انعقاد الجلسة الخامسة لمجلس جامعة الدلتا التكنولوجية    وزير الاتصالات يشهد توقيع اتفاقية لتطوير حلول رقمية مبتكرة بمجال الرعاية الصحية    الفقي: تلقينا أكثر من 11 ألف طلب تصالح على مخالفات البناء بسوهاج    "الخارجية" تحتوي أزمة الطلاب المصريين في قيرغيزستان    الشرطة الأمريكية تزيل مخيما مساندا لفلسطين في جامعة دريكسيل    طلاب يتضامنون مع غزة من على متن سفينة إسرائيلية يحتجزها الحوثيون    الهلال بقوته الهجومية أمام الطائي في الدوري السعودي    مصرع سيدة وإصابة 5 آخرين في حادث تصادم بالعبور    نهى عابدين تعلق على نصيحة يحيى الفخراني لها بخسارة الوزن (فيديو)    الصحة: المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض يختتم فعاليات ورشة العمل "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" بمدينة شرم الشيخ    «الأعلى للأمن السيبراني»: هدفنا الاستفادة من التكنولوجيا بشكل آمن    مسلسل إسرائيلي يثير الجدل والتساؤلات حول مقتل الرئيس الإيراني    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    20 لاعبًا في قائمة سموحة لمواجهة فاركو بالدوري المصري    روديجر: نريد إنهاء الموسم على القمة.. وركلة السيتي اللحظة الأفضل لي    وزير النقل خلال زيارته لمصانع شركة كاف الإسبانية: تحديث وتطوير 22 قطارًا بالخط الأول للمترو    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    أسماء جلال تنشر صورتين من احتفالية عيد ميلادها.. وسوسن بدر تعلق    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    أحمد مبارك: بعد ظهور السوشيال ميديا حدث تغير في طريقة الوعي الجمعي    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    ضبط المتهمين في واقعة ال«تعذيب لكلب» في منطقة عابدين    الكرملين: الأسلحة الغربية لن تغير مجرى العملية العسكرية الخاصة ولن تحول دون تحقيق أهدافها    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    في ذكرى رحيله...ومضات في حياة إبسن أبو المسرح الحديث    هكذا علق مصطفى خاطر بعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    المنشاوي يستعرض تقريراً حول إنجازات جامعة أسيوط البحثية ونشاطها الدولي    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    أحمد الفيشاوي في مرمى الانتقادات من جديد.. ماذا فعل في عرض «بنقدر ظروفك»؟    بمناسبة أعياد ميلاد مواليد برج الجوزاء.. 6 أفكار لهداياهم المفضلة (تعرف عليها)    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    افتتاح كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالمكسيك بمشاركة منتخب مصر    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    رئيس الوزراء يتابع مشروعات تطوير موقع التجلي الأعظم بسانت كاترين    هل هي مراوغة جديدة؟!    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ أسيوط يناشد المواطنين بالمشاركة في مبادرة المشروعات الخضراء الذكية    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    أخبار مصر.. التعليم نافية تسريب امتحان دراسات إعدادية الجيزة: جروبات الغش تبتز الطلاب    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة في الانتقالات الصيفية    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصراع على مياه الشرق الأوسط
نشر في أخبار مصر يوم 06 - 06 - 2008


مراكز السخونة
تسييس أزمة المياه
دور “اسرائيل”
الأنهار الدولية والمياه المحلاة
مستقبل المياه
حرب أو لا حرب
11 نزاعاً حول المياه:-
عندما اندلعت أزمة الفرات في عقد الثمانينات كان الأتراك يرددون مقولة “لكم نفطكم ولنا مياهنا”، وهو قول لا تخفى مقاصده على القارئ، فهم يتعاملون مع موضوع المياه من منطلق أن السلاح بأيديهم يتحكمون فيه كيفما شاؤا، مثلما أن دول الخليج تتحكم بموضوع النفط، وهو قول لا يلامس الحقيقة، بل يشير إلى حجم أزمة المياه التي وضعت على أجندة العلاقات الاقليمية والدولية من منظور “التسييس” وليس من باب القانون الدولي وحقوق المياه، التي أوجبتها التشريعات الأممية الصادرة عن الأمم المتحدة . .
مستقبل المياه في العالم العربي يشبه مستقبله السياسي فهو دائم التقلب سريع التغيير، قراره لم يعد مستقلاً، بل هو رهينة لعبة الكبار . .
