يواجه جنوب السودان «المستقل»، على اعتبار ما هو مرجح لنتيجة الاستفتاء على حق تقرير المصير فى يناير 2011، «أمراض قديمة تحطم أحلام الدولة الجديدة»، بحسب ما عنونت به صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية تقريرا لها أمس حول ما يمكن أن تواجهه «أحدث دول العالم». الصحيفة تحصر تلك الأمراض فى الفقر الذى لم تعالجه حكومة الوحدة الوطنية المكونة عقب توقيع اتفاقية السلام عام 2005، والصراع القبلى الذى يشجعه الرئيس السودانى عمر البشير وحزبه الحاكم كما يتهمه بعض القوى الجنوبية؛ لعرقلة إجراء الاستفتاء المتفق عليه فى اتفاق السلام، حيث سقط أكثر من ألفى قتيل خلال صراعات قبلية العام الماضى. ورأت أن جنوب السودان عند استقلاله سيكون «أفقر بلدان العالم، ومحروم من شبكات الطرق والمدارس والمستشفيات وغيرها من المؤسسات المفترض أن تقدم حياة معقولة لملايين الجنوبيين فى التلال وأحراش السافانا». وضمن حديثها عن «الأمراض»، أشارت إلى تدفق واسع للسلاح فى المنطقة قادما من أوغندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية تحديدا اللتين عاشتا حروبا أهلية أودت بحياة الملايين، فضلا عما يقدمه النظام الحاكم فى الخرطوم بحسب اتهامات الجنوبيين من سلاح رخيص، لجميع الأطراف المتحاربة. متفقا مع التقرير، قال معتصم حاكم، القيادى فى قطاع الشمال بالحركة الشعبية لتحرير السودان (جنوبية): «من المرجح أن تكون نتيجة الاستفتاء هى الاستقلال، لكن سنعمل على إعادة توحيد البلاد مرة أخرى، حيث لن يستطيع أى منهما (الشمال ولا الجنوب) الاستمرار طويلا وهما منفصلين». وتابع حاكم ل«الشروق»: «الجنوب ليس له منفذ على البحر، ويعانى انعداما يكاد يكون شاملا للبنية التحتية، إضافة إلى صراعات قبلية قديمة لن يخفف منها فرحة الجنوبيين بالاستقلال، وفى نفس الوقت الشمال ليس فيه موارد كبيرة تمكنه من الاستمرار، كما أن انفصال الجنوب يمكن أن يرفع من سقف مطالب أهالى (إقليم) دارفور (غربى البلاد)، لتصل ربما إلى المطالبة بحق تقرير المصير. أما زكى البحيرى أستاذ التاريخ فى كلية التربية بجامعة المنصورة فقال ل«الشروق» إن هناك صعوبات تواجه انفصال الجنوب، منها ارتباط طرفى البلاد عبر تاريخ طويل اقتصاديا فى اتفاقات البترول وقوانين الضرائب والجمارك، واجتماعيا، حيث يعيش ملايين الجنوبيين الفارين من أتون الحرب الأهلية فى قرى ومدن الشمال، وهو ما سيزيد من معاناتهم فى حال الانفصال». وشهد السودان أطول حرب أهلية فى القارة الأفريقية بين شماله وجنوبه منذ أغسطس 1955، وحتى يناير 2005، عند توقيع اتفاقية السلام الشامل فى مدينة نيفاشا الكينية، تخللها فترة سلام من 1972 عند توقيع اتفاقية أديس أبابا، وحتى تجدد الحرب فى مايو 1983. ونتج عن المرحلة الثانية من الحرب نحو مليونى قتيل إضافة عن ملايين أخرى من اللاجئين والنازحين، بحسب تقديرات الأممالمتحدة، والتى تشكك فى صحتها حكومة البشير. وبحسب مبارك الفاضل زعيم حزب الأمة الإصلاح والتجديد فإن «ما زاد المشكلة السودانية تعقيدا هو سعى نظام البشير لفرض تفسيره للشريعة الإسلامية على مواطنين ليسوا مسلمين (30% من السكان)».