ترى من يسعى لإفسادك؟ ومن ذا الذي يطمع في أن ينال من طهرك؟ وبأي شيء يغريك؟ أيغريك بالمال؟ أم بالسلطة؟ أم الجمال؟ إن النصاب المفسد يصطاد فريسته بعد دراسة واعية لاحتياجاته وأفكاره، إنه شديد الذكاء ويستغل قدراته الفائقة في تحليل شخصية الفريسة ويستغلها بمهارة فائقة وبسرعة مذهلة بشكل يصعب على الفريسة كشف حيلته إلا بعد وقت طويل يكون فيها المفسد قد نال غرضه من فريسته وحقق أهدافه. يوقن الفاسد من حقيقة احتياجات ضحيته، ويضخم لها تلك الاحتياجات وييأسها من الحلول المنطقية، فإن كان فقراً فيوهمها بأنه فقر مدقع لا نهاية له، وإن كانت تحلم بالسلطة والنفوذ فإنه يضخم لها عذاب التبعية ويوهمها بأنه يملك الحول الفورية. حينها ومع ضيق ذات اليد، وضيق الحلول المنطقية، تميل الفريسة إلى تصديق الحلم وتتجاهل كذبه، ويتعطل العقل وتسخر القوى لهذا الحل السحري الذي ينهي العذاب بأبسط الحلول وأيسرها وأقصرها، كحيلة الساحر على المسرح، يظن البعض أن بإمكانه أن ينقل أشخاص من مكان إلى مكان، من أدنى درجات السلم إلى أعلاه في لمح البصر،وأن يملأ العلبة بالمال الوفير في لمح البصر، وأن ينقذ من يشاء من الموت ويعطي الحياة الأبدية، حتى ولو اندبت السكاكين في الصندوق من كل اتجاه سينفتح الصندوق ليعلن حياة من بداخلة رغم كل الطعنات. حينها لن تجد كل من بالمسرح يصفقون للساحر، هناك من يعي أن هناك حيلة في ألاعيبه، يخدع بها أغلب الأبصار، لكن أبداً لا يخدع كل العقول، حتى لو كانت لا تعرف سر اللعبة، لكنها في النهاية تدرك أنها لعبة غير حقيقية، لا يمكن البناء عليها ولا يمكن اليقين بقدراته، وأنه لو كان كل ساحر يملك سر الحياة لما رأينا ساحراً يموت، وأنه لو كان يستطيع أن يحصل على المال دون تعب لما اضطر لعرض ألعابه على الجمهور لينال منهم أجر عمله. ليت كل ضحية تعلم حقيقة قوتها ولا تستمر في لعب دور الضحية، وتعي سر اللعبة وتكشفها، وأن هذا القوي الذي تسلم له نفسها هو في حقيقته أفقر منها، ولولا غنى الفريسة لما طمع فيها الصياد، ولولا جمال الضحية لما حاوطتها الذئاب، فلا تلغي عقلك واختار دورك في الحياة، وإن رسم لك البعض دور الفريسة فارسم أنت لنفسك طريق النجاة، لا تظن الطريق مستحيلاً وتيأس من الشفاء، فهذا وعد من ربك أنه جعل لكل داء دواء، فلا تسلم نفسك ليأسك وسلم أمرك لله، يحفظ لك قدرك وييسر لك طرق النجاة.