والأمن المائي العربي ليس بعيداً عن مفهوم الأمن القومي، الذي تتعدد فيه الآراء والاجتهادات، من دون أن يلامس أرض الواقع أو يترجم قرارات فعلية تمنع التفتيت أو تحمي وحدة الاقليم العربي، تماماً مثل أمنه المائي الذي نحتفل به المناسبات في ظل عجز قائم، بالمحافظة على الحقوق العربية بالمياه أو تحقيق اكتفاء ذاتي يفي بالأغراض الصناعية والزراعية والشرب، فالعالم العربي وفق أحدث الاحصائيات يواجه نقصاً في موارده المائية بنسبة 40 % ونصيب الفرد من المياه أصبح أقل من 500 متر مكعب في السنة .
تجربة دبي
الذين يتحدثون عن أزمة لا يتكلمون من فراغ، والذين يفترضون “مواجهات” يستندون إلى حقائق ومعطيات على الأرض، أبسط مثال وأقربه امارة دبي وان كانت كل دول الخليج العربي، أي بلدان مجلس التعاون الخليجي تعتمد في تلبية طلباتها على مياه البحر وتحليتها، بعكس الدول العربية الأخرى في المشرق والمغرب، ووفقاً لاحصاءات هيئة كهرباء ومياه دبي تبلغ الطاقة الانتاجية من المياه في دبي 262 مليون جالون يومياً، والتي تتجه إلى للارتفاع إلى 800 مليون جالون يوميا بحلول ،2015 لذلك قامت ببناء أضخم خزانات خرسانية لمياه الشرب في العالم بهدف تلبية الطلب المتصاعد من عشرات المشاريع العقارية الضخمة والتي تكلف مليارات الدولارات، مترافقاً مع نمو سكاني متسارع وتطور اقتصادي، حيث شرعت ببناء ثلاثة خزانات بسعة 60 مليون جالون وستزيد الطاقة التخزينية من المياه من 235 مليون جالون إلى 415 مليون جالون، يشار هنا إلى أن خزانات مياه “غيرل توماس” التي تخدم مدينة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية تحمل حاليا لقب أكبر خزانات مياه خرسانية في العالم بسعة 35 مليون جالون . .
مراكز السخونة
وموضوع المياه يكاد يكون حاضراً في معظم المؤتمرات الدولية ذات الصلة، ففي المؤتمر الثاني الذي عقد في سويسرا أواخر العالم 2007 تقدمت “مبادرة لوتسرن” للسلام والأمن باقتراح يقضي باعتبار المياه حقاً من حقوق الانسان، وجرى نقاش في المؤتمر عن مجموعة من الهواجس بسبب تزايد الحصة اليومية للمواطن من المياه، وفي ظل حالة تثير الكثير من التساؤلات وتشيع جواً من عدم الاستقرار كون معظم الانهار التي تغذي المنطقة العربية تأتي من الخارج وتتحكم دول المنبع بدول المصب، فمصر والسودان باعتبارهما نقطة مصب لنهر النيل، وسوريا والعراق امتداداً لنهري دجلة والفرات الآتيين من تركيا .
ولعل أبرز مراكز السخونة هما حوض النيل وأثرهما في مصر والسودان وحوض وادي الفرات وارتباطهما بالعراق وسوريا والتي شهدت توترات وخلافات حدودية كادت تتسبب بمواجهات عنيفة .
وكما ينقل الدكتور سعيد اللاوندي، فنهر النيل يثير عددا من القلاقل ويمثل صداعا في رأس مصر بسبب تلويح بعض الدول من الحوض بطرح اعادة توزيع الحصص المدرجة بالاتفاقات الدولية المنظمة لها، سيما وأن البعض يطرح بين وقت وآخر موضوع خصخصة مياه النيل أو تسعيرها وفتح بورصة للمياه يجري من خلالها بيع وشراء البراميل على غرار بورصات النفط العالمية من أجل ادخال هذه المادة الحيوية في لعبة الصراعات والنزاعات وتحويلها سلعة تجارية بعيداً عن الاتفاقات الدولية المثبتة للحقوق المائية للمستفيدين منها .
والتقارير الخارجة من مصر كبلد زراعي تشير إلى أن المياه لم تعد تتدفق بنفس المعدلات الماضية في عدد من المناطق إلى جانب شح مياه الشرب في عدد من المحافظات .
