المطرب الكبير محمد منير من قلائل المطربين الذين يستطيعون حسم المنافسات الغنائية لصالحهم، كما أنه المطرب العربى الوحيد الذى يستطيع أن يجعل الجماهير تتحرك فى كثافة عددية لا تقل عمن يشاهدون المباريات الكبرى فى كرة القدم. قالوا عنه إنه مرفوض فى الخليج لأنه يقدم أعمالا لا تتناسب مع مفاهيمهم السمعية. وكدنا نصدق هذا الأمر. لكن حفله الأخير فى أبوظبى، والذى أقيم ضمن مهرجان «ووماد» للموسيقى والفنون والرقص. وحضره ما يقرب من 50 ألف مشاهد، أكد أن هناك ما يشبه المؤامرة حجبت هذا الصوت عن جماهير الخليج، وكل الجاليات العربية والأجنبية هناك. فهو المطرب الوحيد الذى لم يغن هناك من قبل منذ ظهوره فى منتصف السبعينيات، رغم كل هذه النجاحات التى حققها، والتى جعلته النجم الأبرز فى عالم الغناء العربى طوال 30 عاما. لذلك أمر ابتعاده عن الخليج كان محيرا. منير فوجئ، وهو فى أبوظبى ببعض كبار المسئولين يسألونه: لماذا ترفض الحضور إلينا دائما؟.. والبعض الآخر يقول له: أخيرا وافقت على الحضور؟ وكلها أسئلة تعنى أن الملك هو الذى كان يبادر بالرفض.. وكان رد منير: إن الدعوة لم توجه إليه منذ احترافه الغناء لكى يقدم حفلات فى الخليج العربى. هنا فقط شعر الطرفان بأن هناك مؤامرة أبعدت منير 30 عاما عن الخليج. وأمام تلك الرغبة المتبادلة تم توجيه الدعوة لمنير لإقامة حفل آخر فى أبوظبى خلال شهر نوفمبر المقبل، ودعم هذا الطلب الحضور الجماهيرى الكبير لحفل منير، الذى فاق جمهور الشاب خالد. ومن طرائف الحفل أن إدارة المهرجان ظلت تقوم بإحصاء عدد الجماهير إلى أن وصلوا إلى الرقم 35 ألف مشاهد، وأمام التدفق الجماهيرى الكبير توقفوا تماما عن حساب الأعداد التى توافدت. الجميل أن إدارة المهرجان تعاملت مع الحدث بشكل احترافى شديد. شاشات عملاقة فى كل مكان حتى لا يحدث اندفاع من الجماهير يعكر صفو الأحداث. الصوت على أعلى مستوى، والإضاءة مبهرة، وغير تقليدية. أداء منير خلال الحفل كان على مستوى المسئولية خاصة أن المهرجان ضم أسماء كبيرة، منها الشاب خالد، لذلك كان منير الممثل الوحيد للغناء المصرى، وكان هذا تحديا جديد له، استطاع أن يحسمه لصالحه تماما. كما عودنا منذ ظهوره، فهو المطرب الوحيد الذى اختار سكة مختلفة تماما بعيدة كل البعد عن المدارس الغنائية المعروفة «أم كلثوم، وعبدالحليم. وعبدالوهاب»، واختار أن يبتعد بالغناء عن الشكل التقليدى. لذلك يجمع منير جمهور كل هذه الأسماء وربما يكون المطرب الوحيد الذى لا يصنف ضمن قائمة جيل معين، كما أن الجاليات الأجنبية فى المنطقة العربية حريصة على حفلاته بشكل كبير لأنه يقدم موسيقى ليس لها حدود ولا تنتمى إلى شكل معين. منير قدم الأغنية العربية فى ثوب غربى، وقدم الأغنية الغربية فى برواز عربى جميل، فهو متعدد الحضارات، لذلك عملية إبعاده عن قصد من الوصول بفنه إلى جمهور منطقة معينة أمر محكوم عليه بالفشل حتى لو ظل هذا الأمر طوال 30 عاما. لأن منير إذا كان ابتعد عن الخليج كجسد فهو لم يبتعد عنه كصوت له برقيه وحضوره الخاص، لذلك مهمة منير خلال الفترة المقبلة هى ضرورة تكثيف وجوده فى هذه المنطقة، لتظل صورة الغناء المصرى هناك، كما كانت قبل أن يظهر بعض أنصاف المواهب، ويذهبون إليهم كممثلين للغناء المصرى. بالقدر الذى كنا نشعر معه بالإهانة، خاصة أن هناك أسماء كبيرة من دول عربية تزور هذه المنطقة، وتقدم حفلات على أعلى مستوى. لذلك فالحضور المصرى يجب ألا يكون أقل أهمية من هؤلاء. ولابد أن نشير إلى أن المطرب الكبير محمد الحلو كان حقق حفله بأبوظبى خلال الشتاء الماضى مع فرقة أم كلثوم نجاحا كبيرا فى أحد أكبر مسارح أبوظبى، واحتفل به الجمهور كثيرا، وهذا يعنى أن الجمهور الخليجى متعطش للمطربين المصريين الكبار.