خفضت البنوك المصرية أرصدتها المستثمرة فى الخارج بنحو 7 مليارات جنيه خلال شهر أغسطس لأول مرة بعد الثورة، لتسجل انخفاضا 7.29% بعد أن كانت قد ارتفعت 76.74% نهاية العام المالى الماضى فى يونيو، بحسب أحدث تقارير البنك المركزى. وتبعا لتقديرات المركزى، وصل إجمالى أموال البنوك المستثمرة فى الخارج بنهاية اغسطس الماضى إلى 91.268 مليار جنيه، بعد أن كانت 98.447 مليار جنيه الشهر الذى يسبقه.
وكانت تلك الأرصدة قد تراجعت بنحو 25.6% خلال العام المالى قبل الماضى، مسجلة 57.371 مليار جنيه، بسب تداعيات الأزمة المالية التى ضربت الأسواق العالمية فى 2008، إلا أنها ارتفعت بعد ذلك من خلال زيادة فى العمليات المستندية لاستيراد بعض السلع خاصة الغذائية منها، وكذلك توظيف جزء من الأموال السائلة لدى البنوك فى شهور الثورة فى الخارج فى ظل حالة التخوف من الاقتراض المحلى.
الخبير المصرفى أحمد آدم اعتبر تراجع هذه الأرصدة فى أغسطس «بداية تصحيح لوضع خاطئ استمر طوال الشهور الماضية رغم حاجة الاقتصاد المصرى إلى كل جنيه، خاصة أن توظيف تلك الأموال لا يضيف إلى البنوك المصرية قوة مالية، مع تراجع عائد توظيفها بشكل كبير بسبب الظروف السئية للاقتصاد الامريكى والأوروبى».
وأرجع أدم اتجاه البنوك المصرية إلى توظيف أموالها بالخارج خلال الشهور الماضية، بالرغم من تدنى أسعار الفائدة، إلى عدد احتمالات أولها تخوف البنوك الأجنبية والعربية من الأوضاع بمصر مما دفعها إلى زيادة إيداعاتها ببنوكها الأم، إما أنه هناك خطابات ضمان وكذا اعتمادات مستندية استيراد أو شيكات مقبولة الدفع كتحويل غير مباشر لأموال رجال أعمال مصريين وجارٍ التعامل معها خارجى.
لكن محمد النادى مساعد مدير إدارة الاستثمار بالمصرف العربى الدولى يرى أن تحوط البنوك خاصة الأجنبية من تداعيات الأزمة الاقتصادية فى مصر، جعلها تفضل توظيف جزء من السيولة المتوافرة لديها فى الخارج لكن رفع فائدة شراء السندات المصرية والتى وصلت إلى 13% تجعل استثمار تلك الأموال فى الداخل أفضل بكثير رغم درجة المخاطرة.
«زيادة أرصدة البنوك فى الخارج من الطبيعى أن تزيد، فى ظل توقف الإقراض المحلى وتحوط البنوك فى المنح على الرغم من الفائدة المتدنية التى تحصل عليها من التوظيف فى الخارج لكن البنوك الحكومية الأكبر فى السوق قد تكون قررت خفض استثمارتها فى الخارج بقرار حكومى وسط الحاجة الشديدة إلى سيولة داخلية»، أضاف النادى.
كانا بنكا الأهلى المصرى ومصر أكبر البنوك الحكومية قد قررا بشكل مفاجئ قبل يومين رفع أسعار الفائدة على المنتجات المصرفية، ومنها الشهادات البلاتينية بمقدار 200 نقطة أساس دفعة واحدة أى بنسبة 2% لتصبح 11.50% بدلا من 9.50%. لجذب مزيد من السيولة ومحاولة منها للحفاظ على الودائع وجذب عدد من العملاء للبنك فى ظل حالة الركود التى تعصف بالأسواق المحلية حاليا.
.. و4.5% انخفاضًا فى صافى الأصول الأجنبية
انخفض صافى الأصول الأجنبية فى الجهاز المصرفى بنحو 4.5% خلال شهر أغسطس، ليصل إلى 242.094 مليار جنيه، مقارنة ب253.574 مليار جنيه فى شهر يوليو، بحسب تقرير البنك المركزى الصادر عن شهر أكتوبر.
ويمثل هذا البند صافى تعاملات الجهاز المصرفى المصرى، شاملا البنك المركزى، مع العالم الخارجى، حيث يعكس الأصول المستحقة للجهاز المصرفى على الأجانب مخصوما منها مستحقاتهم لديه.
وأرجع محلل قطاع البنوك بأحد بنوك الاستثمار الكبرى، والذى طلب عدم نشر اسمه، تراجع صافى الأصول الأجنبية إلى «خروج استثمارات الأجانب من السوق نتيجة استمرار حالة عدم الاستقرار»، مشيرا إلى أن أحداث ماسبيرو الأخيرة ساهمت فى خلق حالة قلق لدى المستثمرين تجاه مصر، مما أدى إلى سعيهم لتحويل استثمارتهم إلى بلادهم.
من ناحية أخرى، استقر اجمالى الودائع لدى البنوك المحلية خلال اغسطس الماضى، حيث ارتفعت بنسبة لم تتعد 0.002%، مقارنة بالشهر السابق، لتستقر عند 972.833 مليار جنيه، بينما ارتفعت اجمالى القروض المقدمة من قبل البنوك بنحو 0.25% خلال أغسطس، مقارنة بيوليو، لتصل إلى 473.815 مليار جنيه.
كان البنك الأهلى المصرى وبنك مصر قد قاما موخرا برفع أسعار الفائدة على شهادات الاسثمار من 9.5%، إلى 11.5%، «من المتوقع أن تساهم هذه العروض فى زيادة قيمة الودائع خلال الفترة المقبلة بنسبة مرتفعة»، تبعا للمحلل، مشيرا إلى أن ارتفاع اجمالى القروض جاء نتيجة زيادة القروض المقدمة لغير الحكومة فى محاولة من البنوك لتنشيط الوضع الاقتصادى.
وتبعا لتقرير المركزى فإن الإقراض لغير الحكومة قد ارتفع خلال أغسطس الماضى، بنسبة 0.66%، مقارنة بيوليو، لتصل الى435.180 مليار جنيه، فى حين تراجع الإقراض للحكومة بنحو 2 مليار جنيه، لتصل إلى 38.635 مليار جنيه.