يبدأ وزراء المياه العرب، اجتماعاتهم غدا الاربعاء بمقر الجامعة العربية، لبحث سبل التفاوض الرامية إلى وضع حلول لمشاكل نقص المياه في العالم العربي من خلال ترشيد استهلاك المياه المستخدمة في الزراعة، ومناقشة وضع أستراتيجية للأمن المائي العربي. ويتواكب عقد الاجتماع مع الجدل الدائر حول إعلان اثيوبيا عن تدشين مشروع "سد النهضة الإثيوبي العظيم" على النيل الأزرق بالقرب من الحدود مع السودان وسط تحذيرات الخبراء من مخاطر اندلاع ما اصطلح على تسميته "حروب المياه" بسبب الخلافات على توزيع حصص مياه الأنهار في العالم. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 250 نهرًا دولياً مشتركًا تعد مصدرا رئيسيا للمياه في الدول المطلة عليها، فيما يتوقع المراقبون نشوب حوالي 300 نزاع محتمل في شتى أنحاء العالم حول المياه قد تتطور إلى صراعات مسلحة. وتبدو صورة أزمة المياه في العالم العربي، من حقيقة أن 19 دولة عربية تقع تحت خط الفقر المائي، فيما يعاني 50 مليون مواطن عربي في الوقت الراهن من نقص المياه الصالحة للشرب، كما تعاني 13 دولة عربية من بين أكثر من 19 دولة في العالم من ندرة المياه، ورغم أن سكان العالم العربي يشكلون 5% من تعداد سكان العالم إلا أن نصيبه من المياه النقية المتجددة لا يتجاوز 1%. والأمر الأكثر خطورة أن البلاد العربية تعتمد على أنهار تنبع من خارج حدودها تتحكم في أكثر من 60% من إجمالي الموارد المتاحة وما يمثله ذلك من تحديات في غياب اتفاقيات تنظم العلاقة مع دول المنابع، وتساهم الأنهار التي تنبع من خارج المنطقة العربية بحوالي 124 مليار م3 من احتياجاته. وأشار تقرير للبنك الدولي إلى أن متوسط نصيب الفرد السنوي من الموارد المائية المتجددة والقابلة للتجديد في الوطن العربي بلغ في عام 1960 حوالي 3430 م3 ومن المتوقع أن يصل إلى 667 م3 للفرد بحلول عام 2025، أما معدل موارد المياه المتجددة سنوياً في المنطقة العربية فيبلغ حوالي 350 مليار م3. ويحذر المحللون من خطر نشوب حروب في منطقة الشرق الأوسط والعالم بسبب المياه، خاصة وأن أغلب الأقطار العربية لا تملك السيطرة الكاملة على منابع مياهها، فأثيوبيا وبوروندي والكونغو وكينيا وأوغندا وغينيا والسنغال وتركيا وإيران تتحكم بحوالي 60% من منابع الموارد المائية للوطن العربي. وتشترك مصر وأوغندا واثيوبيا والسودان والكونغو الديمقراطية وبوروندي وتنزانيا ورواندا وكينيا في مياه نهر النيل، كما تشترك العراق وسوريا وتركيا في مياه نهري دجلة والفرات، وتعاني كل من الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة من استغلال إسرائيل لمياه انهار الأردن، واليرموك، والليطاني والوزاني، ونهر الجليل في الجولان المحتل. وللتغلب على مشكلة نقص المياه العذبة، عمد عدد من الدول العربية إلى تحلية المياه وعلى سبيل المثال يبلغ حجم مياه البحر المحلاة في دول الخليج العربية إلى 85.1 مليار متر مكعب أي حوالي 90% من إجمالي إنتاج المنطقة العربية من المياه المحلاة. وتشير البيانات الصادرة عن مراكز الدراسات العربية والغربية إلى أن إسرائيل ستعاني في السنوات القليلة القادمة عجزاً في المياه يصل إلى 50% الأمر الذي يدفعها إلى السعي حثيثا من أجل تأمين احتياجاتها. إن محدودية وندرة وتناقص موارد المياه في معظم الدول العربية والظروف الجغرافية والبيئية وتذبذب سقوط الأمطار، وتنامي احتياجات القطاعين الزراعي والصناعي لكميات هائلة من المياه تستدعي أن تضع الدول العربية استراتيجية شاملة للمياه، مع الحرص على زيادة الاستثمارات العربية في الدول التي تتحكم في منابع الانهار التي تمدها بالمياه.