أجمعت صحف بريطانية وأمريكية أمس على أن استفتاء حق تقرير مصير جنوب السودان سينتهى إلى ولادة دولة فى الجنوب، لكن «الفشل هو مصير هذه الدولة الحبيسة قبل أن تولد، فالحرب الأهلية كان لها تأثير مدمر على اقتصاد الجنوب، الذى يعانى تدهورا فى الاقتصاد والتعليم والرعاية الصحية. وفى حال استقلال الجنوب فسيصبح الدولة رقم «193». وينزلق اقتصاد الجنوب نحو أزمة خلفتها سنوات من إسراف الحكومة فى الإنفاق، وبدورها قد يواجه الشمال، الذى يضم العاصمة الخرطوم ومعظم الصناعات وقرابة 80% من السكان البالغ عددهم أكثر من 39 مليون نسمة، تباطؤا فى النمو الاقتصادى وارتفاعا فى معدل التضخم لسنوات. وبحسب منظمات إغاثة فى الجنوب فإن العائدين من الشمال إلى ديارهم فى «الدولة المتوقع استقلالها قريبا» قد يثقلون كاهل حكومة جنوب السودان الضعيفة؛ مما يؤدى الى صراع إذا لم تتوافر مساعدات إضافية. والجنوب، الذى يمتلك الحصة الأكبر من النفط السودانى، هو منطقة فقيرة جدا، ويفتقر إلى البنية التحتية، فمنطقة تعادل فى مساحتها فرنسا لا يوجد فيها أكثر من 38 ميلا من الطرق المرصوفة وفى حاجة شديدة إلى خدمات مياه وكهرباء، وفقا لصحيفة ديلى تليجراف البريطانية التى رأت أن «الاستقلال سيتحقق لجنوب السودان، لكن تحقيق السلام ليس أمرا مؤكدا». وضربت مصادر فى الأممالمتحدة مثلا على سوء الأوضاع فى الجنوب بقولها للصحيفة: إن «احتمال موت أى فتاة تبلغ من العمر 15 عاما خلال الولادة أكبر من احتمال أن تكمل دراستها». مركزة هى الأخرى على مستقبل «الدولة المتوقع ولادتها»، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن «الولاياتالمتحدة لعبت دورا محوريا فى تحقيق هذه الفرصة.. هناك بلد أفريقى على وشك أن يولد، ويعد أحد أفقر مناطق العالم، لكن هذه الدولة الوليدة ستقف أمام العالم بسيقان هشة». وأوضحت الصحيفة أن «دخل الفرد فى الجنوب يعادل نحو 75 سنتا فى اليوم، وأكثر من ثلاثة أرباع البالغين فى الجنوب لا يعرفون القراءة، فضلا عن تداعيات الحرب الأهلية الطويلة على اقتصاد الجنوب» الدولة الحبيسة (تحيط بها اليابسة من كل اتجاه) التى ستعتمد على الشمال لتصدير إنتاجها من النفط. وكانت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) قد حذرت من احتمالات تدهور الأوضاع الإنسانية بصورة أكبر فى جنوب السودان العام المقبل. ووصفت المديرة الإقليمية ل«يونيسيف» فى الجنوب ياسمين على حق، أوضاع الأطفال الجنوبيين بالمزرية، مضيفة أن الكثيرين منهم يموتون قبل أن يكملوا الخامسة من أعمارهم.