أخذنا على عاتقنا مراجعة المناهج الأزهرية وعقد اجتماعات دورية مع أساتذة كبار لأنها تحتاج إلى مراجعة منذ عهد شيخ الأزهر الراحل سيد طنطاوى»، كانت هذه العبارة من أبرز تصريحات شيخ الأزهر أحمد الطيب فور توليه مهام مشيخة الأزهر، بعد صدور القرار الجمهورى فى 19 مارس الماضى، بتوليه المنصب. لم يكتف الطيب بالتصريحات، لكنه أتبعها بتطبيق عملى، بدأه بالعشرات من الاجتماعات مع الأساتذة والخبراء فى العملية التعليمية الأزهرية، لمراجعة المناهج الأزهرية، وأصدر على خلفية هذه الاجتماعات قرارا بإنشاء شعبة للعلوم الأزهرية إلى جوار شعبتى الأدبى والعلمى يدخلها من يريد التخصص فى العلوم الدينية ابتداء من الصف الأول الثانوى. الطيب أوضح، على خلفية هذا، أن الطالب الأزهرى هو الطرف الكاسب، مؤكدا وقتها أنه توفر فى كل محافظة فصل واحد لشعبة العلوم الأزهرية سوف يساعد ذلك على تخريج علماء دين أقوياء، وسوف يكون لهم نصيب وافر من العلوم المدنية يكمل تكوين شخصياتهم. وفى أول اجتماع للمجلس الأعلى للأزهر برئاسة الطيب، قرر المجلس العودة مرة أخرى للتراث، وهو القرار الذى سبق أن اتخذه الطيب وقت أن كان رئيسا لجامعة الأزهر، بهدف تدريس المنهج الأزهرى الأصيل لطلاب الجامعة، خوفا من التيارات الوافدة فضلا عن إعادة تشكيل الطالب الأزهرى ليحمل فكر الأزهر إلى جانب المعارف العلمية الحديثة. متحدث رسمى باسم المشيخة مع الشهور الأولى لتوليه منصبه، أصدر الطيب عدة قرارات إدارية، قال إن من شأنها المساواة بين الموظفين، وأصبح جميع العاملين فى مشيخة الأزهر على إثرها يحصلون على المكافآت، بعد أن كانت مقصورة على موظفين بعينهم دون الدرجات الوظيفية الأخرى. ويرجع بعض المراقبين لمؤسسة الأزهر سداد قرارات أحمد الطيب ومحاولاته المضنية للنهوض بالعملية التعليمية الأزهرية، أنه كان من المتابعين جيدا لمشيخة الأزهر وللمشاكل التى تحيط به، بصفته رئيسا لجامعة الأزهر، وعضوا فى مجمع البحوث الإسلامية. ومن القرارات التى لاقت استحسان الجميع خاصة بعد توتر العلاقة بين شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى ووسائل الإعلام، قام الطيب بتعيين السفير محمد فتحى رفاعة الطهطاوى متحدثا رسميا باسم مشيخة الأزهر الشريف ومستشارا إعلاميا له، كما قام بتعيين نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق عبدالدايم نصير مستشارا لشئون التعليم، والسفير متولى السعيد مستشارا ماليا للمشيخة، والسفير محمود عبدالجواد مستشار خاصا بالبروتوكولات وعقد المؤتمرات، كما حول لجنة حوار الأديان بالأزهر، إلى مركز للحوار تولى مهامه الدكتور محمود عزب. ومنع الطيب تخصيص قاعات لعقد القران بالمشيخة، وبرر ذلك بأن «شيخ الأزهر ليس مأذونا»، ورحب كثير من الأزهريين والأساتذة بالقرار، ووصفوه بأنه يحافظ على هيبة الأزهر ووقاره، وخاصة مع ممارسات الجمهور غير المناسبة للمكان، وعدم الالتزام بالزى المناسب لمقام المشيخة، وتم مؤخرا تخصيص قاعة بجوار نقابة الأشراف بدلا من مشيخة الأزهر وتم تجهيزها خصيصا لمناسبات عقد القران. ومن القرارات الحاسمة للطيب أيضا، أنه لن يلقى خطبة الجمعة كما كان يفعل شيخ الأزهر الراحل، الذى كان يخطب الجمعة فى كل محافظات مصر أثناء احتفال كل محافظة بعيدها القومى، وقال الطيب: هذه ليست من مهام شيخ الأزهر. الطيور المهاجرة يتوقع المراقبون لمهام شيخ الأزهر عودة الدور الأزهرى مرة أخرى لعالميته نظرا لجهود الطيب للم الشمل واستقبال العلماء والقيادات الدينية على مستوى العالم، وكان من أبرز هذه اللقاءات عودة العلاقات بين الأزهر ورئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوى، ولاقى استقبال الطيب للشيخ القرضاوى بمبنى مشيخة الأزهر استحسان العلماء والمفكرين على مستوى العالم الإسلامى، ووصفه البعض أنه لقاء «شيخ المسلمين الرسمى وشيخ المسلمين الشعبى»، وكان لقاء مغلقا امتد لساعة ونصف الساعة تأجلت بسببه مواعيد شيخ الأزهر الأخرى، وقالت مصادر أزهرية إن هذا اللقاء هو برهان فعلى على عودة عالمية الأزهر والتعاون مع جميع العلماء المسلمين، بعد أن أعلن إقامة مشروعات فكرية مشتركة بين الأزهر والاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الذى يرأسه القرضاوى وتكون هذه المشروعات تحت مظلة الأزهر. لقاء الطيب بالقرضاوى فى مبنى مشيخة الأزهر جاء بعد الخلافات والقضايا الفقهية التى كانت بين القرضاوى وشيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى، مثل قضية النقاب والتى لم يتوصل وقتها الطرفان (طنطاوى والقرضاوى) إلى حل فقهى. ثم بدت أوضح بفتوى الشيخ القرضاوى بتحريم الجدار الفولاذى الذى كانت تشييده مصر على حدودها مع قطاع غزة، مدللا وقتها على أن هذا الجدار سيساهم فى عزل قطاع غزة وزيادة معاناتها، ورد شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى وقتها بإصدار بيان عن مجمع البحوث الإسلامية برئاسته أكد فيه حق كل دولة أن تقيم على أرضها من المنشآت والسدود ما يصون أمنها وحدودها وحقوقها.