وفد دبلوماسي ياباني يتجول داخل أروقة الجامع الأزهر    نجيب ساويرس في احتفالية تأسيس المصري اليوم: الصحافة هي نبض المجتمع    متحدث «الشباب والرياضة»: سلوك معلم الجيولوجيا مخالف لتوجه وزارة التربية التعليم    تضامن الدقهلية تختتم المرحلة الثانية لتدريب "مودة" للشباب المقبلين على الزواج    سهرة خاصة مع عمر خيرت في «احتفالية المصري اليوم» بمناسبة الذكرى العشرين    "فضل يوم عرفة" أمسية دينية بأوقاف مطروح    التموين: الوصول إلى المستهدف من توريد القمح المحلي بنحو 3.5 مليون طن    بدء طرح وحدات أبراج حدائق أكتوبر 20 يونيو الجارى    نصائح يجب اتباعها مع الجزار قبل ذبح الأضحية    التضامن توضح حقيقة صرف معاش تكافل وكرامة قبل عيد الأضحى 2024    الرئاسة الفلسطينية ترحب بتبني مجلس الأمن قرار أمريكي لوقف إطلاق النار    دبلوماسي روسي: تفاقم الوضع في شبه الجزيرة الكورية بسبب واشنطن    25 عاما فى القصر، اليوبيل الفضي لتولي الملك عبد الله الثاني حكم الأردن (فيديو)    ملخص وأهداف مباراة أوغندا ضد الجزائر وريمونتادا محاربى الصحراء.. فيديو    محمد عادل فتحي يكتب: شكرا لاعبي مصر.. ولكن    أول تعليق من وزير الرياضة على واقعة مدرس الجيولوجيا    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم بطريق القاهرة الإسكندرية الزراعي    Apple Intelligence .. كل ما تحتاج معرفته عن ذكاء أبل الاصطناعي الجديد    افتتاح مدرسة ماونتن فيو الدولية للتكنولوجيا التطبيقية "IATS"    أخبار الفن اليوم: تفاصيل الحالة الصحية ل خالد زكي بعد شائعات وفاته.. نيللي كريم تتعاقد على بطولة مسلسل جديد في رمضان 2025    حماس: مستعدون للتعاون مع الوسطاء للدخول في مفاوضات غير مباشرة    محمد لطفي يروج لشخصية الشربيني في فيلم ولاد رزق 3    قصواء الخلالي: الصحافة الفلسطينية قدمت 145 شهيدا حتى الآن    مستشفى 57357 تستقبل أنشطة أتوبيس الفن الجميل    غدا.. "ليتنا لا ننسى" على مسرح مركز الإبداع الفني    «الإفتاء» توضح حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة    الأفضل للأضحية الغنم أم الإبل..الإفتاء المصرية تحسم الجدل    وزير الصحة: برنامج الزمالة المصرية يقوم بتخريج 3 آلاف طبيب سنويا    تفاصيل قافلة لجامعة القاهرة في الصف تقدم العلاج والخدمات الطبية مجانا    وزير التجارة ونظيره التركي يبحثان سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين    الإفتاء: النبي لم يصم العشر من ذي الحجة ولم يدع لصيامها    لفقدان الوزن- تناول الليمون بهذه الطرق    ميدفيديف يطالب شولتس وماكرون بالاستقالة بعد نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي    لميس الحديدي تكشف عن سبب إخفائها خبر إصابتها بالسرطان    محمد ممدوح يروج لدوره في فيلم ولاد رزق 3    أمين الفتوى: الخروف أو سبع العجل يجزئ عن البيت كله في الأضحية    مشروب بسيط يخلصك من الصداع والدوخة أثناء الحر.. جسمك هيرجع لطبيعته في دقايق    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    جامعة أسيوط تطلق فعاليات ندوة "الهجرة غير الشرعية: أضرارها وأساليب مكافحتها"    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    مصر تتربع على عرش جدول ميداليات البطولة الأفريقية للسلاح للكبار    موعد محاكمة ميكانيكي متهم بقتل ابن لاعب سابق شهير بالزمالك    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    الرئيس الأوكراني يكشف حقيقة استيلاء روسيا على بلدة ريجيفكا    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    "محدش يتخض".. شوبير يكشف مفاجأة كولر للأهلي في الصيف    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    أفيجدرو لبيرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    الدرندلي: أي مباراة للمنتخب الفترة المقبلة ستكون مهمة.. وتحفيز حسام حسن قبل مواجهة غينيا بيساو    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذى ننتظره من حكومة شرف الثانية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 07 - 2011

الجماهير التى خرجت يوم «جمعة الثورة أولا» كانت لها مطالب عديدة ومحددة ومعلنة فى كل وسائل الإعلام، أقلها أهمية هو تغيير بعض الوزراء. ولكن لسبب غير مفهوم، تحول الموضوع فصار التغيير الوزارى هو القضية.