تسييس أزمة المياه
الخبراء بالشأن المائي يستغربون بالرغم من وجود توجهات أو خطط لإشعال الفتن بسبب المياه، كيف أن العرب مازالوا غائبين عن وضع آلية تضمن عدم التلاعب بورقة المياه من قبل الغير أو استخدامها ورقة سياسية للابتزاز وتوفر حد أدنى من الضمانات لإيصالها إلى المواطن العربي في وقت الأزمات، فلا الاحتياطات تأخذ مساحة من الاهتمام ولا الترشيد نال ما يمكن أن نسميه الحد من “الإسراف” غير المبرر وتحديداً في منطقة الخليج العربي، التي تتحمل فيها الحكومات أعباء مالية رهيبة ومرتفعة من أجل مياه الشرب والاستخدامات الأخرى المتنوعة .
دور “اسرائيل”
البعض يعتقد أن أكثر المناطق قابلية لإشعال الصراعات فيها من أجل المياه هي منطقة الشرق الأوسط، وأن الصراع على المياه هو سمة من سمات هذه البقعة الجغرافية التي تتعدد فيها النزاعات العسكرية والسياسية والحدودية، فالدراسات البحثية كما أشار إلى واحدة منها الباحث عماد سعيد لبد تقول إن نسبة ما تحصل عليه “اسرائيل” من المياه، ومن خارج حدود الأراضي العربية المحتلة عام 1967 تبلغ 68% من اجمالي استهلاكها للمياه، بينما تحصل الدول العربية من خارج حدودها على 60% ما يبين خطورة وأهمية المياه للأطراف والدول المعنية في المنطقة .
ف “اسرائيل” عملت على استنزاف المياه الفلسطينية منذ احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 والسيطرة على أحواض المياه فيها، وأطماعها في المياه اللبنانية تعود إلى العام 1919 عندما أعلنت الحركة الصهيونية عقب مؤتمر فرساي رغبتها في السيطرة على جنوب لبنان وجبل الشيخ والدعوة لإدخال المياه الضرورية ضمن حدودها، وكذلك الأمر بأطماعها في مياه نهر الأردن والمياه السورية، وفي مجمل الأحوال تشير الاحصاءات إلى أن “اسرائيل” تستهلك من المياه حوالي 80% من مجموع الأحواض المائية المشتركة مع الفلسطينيين في حين أن 80 90% من مناطق التغذية لتلك الأحواض تقع في المناطق الفلسطينية .
الأنهار الدولية والمياه المحلاة
ويرى الباحث والمحاضر في جامعة حيفا “أرنون سوفر” في كتابه “الصراع على المياه في الشرق الأوسط” أن منطقة الشرق الأوسط غارقة في مشاكل تخص ايجاد عملية توازن بين تزايد عدد السكان وانتاج الغذاء والطاقة وبين الشح في الموارد المالية، وبحسب معطيات لجنة الأمم المتحدة للمصادر الطبيعية والأنهار الدولية يوجد في العالم حوالي 214 نهراً دولياً منها (110) أنهار لها منابع كبيرة جداً وأنه يوجد 69 نهرا دولياً في قارة أمريكا و 48 في قارة أوروبا و57 في إفريقيا و 40 في قارة آسيا .
وفي دراسة نشرتها صحيفة “القبس” الكويتية بتاريخ 2-6-2006 نسبت القول إلى ابراهيم الحسيني، والذي يشغل منصب نائب رئيس في مؤسسة “بوز آلن هاملتون” وهي شركة استشارية عالمية في الاستراتيجية والتكنولوجيا، أن معدلات الاستهلاك المرتفعة تعزى بشكل رئيسي إلى السياسات الزراعية العشوائية التي تشكل احيانا أكثر من 90% من استخدام المياه في البلاد تضاف اليها نسبة 40 إلى 50% خسائر بالفاقد من المياه، حيث أدت معدلات الاستخدام المرتفعة إلى تضاؤل موارد المياه الجوفية، اذ تستنفذ المياه من خزانات المياه الجوفية أسرع مما يلزم لإعادة ملئها، بينما يعطي الدكتور وليد فياض مدير قطاع الطاقة والمرافق في هذه المؤسسة رأياً آخر بقوله إن “مخزون المياه الجوفية غير المتجدد الذي استغرق تجميعه مئات أو آلاف السنين قد يستنفد في غضون عقدين من الزمن بمعدلات الاستهلاك الحالية ونظراً للاستخدام المفرط للخزانات الطبيعية ثمة اتجاه متزايد إلى استخدام المياه المحلاة التي تبلغ تكلفة استغلالها 3 أضعاف استغلال المياه الجوفية
وفي غالبية دول مجلس التعاون الخليجي تشكل المياه المحلاة أكثر من 50% من معدل استخدام المياه المحلي لكن الاعتماد على المياه المحلاة باهظ التلكفة حيث يتوقع أن تبلغ تكاليف تحلية المياه المالحة في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 24 مليار دولار بين عامي 2005 و 2015 مع العلم أن إنفاق السعودية والامارات يساوي 13 مليار دولار تقريباً .
