عندما دخل الشباب إلى مسرح الجلاء للقاء بعض أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة مساء الأربعاء الماضى وجدوا استطلاعا للرأى يتضمن 23 سؤالا من بينها: رأى الشباب فى الحكومة والمجلس الأعلى، وهل هناك سلبيات فى أدائه؟. الشخص صاحب فكرة الاستطلاع يستحق التحية، لأنه يؤكد أن المجلس الأعلى يقبل النقد، والتراجع عن أى خطأ يرتكبه والأهم أنه ليس عنيدا، وهى الصفات التى غابت عن مبارك وجعلت نظامه ينهار كقصر من الرمال. إذن عندما ينتقد صحفى أو حزب أداء المجلس الأعلى فيما يتعلق بقراراته السياسية فهو لا ينتقد من قريب أو بعيد مؤسسة القوات المسلحة. التى تحظى بتقدير الجميع، والتى لولاها ما نجحت الثورة. وبما أن المجلس الأعلى طلب من الشباب الإجابة عن الأسئلة الواردة فى الاستطلاع فسوف أعتبر نفسى شابا وأطلب من المجلس الأعلى أن يعيد التفكير فى آلية الجلسات الجماعية مع الشباب فى المستقبل. مبدئيا لا أحد يختلف على التحاور، لكن شرط ألا يتحول إلى مجرد «مكلمة» عن الثورة العظيمة والعلاقة الممتازة بين الشعب والجيش ثم ينصرف الجميع إلى حال سبيله، وكأن شيئا لم يكن. لو أن كل شخص تحدث لدقيقة واحدة من الحاضرين فإننا بحاجة إلى 1200 دقيقة، أى إننا نحتاج عشرين ساعة للجلسة الأولى فقط. وبما أن ذلك مستحيل عمليا فيمكن البحث عن بدائل كثيرة مادام الهدف هو أن يتعرف المجلس الأعلى على رؤية الشباب للمستقبل. ثم أنه يمكن اختيار واحد أو اثنين عن كل ائتلاف بدلا من عشرة أو أن يحضر العشرة شرط ألا يزيد كل لقاء عن خمسين أو مائة شخص بدلا من 1200 شاب وهو عدد يزيد على حجم عضوية بعض الأحزاب التى مضى على تأسيسها أكثر من 20 عاما. أما السؤال الأكثر جوهرية فهو: هل الحاضرون يمثلون كل شباب مصر فعلا؟!. على ذمة موقع «اليوم السابع» الإلكترونى فقد ذكر مساء الأربعاء الماضى أن التيار السلفى شكل أكثر من عشرين ائتلافا قبل اللقاء مباشرة بساعات، وهذا حقهم، لكن يفترض أن تكون خريطة الحاضرين ممثلة لكل التيارات والقوى وأن تعكس الحقائق على الأرض. وما حدث أن قوى أساسية قاطعت اللقاء مثل 6 أبريل و«العدالة والحرية» وكفاية وحشد وائتلاف شباب الثورة لأسباب يرونها جوهرية. لو كنت مكان المجلس الأعلى لاستمعت لأسباب المقاطعة وتفهمتها جيدا وحاولت حلها، لأن هذه القوى هى التى لعبت الدور الأبرز فى إشعال الثورة ويمكن أن ندعى أنها تمثل جزءا كبيرا من الشباب الجديد، الذى لم يكن ينتمى لأحزاب بقدر ما كان يسعى إلى الحياة فى بلد يحترم مواطنيه وحقهم فى الحياة الكريمة. من المهم أن يستمع المجلس الأعلى لكل الأصوات والتيارات والأهم عليه أن يحذر من هوجة الائتلاف التى تتشكل فى ثوان وتفرض نفسها على خبر فى صحيفة أو فقرة فى فضائية ثم تبدأ فى التنظير لقضايا الوطن والأمة بل والعالم. أتمنى أن نسمع خبرا قريبا عن لقاء موسع بين المجلس الأعلى والقوى الحقيقية التى أنجزت ثورة 25 يناير، يسبقه جدول أعمال محدد، وينتهى إلى وضع تصورات مشتركة. لو تم ذلك، فلن نسمع عن مليونيات فى الطريق بل سنصل إلى قواسم مشتركة حول كل القضايا الملتبسة من وضع الدستور إلى الانتخابات، نهاية بشكل مصر غدا.