لا بأس أن يكون ذلك تمهيدا لتغيير فى السياسات أيضا، ولكن الأهم من هذا وذاك أن يعاد النظر فى طبيعة الدور المطلوب من الحكومة القيام به أصلا، حتى لا يستمر تناقض سلوكها مع التوقعات منها، ولا مع الأدوات المتاحة لها.
من حيث تناقض السلوك مع التوقعات، فقد تسلمت وزارة شرف الأولى مسئوليتها فى ظل عدم وضوح لطبيعة الدور المطلوب منها. هل هى حكومة الثورة التى استمدت شرعيتها من التحرير وبالتالى عليها واجب تحقيق مطالب الميدان بسرعة وحسم؟ أم أنها وزارة تكنوقراطية أو وزارة تسيير أعمال لا تسعى لإحداث تغييرات كبرى وإنما لإدارة البلاد فى مرحلة انتقالية، تمهيدا لانتخابات برلمانية ولتسليم السلطة إلى رئيس منتخب وحكومة تستمد شرعيتها من الشعب؟ ولعدم وضوح هذا الدور، فقد جاء سلوك الحكومة متناقضا مع التوقعات منها، فإذا بها تعلن عن إنشاء ممر للتنمية، ومدينة للعلوم، وتغييرات كبرى فى النظام الضريبى، وثورة على وشك الحدوث فى نظام التعليم، وتعديلات على قوانين غير ملحة، وكلها تحولات كبرى طويلة المدى لا تتفق لا مع تحقيق مطالب الثورة السريعة ولا مع فكرة تسيير الأعمال.
وأما من حيث تناقض السلوك مع الأدوات، فإن الوزارة عجزت عن التعامل مع العديد من متطلبات اللحظة الراهنة بسبب قيود واقعية فرضت عليها. فهى كانت حكومة تعمل فى غياب مجلس تشريعى (والمجلس العسكرى حريص على ألا يشرع بأكثر مما تقتضيه اعتبارات الضرورة)، وفى غياب القوة الجبرية المطلوبة لإدارة البلد، كما ظلت قدرتها التنفيذية محدودة، نظرا للشلل الذى أصاب أجهزة الدولة، وأن العديد من القرارات كانت خارجة عن إرادتها، وأخيرا فقد كانت حكومة مكونة من خليط غير منسجم من الوزراء وبالتالى من سياسات ورؤى متنافرة (قارنوا مثلا موقف كل من وزير التضامن ووزير المالية من الضريبة التصاعدية، وموقف كل من رئيس الوزراء ووزير العمل من حق الإضراب).
طبيعى إذن أن تكون النتيجة هى استنكار الناس لعجز الحكومة عن التعامل بسرعة مع المشكلات الملحة، واستنكارا أكبر لانشغالها بمواضيع طويلة المدى ليس هذا وقتها. من هنا اعتقادى بأن القضية ليست تغيير الأشخاص ولا حتى تغيير السياسات، بل الأهم أن يكون هناك اتفاق فى المجتمع ولدى الرأى العام حول طبيعة عمل الحكومة فى المرحلة الانتقالية، وبالتالى ما يمكن أن نتوقعه منها خلال الأشهر القليلة القادمة. ولتحديد هذه المهمة، يجب الرجوع إلى أصل الموضوع، وهو أن الثورة جاءت لكى تحقق انتقالا فى الحكم من الاستبداد إلى الديمقراطية، وتضع حدا للفساد، وتحقق العدالة الاجتماعية.
والخطوة الأولى فى تحقيق ذلك والتى يجب أن يلتف المجتمع كله حولها هى أن يتم انتخاب برلمان ورئيس جمهورية وتعيين حكومة تعبر عن اختيارات الشعب وتكتسب شرعيتها منه. هذه الحكومة المنتخبة هى التى تملك اتخاذ القرارات الكبرى المتعلقة بتغيير النظام الاقتصادى وطرح سياسات اجتماعية طويلة المدى. لذلك، ومن هذا المنظور فإن حكومة المرحلة الانتقالية يكون عليها أن تركز عملها فى خمس مهام رئيسية:
المهمة الأولى: هى الاستمرار فى جهود إعادة الأمن، والتى برغم تواضعها حتى الآن إلا أن المأمول أن تتسارع عقب حركة الشرطة الأخيرة. فبدون التقدم فى هذا الملف لن تكون هناك انتخابات، ولا اقتصاد، ولا حتى استمرار لتحقيق مطالب الثورة، وإنما تصاعد فى البلطجة والمؤامرات وفى ترويع الناس بما يشغلهم عن الاستمرار فى المطالبة بتحقيق الديمقراطية، بل قد ينفرهم منها.