مشكلة سياسية
على مدار الأعوام الماضية لم تغب أزمة المياه عن التجاذبات والمداولات السياسية والمتخصصة، ففي العام 2006 نظم معهد العالم العربي في باريس ندوة حول الأسباب التي أدت إلى ندرة المياه، وكانت مداخلة لرئيسة المعهد الدولي للدراسات الجيوسياسية زينة الطيبي عن الأزمة كأحد عوامل الخلاف بين “اسرائيل” والجانب العربي، ومن جهة أخرى بين تركيا وكل من سوريا والعراق، وقالت في تقرير نشرته صحيفة “الأهرام” المصرية بتاريخ 24-1-2006 لقد تحولت مشكلة ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط إلى مشكلة سياسية خطيرة لعدة أسباب، منها أن متوسط كمية المياه التي يجب أن يحصل عليها الشخص سنوياً هي 1700 متر مكعب ولكن عندما يصل المتوسط إلى أقل من ألف متر مكعب يبدأ القلق أما عندما يصل المتوسط إلى 500 متر مكعب فيمكن التحدث عن “فقر” في المياه، ويرى الخبراء أن الوضع في الشرق الأوسط خاصة في كل من فلسطين و”اسرائيل” والأردن حيث ينخفض متوسط المياه إلى ما دون 500 متر مكعب للشخص الواحد في السنة .
ومنها وجود خلل في توزيع المياه في المنطقة ف “إسرائيل” تحصل على ثلثي احتياجاتها من المياه من مصادر خارج حدود 1948 فتحصل على ثلث احتياجاتها من الضفة الغربية ومصادر المياه في قطاع غزة وثلث من بحيرة طبرية .
خلاصة البحث الذي قدمته زينة الطيبي يقوم على التحذير من تزايد خطورة المشكلة بسبب تزايد الاحتياجات، سواء تزايد عدد السكان في المنطقة أربعة أضعاف خلال الخمسين عاماً الماضية أو تزايد نسبة الأراضي المزورعة، ولهذه الأسباب ارتبطت مشكلة المياه بالمشكلة السياسية وبالصراع الفلسطيني - “الاسرائيلي” .
مستقبل المياه
يمكن القول إن الأزمة القادمة ومستقبل المياه في العالم العربي لهما صلة بمجموعة من المتغيرات والعناصر وهي مرتبطة ببعضها، سواء بفعل التغيرات المناخية أو بعامل الادارة غير الكفؤ أو بفعل التنافس والتناحر على هذا المورد وفي محيط أحواض النيل والفرات والأردن والتي تتحكم فيها دول غير عربية هي إثيوبيا وتركيا و”اسرائيل” .
لكن يجدر التوقف قليلاً هنا عند التقرير الذي قدمه “جون دفتريوس” وهو معد برنامج “أسواق الشرق الأوسط” في محطة ال “سي إن إن” الذي يورد أرقاماً وحقائق عن المنطقة بأن عدد السكان فيها سيبلغ بحلول العام 2020 أكثر من 600 مليون نسمة، وهو رقم ضخم مقارنة بالموارد المتاحة، اذ إن منطقة الشرق الأوسط لا تتلقى أكثر من اثنين في المائة من اجمالي كمية الأمطار في العالم فيما لا تتجاوز مواردها الواحد في المائة من اجمالي الموارد العالمية، ويقدر التقرير أن المنطقة الخليجية فقط ستحتاج إلى قرابة 100 مليار دولار كاستثمارات خلال الأعوام الثمانية المقبلة في قطاع المياه .
موضوع المياه في المنطقة العربية يكتسب أهمية خاصة بالنظر لمحدودية المتاح من مياه الشرب فالتصنيف العالمي يقول إن أي بلد يقل فيه متوسط الفرد من المياه بالسنة عن 1000 متر مكعب يعتبر بلداً يعاني من الندرة بالمياه، وبالتالي فإن هذه البلد يصبح في عداد الدول ذات الندرة المائية، فتقرير البنك الدولي يوضح أن متوسط نصيب الفرد السنوي من المياه في العالم العربي سيصل إلى 667 متراً مكعباً في سنة 2025 بعدما كان 3430 متراً مكعباً في سنة 1960 أي بانخفاض بنسبة 80% .
