بقعة فريدة.. شهدت العديد من الأحداث الوطنية وسار على أرضها الأنبياء ، واجتازتها العائلة المقدسة فى رحلتها المباركة، لتكون من أولى المدن التى استقبلت رايات الإسلام.. إنها تلال الإسماعيلية التى تكفى جولة لمناطقها الأثرية لتكشف عن رصيد هائل من الإهمال تراكم بفعل السنوات وعدم الاهتمام. القمامة والقوارض والحشرات فضلا عن الروائح الكريهة المنبعثة، أبرز دليل على سقوط «التلال» من ذاكرة المسئولين، وهو ما ترصده «الشروق» فى جولتها بين التلال. تل المسخوطة يقع فى قرية السبع آبار وكان يحظى فى الماضى بأهمية كبرى بين السائحين وذاع صيته بين الأقباط كموقع شهد رحلة السيدة مريم وعيسى عليه السلام، حتى أنهم أصبحوا يتباركون بزيارته فى مناسباتهم المختلفة، إلا إنه بمرور الوقت تراجعت شعبيته وأصبح مطمعا للكثيرين ممن تعدوا على أراضيه، ساعدهم فى ذلك غفلة المسئولين، لتتحول «المسخوطة» إلى حى سكنى من البيوت الريفية المبنية بالطوب. ومع انعدام الخدمات بالمنطقة تحولت المسخوطة إلى مركز وملاذ آمن للخارجين عن القانون يمارسون فيه جرائمهم من تعاطى للمخدرات وقطع الطرق حسب أهالى المنطقة. مدينة فرعونية يقع تل المسخوطة على مساحة 82 فدانا وظهر عام 1886 أثناء إجراء بعض الحفائر فى المنطقة التى اكتشفها عالم الآثار إدوارد نافيل، حيث ظهرت مجموعة من تماثيل «أوشيبتى» أطلق عليها العمال اسم المساخيط ثم ثبت فيما بعد أن هذه المنطقة هى مدينة برآ توم الفرعونية (أى مقر عبادة الإله آتوم)، بينما يفسر البعض سبب تسميته بالمسخوطة إلى أن التماثيل الموجودة بالمكان «كانت لأفراد حقيقيين لكنهم سخطوا، فسميت المنطقة بهذا الاسم». ويضم التل آثار بناء من الطوب اللبن وأوانى فخارية وتمائم وجعارين ترجع إلى الدولة الوسطى وعصر الهكسوس والدولة الحديثة والعصر اليونانى وبئر مياه من الحجر الجيرى بعمق 30 مترا، ويقال إن قناة سيزوستريس كان لها ميناء فى المسخوطة ومجرى مائى مصمم بالحجر الجيرى. سور الحماية يعلم سكان المنطقة تماما بأهمية المنطقة كموقع أثرى حتى إن بعضهم أكد أنهم يقيمون فى المنطقة التى استقروا فيها منذ أعوام طويلة، تباركا بها فهى، موقع مقدس، ويكفى أنها شهدت رحلة العائلة المقدسة»، مضيفين أنهم أحيانا ما يشاهدون «من وقت لآخر عدة جولات سياحية». مضيفين أن نسبة الزائرين «انخفضت كثيرا إلى حد الانعدام، إثر هذا الإهمال، حيث لا يوجد بالتل أى مقومات تشجع على زيارته، كما أن نقل العديد من آثار التل جعله شبه خاوٍ، والمسئولون ودن من طين وودن من عجين». الأهالى قالوا إن «القمامة المتراكمة حول البيوت الطينية تظل أسابيع دون إزالتها، وأصبح بناء سور حول التل، يحمى المنطقة من تسلل الخارجين عن القانون»، ولم يخف سكان التل تخوفهم من عمليات التنقيب عن الآثار «التى قد تتسبب فى إجلائهم عن المنطقة». بجانب تل المسخوطة تضم الإسماعيلية عدة تلال لم يكن حالها أفضل على الإطلاق من تل المسخوطة الذى يعد أكثرها إهمالا نظرا لقربه من المناطق السكنية والمدينة.. لكنها تضم أيضا عدة تلال بمراكز التل الكبير وفايد والقنطرة شرق أهمها تلال الرطابى والكوع والنعايمة وأبو صيفى والحير والحطب وآثار حبوة وطريق حورس الذى يمتد من القنطرة شرق حتى رفح المصرية. مزار سياحى «لماذا لا يتحول تل المسخوطة لمزار سياحى ويعاد تجديده»؟ سؤال كان لابد من طرحه فى ظل ما شاهدناه من إهمال بالمكان والذى أجاب عنه طارق حرش، مدير عام آثار منطقة القناة: «تراكم القمامة سلوك يتبعه الأهالى، وإزالتها شأن خاص بالوحدة المحلية لقرية السبع آبار التى يتبعها التل، كما أن المنطقة ريفية وغير مجهزة بوسائل النظافة الكافية وجار رصف طريق (المسخوطة رزق الله) وإحاطته بسور يفصل المبانى عن التل الأثرى». ويؤكد حرش أن الأهالى «تعدت على الأراضى المجاورة للتل، وقامت ببناء منازل لذلك فإن التنقيب عن الآثار استوجب سحب 7 أفدنة، وستتوالى بعثات التنقيب فور استقرار الأوضاع البحث فى جميع الفراغات الموجودة بالتل، الذى يعد من أهم المناطق الأثرية فى منطقة شرق الدلتا، والتى حظيت باهتمام الباحثين والدارسين فى مجال الآثار، والمتوقع أن يستخرج منه المزيد من الآثار». وأضاف: «خطة التطوير خلال الفترة المقبلة تتم بالتنسيق مع القوات المسلحة، وتشمل تطوير التل بشكل كامل وفتحه مرة أخرى أمام الأفواج السياحية، والانتهاء من إنشاء مخزن متحفٍ بتل الرطابى بالقصاصين، يضم الآثار المكتشفة بالمحافظة بجانب إنشاء قاعة لعرض آثار المحافظة وتجهيزها كمزار سياحى».