لم يعد بإمكان مسئولى الدولة فى جميع الوزارات الإدلاء بتصريحات مع أو ضد وزرائهم، أو حتى الإدلاء بأى معلومات إلا بأمر الوزير المختص. صاحب هذا القرار الذى وصفته مصادر بأنه «يتنافى مع الحرية وأهداف الثورة» هو عصام شرف، رئيس الوزراء، الصاعد على أكتاف ثوار التحرير، لتلبية مطالب الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية. قرار شرف صدر منذ نحو الشهرين، لكن آليات تنفيذه فى صورة نشرات توزع على جميع القطاعات والمناطق والمحافظات تواصلت تباعا، حتى أصبح التقاط معلومة من أصغر موظف فى الوزارة أصعب كثيرا من التحاور مع الوزراء أنفسهم، ما أدى لحجب كثير من المعلومات والمقترحات العملية للخروج من أزمات طاحنة مثل ارتفاع الأسعار وتثبيت العمالة واستصلاح الأراضى ومشروعات الإسكان الاجتماعية. ونص القرار على عدم الإدلاء بأى تصريحات صحفية إلا من خلال الوزير المختص، وهو الموقف الذى اعتبره مصدر مسئول بوزارة الزراعة «أكثر تعنتا من قرار رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، حين قرر عدم الإدلاء بتصريحات للإعلام والصحافة إلا بعد الرجوع لإدارات الإعلام والعلاقات العامة أو المتحدثين الرسميين»، رافضا سياسة «التضييق الإعلامى على القيادات والباحثين والعلميين، المفترض تمتعهم بالمسئولية الكاملة عما يدلون به من تصريحات»، ولم ينس أن يقول بلهجة تهكم «الكلام ده مش على لسانى». وفى وزارة الموارد المائية والرى، تجنب جميع المسئولين الإفصاح عن أى معلومات تخص المشروعات المائية القومية أو وضع الأمن المائى الحالى أو حتى مجرد الرد على الشكاوى التى ترد من المزارعين والفلاحين فى حالة انقطاع مياه الرى، وهو ما أرجعه العديد من المصادر بالوزارة إلى تعليمات عليا نقلها إليهم الوزير، حسين العطفى، من رئاسة الوزراء فى مخاطبات رسمية تمنعهم من التحدث مع الإعلام نهائيا. وفى الوقت الذى يرفض فيه المسئولون بالوزارة التحدث مع الإعلام، أرجع الوزير مسئولية الإدلاء بالبيانات الصحفية الرسمية والأرشيفية إلى رئيس قطاع مكتب الوزير، عصام خليفة، والذى غالبا ما يرفض الإدلاء بأى تصريحات دون ذكر البيانات الرسمية التى تعزز من مجهودات الوزير فى إدارة المياه فى مصر، دون غيرها. تعليمات العطفى أثارت غضب العاملين فى الوزراة، ورأوا فيها إساءة لهم، ومنعم من حقهم الدستورى فى توضيح بعض النقاط المجهولة فى نطاق عملهم للرأى العام، وهو ما دعاهم إلى إرسال العشرات من الرسائل الإلكترونية لفضح سياسات العطفى وكشف مخالفات تورط فيها خلال عمله رئيسا لمصلحة الرى، فضلا عن عضويته فى لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل. وفى إطار حالة الاحتجاج التى سيطرت على العاملين بالوزارة تقدم رئيس قطاع مياه النيل السابق، عبدالفتاح مطاوع، والذى كان قد أحاله الوزير إلى مكتب الخطط البحثية بالمركز القومى لبحوث المياه، ببلاغ للنائب العام ضد وزير الموارد المائية والرى، يتهمه بمحاولة تجريده من حقوقه الدستورية والقانونية، وقال مطاوع فى خطابه للنائب العام: «أرفض تماما كل ما ورد فى خطاب العطفى من توجيهات، ولن أطلب إذنا من أحد أيا كان؛ لأننى مسئول عما أقول مسئولية تامة»، مطالبا رئيس الوزراء بشرح خلفية هذه القرارات والتعليمات إلى الرأى العام. أما فى وزارة الإسكان، فوزعت إدارات الإعلام والعلاقات العامة صورة المنشور الرسمى الذى صدق عليه «شرف»، بمنع أى مسئول بالجهاز الحكومى الإدلاء بأى تصريحات صحفية أو الظهور الإعلامى إلا من خلال الوزير المختص. وكشفت مصادر بالوزارة أن هذا المنشور تم توزيعه مصحوبا بتشديد على ضرورة تنفيذه، وتراجع عدد من مسئولى الوزارة عن الرد على «الشروق» فى موضوعات صحفية. وأتت تعليمات منشور شرف أكثر تشددا من نظيف؛ لأنه أرجع الإدلاء بأى تصريحات أو تعامل مع الصحفيين إلى الوزير المختص فقط وليس كما كان يشير نظيف بالتنسيق مع إدارات العلاقات العامة والإعلام.