عن دفع ما يتوجب عليها لشركتي شل وتوتال اللتين تنتجان النفط في سوريا.
وأدت عمليات قمع الحركة الاحتجاجية في سوريا الى سقوط اكثر من 3500 قتيل منذ انطلاقها في منتصف مارس الماضي، بحسب الأممالمتحدة.