حرب أو لا حرب
وبحسب الأستاذ شريف الموسى المحاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة فإن الفكرة الرئيسية وراء حروب المياه تتمثل في أن ندرة المياه يمكن أن تؤدي إلى حرب، غير أن هناك الكثير من العوامل التي تحول دون اندلاع حرب بسبب ندرة المياه، وأضاف ان الخلافات السابقة بين البلدان المشتركة في أحواض الأنهار الرئيسية كان يجري احتواؤها بصورة عامة قبل أن تتحول إلى حرب، وأضاف “ان الظروف المهيأة لاندلاع حرب ليست موجودة” مشيراً في ذلك إلى عدم وجود قوة عسكرية كافية، والافتقار إلى الارادة لشن هجوم لأن هذا النوع من الخلاف على تقاسم مصادر المياه يمكن أن يدفع كل دولة بالفعل لتحسين ادارتها ويجبر كل الدول على اظهار مسؤوليتها بعدم اهدار المياه .
المشكلة ليست في الخليج
أما خالد أبوزيد من المجلس العربي للمياه فيرى أن على الدول العربية اتخاذ اجراء واسع قبل أن يزداد الوضع سوءاً والمبادرة إلى خطوات لزيادة وتحسين ادارتها لإمداد المياه ووضعها على رأس جدول الأعمال السياسي وزيادة التوعية العامة بشأن الحفاظ على المياه، أما كيفية المعالجة فان محمد بازا كبير مسؤولي الموراد المائية بمنظمة الأغذية الزراعة الدلوية (ألفاو) لا يرى فائدة من تسعير المياه كما يطرح أو أنه كفيل بتقليص الاستهلاك، فدول الخليج من وجهة نظره الغنية بالنفط قادرة على دفع تكاليف اقامة منشآت تحلية مياه الشرب لذلك فانها لا تواجه مشكلة فيما يتعلق بالحاجة إلى مياه تستخدم في الزراعة، وإن كان بامكانها الاستغناء عن المياه المستخدمة بالزراعة لقدرتها على استيراد الغذاء لكن المشكلة الحقيقية هي مع الدول الفقيرة التي ليس لديها ما يكفي من المياه المستخدمة لانتاج الغذاء الذي تحتاجه ولا المال الكافي لاستيراده .
ومهما يكن من أمر ففي المحصلة هناك أزمة واقعة قد تأتي ببطء لكن لم تصل بعد إلى حد الحرب، وإن كان هناك من يعتقد بأن الصراع على المياه سيشكل معادلات جديدة في المنطقة ستكون أشد حدة من الصراع على النفط أو هكذا يتنبأون .
11 نزاعاً حول المياه:-
عددت مؤسسة الاستشارات الدولية “برايس ووتر هاوس كوبرز” 11 منطقة تشكل موضع خلاف قابل لأن يتحول إلى نزاع وهي:-
* تركيا سوريا العراق بسبب السدود التركية التي بنيت فعلا او تدخل ضمن مشاريع مستقبلية لمياه نهري دجلة والفرات .
* ايران العراق حيث يتنافسان على شط العرب ملتقى دجلة والفرات .
* مصر السودان إثيوبيا حول مياه النيل .
* مصر السودان ليبيا تشاد النيجر التي يدور بينها خلاف حول حقل مائي جوفي بعمق 800 متر . وتريد ليبيا استثماره لشق نهر اصطناعي لتمد سواحلها بالمياه العذبة .
* زامبيا بتسوانا زيمبابوي موزمبيق حول تقاسم مياه نهر السنغال .
* الهند باكستان حول استثمار نهر الأندلس .
* الهند بنجلاديش حول دلتا نهري الغانج وبراهما بوتري .
* أوزبكستان كازاخستان قرغيزيا طاجيكستان حول نهر أمو داريا وسير داريا وبحر أرال .
* المجر سلوفاكيا حول محطة غبسيكوفو لتوليد الكهرباء الواقعة على نهر الدانوب .
* صربيا وكرواتيا بسبب “النقص المحلي” للمياه و”تحويلات التلوث” إلى نهري الدانوب والساف .
* باحث ومدير مركز المعلومات والدراسات في صحيفة القبس الكويتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.