المهمة الثانية: هى وضع الإطار السليم الذى يمنح المجتمع حقه فى استكمال محاكمات المتهمين فى قضايا الفساد السياسى والمالى وقتل المتظاهرين بشكل سريع وناجز وفيه شفافية كاملة، كما يمنح المتهمين فى ذات الوقت حقهم فى المحاكمة العادلة.
فبغير اطمئنان الناس إلى أن العدالة قد تحققت لن يمكن الخروج من المرحلة الانتقالية والبدء فى التفكير للمستقبل. ومهمة الحكومة هنا ليست الانشغال بقضايا بعينها مطروحة أمام القضاء، وإنما تهيئة الظروف وتوفير الموارد ووضع الإطار الأمنى الذى يمكن القضاء من القيام بدوره مستقلا.
المهمة الثالثة: هى إعطاء الأولوية لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى أقرب وقت وفى أفضل ظروف ممكنة.
هذا هو بيت القصيد لوزارة تسيير الأعمال، أو وزارة المرحلة الانتقالية، لأنها فى نهاية الأمر تقوم بعملها إلى حين وضع آليات ديمقراطية لاختيار حكومة تمثل الشعب. وتنفيذ ذلك يتطلب أن تحسم الحكومة أمرها بالتنسيق مع المجلس العسكرى فى عدة أمور عاجلة: موعد إجراء الانتخابات، والنظام الذى سوف تتم بموجبه، وشروط المرشحين، وضوابط التمويل، وتقسيم الدوائر، ومشاركة المصريين فى الخارج. تأجيل حسم هذه المواضيع ينتقص من مصداقية الانتخابات المقبلة، لأن الغموض لا يحقق مصلحة أى طرف يرغب فى انتخابات نزيهة وحرة.
أما المهمة الرابعة: فهى التعامل مع الوضع الاقتصادى. والهدف لا ينبغى أن يكون تطبيق سياسات هيكلية أو تغييرات جذرية فى ظل حكومة انتقالية، ليس فقط لضيق الوقت وإنما الأهم لأنها ليست حكومة منتخبة، وبالتالى لا يجوز أن تأخذ من القرارات ما يحدد مصير البلاد لسنوات وعقود قادمة. الأولوية يجب أن تتجه لوضع الإجراءات الفورية لتنشيط الاقتصاد بما يخدم الصناعات الصغيرة والمتوسطة المهددة بالتوقف، ويشغل جيوش العاطلين فى قطاعات البناء والسياحة والصناعة، ويبعث برسالة واضحة للمستثمرين فى مصر وخارجها بأن البلد قد يكون مقبلا على تغييرات فى السياسة الاقتصادية تحقق المزيد من العدالة الاجتماعية، وأن هذا بلد سوف يحترم القانون والملكية الخاصة والحقوق المكتسبة على نحو سليم، وأن الاستثمار الذى يحترم قوانين البلد ويساعد فى التنمية الاقتصادية سيكون موضع ترحيب، كما يبعث برسالة أن حق العمال فى التنظيم وتكوين النقابات وفى الإضراب ليس محل نقاش.
وأخيرا نأتى للمهمة الخامسة: وهى المتعلقة بالعدالة الاجتماعية. وهنا يجب التروى فيما نطلبه من حكومة انتقالية. فليس من الممكن خلال أشهر قليلة أن يتم تنفيذ سياسات اجتماعية جديدة يلزم لتحقيقها سنوات وتنفيذ شاق ودقيق. ولكن الممكن أن نطلبه هو أن تتخذ حكومة شرف الثانية الإجراءات الضرورية والاستثنائية لتحسين أوضاع الأسر والأفراد الأكثر فقرا أو الأكثر تأثرا بالظروف الاقتصادية الحالية، خاصة العاملين باليومية، والمتوقفين عن العمل فى السياحة والبناء، والعائدين من ليبيا، والعاملات فى المنازل، والعمال فى القطاعات غير الرسمية، وغيرهم ممن يلزم التدخل لصالحهم بشكل استثنائى لحين إعادة تشكيل السياسات الاجتماعية للدولة.
هذه المهام الخمس هى أهم ما يمكن أن تقوم به حكومة شرف الثانية بحيث تنفذ المهمة التاريخية التى تحملت مسئوليتها، وتتجنب سوء الفهم والتناقض الذى وقعت فيه الحكومة السابقة. أما تغيير الأشخاص أو حتى الإعلان عن سياسات جديدة فلن يكون مفيدا لتحقيق مطالب الناس إذا لم نتفق على المطلوب والمتوقع من الحكومة أصلا والصلاحيات المتاحة لها خلال المرحلة الصعبة التى تمر بها البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.