أكد الدكتور أحمد جلال، مدير منتدى البحوث الاقتصادية العربية، أن ثورة 25 يناير ليست مسؤولة عن الأزمة الاقتصادية الحالية التي تتعرض لها مصر، مشيرا إلى أن العجز المالي والدين العام كانا مرتفعين قبيل الثورة. وأوضح جلال، في كلمة له خلال لجنة الحوار الوطني حول التنمية الاقتصادية والمالية اليوم الاثنين، أن مصر قبل 25 يناير كانت تتوقع نموا اقتصاديا بنسبة 5.6% خلال العام المالى 2010 - 2011، ومعدل بطالة تصل إلى 9%، وارتفاع نسبة التضخم إلى أكثر من 10%، بالإضافة إلى توقع أن يسجل العجز في الميزانية نحو 8% من الناتج المحلي. وأضاف، أن المشكلة الأكبر كانت تكمن في أن الدين العام الداخلي قد بلغ 67% من الناتج المحلي منذ عام 2008، كما بلغت قيمة ديون مصر الخارجية 35 مليار دولار، أي حوالي 14.47% من الناتج المحلي الإجمالي في ديسمبر 2010. كما أكد أنه عقب ثورة 25 يناير أدى انعدام الأمن والقلق التي شابت التطورات السياسية إلى التأثير الكبير على الاقتصاد فقد خرجت من مصر تدفقات هائلة من رأس المال في الفترة من يناير2011 إلى مارس الماضي، بما في ذلك 6 مليارات دولار في صورة مبيعات للأجانب لسندات الخزانة، لافتا إلى انخفاض عائدات مصر من النقد الأجنبي الناتج عن الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين من العاملين في الخارج وتباطؤ الإنتاج المحلي. وتوقع جلال انخفاض مؤشرات النمو الاقتصادي للعام المالي المنتهي في يونيو القادم بما لا يتجاوز 1 أو 2%، بالإضافة إلى ارتفاع معدل البطالة، ليس فقط بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، ولكن أيضا بسبب عودة العاملين المصريين من ليبيا، كما توقع أيضا أن يظل معدل التضخم أعلى من 10%. وأشار إلى قيام السلطات المسؤولة عن السياسة النقدية بمواجهة خروج رؤوس الأموال وانخفاض عائدات النقد الأجنبي عن طريق السحب من الاحتياطيات (الرسمية وغير الرسمية) حوالي 13 مليار دولار فيما بين شهر يناير 2011 ومارس، لتصل الاحتياطات الرسمية إلى 30 مليار دولار فى نهاية مارس أو ما يوازي 6 أشهر من الواردات السلعية، كذلك انخفاض سعر الصرف بنسبة 2% خلال تلك الفترة. وكان البنك المركزي المصري، المسؤول الأول عن تقدير الاحتياطات، قد أعلن مؤخرا أن الاحتياطات الدولية قد وصلت إلى 28 مليار دولار خلال أبريل الماضي، وأعرب جلال عن قلقه أن تمر البلاد خلال الستة أشهر القادمة بمرحلة حرجة نتيجة الاستجابة إلى بعض المكاسب الفئوية بشكل فوري في الوقت الذي يتراجع فيه معدل النمو وترتفع البطالة، بالإضافة إلى ارتفاع حجم الاقتراض الحكومي. كما يتوقع كذلك استمرار صعود أسعار الغذاء والوقود عالميا ومحليا إلى معدلات عالية وزيادة الديون المتعثرة، وتعرض ميزان المدفوعات لضغوط متزايدة، بسبب الزيادة المتوقعة في عجز الحساب الجاري، وعزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في مصر حتى يتم إجراء الانتخابات القادمة، وأضاف، أنه وفقا لبيانات الحكومة، تقدر فجوة التمويل على مدار ال14 شهرا القادمة بحوالى 12 مليار دولار (2 مليار 2010 - 2011، 10 مليار 2011 - 2012). وقال: إن الحل للخروج من تلك الأزمة ولوقف تدهور الوضع الاقتصادي في مصر ليست فقط بأيدي الاقتصاديين إنما بأيدي صانعي السياسة أيضا، عن طريق توفير الأمن والاستقرار واتباع خطة واضحة خلال المرحلة الانتقالية لمساعدة الجميع على تكوين توقعات إيجابية لمستقبل الاقتصاد المصري. وطالب بمقاومة أي ميل لزيادة العجز المالي استجابة إلى ارتفاع سقف التطلعات والمطالب، مشددا على إعادة النظر في هيكل النفقات العامة، بحيث يتم إعادة توزيع الموارد على نحو يعود بالنفع على الفقراء، ويساعد على تنشيط الاقتصاد وتنظيم الوضع الاقتصادي الكلي، ودعا إلى تبني سياسة مرنة، تجمع بين استخدام سعر الصرف والتدخل في سوق الصرف الأجنبي، بجانب التحول إلى نظام سعر الصرف المتحرك والشفافية في إدارة السياسة النقدية، كما طالب بتوفير حوافز لأصحاب الأعمال في القطاع الخاص لزيادة التوظيف، والنظر في رفع الحد الأدنى من الأجور.