دعا محللون اقتصاديون دوليون، اليوم الأحد، الحكومة المصرية إلى كبح معدلات التضخم ودعم احتياطي النقد الأجنبي -الذي تراجع إلى حوالي 5ر26 مليار دولار في نهاية يونيو الماضي مقابل 1ر36 مليار خلال ديسمبرالماضي- لإيجاد البيئة المواتية للاستثمارات الأجنبية وزيادة معدلات الإنفاق الاستهلاكي وتفادي الصدمات الاقتصادية الدولية. حيث قال المحلل الاقتصادي الأمريكي كريستيان ماثيو إن الحكومة المصرية ينبغي عليها منح الأولوية لكبح معدل العجز في الميزانية عن طريق توفير الاعتمادات المالية اللازمة، سواء من خلال المساعدات الخارجية أو الموارد المحلية. وأضاف أن تراجع حجم احتياطي النقد الأجنبي خلال الأشهر السبعة الماضية جاء نتيجة انخفاض حجم الصادرات وتحويلات المصريين في الخارج، وخاصة بالدول التي تشهد ثورات كليبيا، بالإضافة إلى الهبوط الحاد في عائدات السياحة والتدفقات الاستثمارية الأجنبية وضخ كميات كبيرة من الدولارات بالسوق المصرفية لدعم العملة المحلية. وأشار إلى أن عودة المظاهرات الفئوية والاعتصامات العمالية تشكل خطرا على بيئة الاستثمار والاستقرار الاقتصادي، مشددا على ضرورة إيجاد تسوية عادلة للعوامل التي تغذي تلك المظاهرات والاعتصامات. المساعدات العربية ومعدلات العجز: من جانبها، قالت سوزان سميث، كبيرة المحللين الاقتصاديين بمؤسسة كابيتال انفيستمنت الدولية، إن المساعدات العربية والموارد المحلية سوف تسهمان في كبح معدلات العجز في الميزانية خلال العام المالي 2011 - 2012 عقب رفض مصر لقروض صندوق النقد والبنك الدوليين. وتوقعت احتمال تباطؤ معدل الناتج المحلي الإجمالي بمصر خلال العام المالي 2011 2012- نتيجة الإحجام عن طلب المساعدات من صندوق النقد والبنك الدوليين ورصد المزيد من المخصصات المالية بالميزانية لمواجهة متطلبات العدالة الاجتماعية. وحذرت من التداعيات السلبية الناجمة عن تراجع حجم احتياطي النقد الأجنبي مطالبة بتجنب الإفراط في الاستدانة من الخارج وتعزيز الصادرات واتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لدعم الاستقرار من أجل تنشيط السياحة والاستثمارات الأجنبية. في سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي البريطاني مايكل كلاوس إن رفض مصر الاستدانة من صندوق النقد والبنك الدوليين سوف يسهم فى تعزيز تصنيفها الائتماني، لافتا إلى أن مؤسسة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني رفعت تصنيفها لديون مصر بالعملة الأجنبية طويلة الأجل إلى "بى بى"، وذلك بعد أن كان تصنيفها سلبيا في تقريرها السابق. وحث الحكومة المصرية على تقليص حجم الدين الخارجى وإيجاد مصادر بديلة لتوفير موارد اضافية للموازنة كالحد من دعم الطاقة، مشددة على ضرورة تنفيذ برنامج للاصلاحات الضريبية لدعم الاستثمار وتوفير الموارد اللازمة لتمويل مشروعات البنية التحتية وتنمية رأس المال البشرى من خلال زيادة الانفاق العام. الاستثمار الأجنبي يسير ببطء: من جانبه، قال الخبير المالى الدولى كابيل سوليفان إن الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى لمصر يعد الركيزة الأساسية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، مشددا على ضرورة إعادة الثقة الدولية فى الاقتصاد المصرى ودعم المنافسة. ودعا كابيل الخبير فى شئون الاقتصاديات الناشئة إلى توفير حوافز ضريبية للشركات الاجنبية لدعم الاستثمار فى مصر، لافتا الى ان النهوض بمصر يقتضى تحديد احتياجات البلاد خلال الفترة المقبلة والتركيز على الصناعات كثيفة العمالة ودعم قطاع الزراعة. فى السياق ذاته، قال المحلل الاقتصادى كريستوفر هيريت إن الاستثمار بمصر فى الوقت الحالى يسير بخطى بطيئة، إلا أنها لم تعد مقلقة بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية الدولية فى ضوء حالة عدم الوضوح التى تكتنف المستقبل السياسى للبلاد فى الوقت الحالى، متوقعا زيادة معدلات الاستثمارات الاجنبية فى مصر بحلول الربع الاول من العام القادم. وأوضح ان عددا كبيرا من الشركات العالمية الكبرى أبدت رغبتها فى الاستثمار بمصر خلال الفترة القادمة، مشددا على ضرورة مواصلة الاصلاحات الاقتصادية بمصر لدعم البيئة المواتية للاستثمار. وأشار الى ان تحسن بيئة الاستثمار فى مصر سوف يتوقف على تعزيز سيادة القانون ومحاربة الفساد وتعزيز دور الأجهزة الرقابية والمصرفية والإدارة الرشيدة فى المؤسسات الاقتصادية سواء العامة أو الخاصة. ونوه الى أن الاقتصاد المصري مازال قادرا على تحقيق النمو رغم الصعوبات التى يواجهها، مشددا على ضرورة دعم استقرار العملة المحلية، وتقليص معدلات العجز فى الميزانية والتضخم. وتابع أن مؤسسات دولية عديدة توقعت انتعاش الاقتصاد المصري خلال الخمس سنوات القادمة، وخاصة مع استقرار الأوضاع السياسية، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 1% فقط خلال العام الحالي، مشيرا الى أن الصندوق توقع استعادة الاقتصاد عافيته خلال العام القادم ليصل المعدل إلى 4% ثم 5% في عام 2013 .