30 صورة من العرض التاريخي لملابس البحر ب "أمهات" السعودية    وزير التعليم يلتقي الرئيس التنفيذي للمجلس الثقافي البريطاني    زراعة الإسماعيلية تنظم ندوة عن دعم المُزارع (صور)    صراع الكبار على المنصب الرفيع، تفاصيل معركة ال 50 يوما فى إيران بعد مصرع الرئيس    اجتماع عاجل لاتحاد الكرة غدًا لمناقشة ملفات هامة    محمد صلاح ضمن المرشحين للتشكيل المثالي في الدوري الإنجليزي    تفاصيل معاينة النيابة لمسرح حادث غرق معدية أبو غالب    الشعلة الأولمبية على سلالم مهرجان كان السينمائي (صور)    عليه ديون فهل تقبل منه الأضحية؟.. أمين الفتوى يجيب    اعرف قبل الحج.. ما حكم نفقة حج الزوجة والحج عن الميت من التركة؟    دراسة علمية حديثة تكشف سبب البلوغ المبكر    الشاي في الرجيم- 4 أعشاب تجعله مشروبًا حارقًا للدهون    رئيس البرلمان العربي يشيد بتجربة الأردن في التعليم    الأمن العام يكشف غموض بيع 23 سيارة و6 مقطورات ب «أوراق مزورة»    البحوث الفلكية: الأحد 16 يونيو أول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    قرار جديد ضد سائق لاتهامه بالتحرش بطالب في أكتوبر    حزب الله يشدد على عدم التفاوض إلا بعد وقف العدوان على غزة    «رفعت» و«الحصري».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم غدا    مدير مكتبة الإسكندرية: لقاؤنا مع الرئيس السيسي اهتم بمجريات قضية فلسطين    محمد عبد الحافظ ناصف نائبا للهيئة العامة لقصور الثقافة    كيت بلانشيت ترتدي فستان بألوان علم فلسطين في مهرجان كان.. والجمهور يعلق    مصر تدين محاولة الانقلاب في الكونغو الديمقراطية    تكنولوجيا رجال الأعمال تبحث تنمية الصناعة لتحقيق مستهدف الناتج القومي 2030    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    خصومات تصل حتى 65% على المكيفات.. عروض خاصة نون السعودية    "هُدد بالإقالة مرتين وقد يصل إلى الحلم".. أرتيتا صانع انتفاضة أرسنال    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    «منقذ دونجا».. الزمالك يقترب من التعاقد مع ياسين البحيري    وزيرة الهجرة: نحرص على تعريف الراغبين في السفر بقوانين الدولة المغادر إليها    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    ريال مدريد ضد بوروسيا دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا.. الموعد والقنوات الناقلة    زراعة النواب تقرر استدعاء وزير الأوقاف لحسم إجراءات تقنين أوضاع الأهالي    وزارة العمل: افتتاح مقر منطقة عمل الساحل بعد تطويرها لتقديم خدماتها للمواطنين    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    الخميس المقبل.. فصل التيار الكهربائي عن عدة مناطق في الغردقة للصيانة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: مصر المكون الرئيسي الذي يحفظ أمن المنطقة العربية    انتظار مليء بالروحانية: قدوم عيد الأضحى 2024 وتساؤلات المواطنين حول الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النجوم فى سماء الفراعنة
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 12 - 2010

تطلع المصريون القدماء منذ أقدم العصور إلى النجوم ولفت أنظارهم تألقها وتناثرها فى الفضاء اللانهائى، وهو ما دفعهم إلى التأمل فى ماهيتها والبحث فى أسرارها.
ولقد كان لتفسير خلق النجوم ونشأتها مكانة كبيرة فى تصورات المصريين القدماء الأولى عن نشأة الكون والحياة، فقد تخيلوا أن الأرض والسماء كانتا على هيئة إلهين ملتصقين معا كجسد واحد ثم أمر إله الشمس رع ابنه الإله شو رب الهواء بأن يفصلهما، وأن يرفع السماء إلى أعلى ويرسى الأرض فى مكانها، ثم رحل رع إلى السماء واتخذها مقرا له ولنسله من الآلهة والنجوم والأفلاك وجعل الأرض مكانا للبشر ولكل الخلائق، وتصور المصريون القدماء إله الأرض على هيئة رجل راقد وأطلقوا عليه اسم جب، بينما تخيلوا إلهة السماء على هيئة سيدة تنحنى بجسدها على الأرض وترتكز عليها بيديها وقدميها أو أحيانا على هيئة بقرة ناهضة وأطلقوا عليها اسم نوت، ودفع صفاء السماء وزرقتها فى مصر المصريون القدماء إلى تخيل أنه كان هنالك نهر سماوى يجرى على جسد الربة نوت يحاكى نهر النيل على الأرض، وتصوروا أن الآلهة كانت تعبر هذا النهر السماوى كل صباح فى زوارقها المقدسة فى صحبة زورق إله الشمس رع، وذلك فى رحلتهم الكونية إلى الأفق الغربى لتبتلعهم إلهة السماء نوت هناك وتحمل بهم فى المساء ثم تلدهم مرة أخرى فى الصباح، وذلك فى دورة كونية لا تنتهى، لذلك فقد اعتبر المصريون أن الإلهة نوت كانت أمًا لكل الآلهة بل وصارت كل الأجرام السماوية أبناء لها.
واهتم المصريون القدماء برصد مواقع النجوم منذ أقدم العصور التاريخية، حيث قاموا بوضع خرائط وجداول حددوا فيها بعض مواقعها، فتعرفوا على ذلك الشريط الخافت من ملايين النجوم الذى يشكل نهر مجرة درب التبانة، واعتبروه مقر النهر السماوى، الذى تبحر فيه الآلهة بزوارقها، وأطلقوا عليه كلمة مسقت بمعنى اللبن، الذى يخرج من ضرع ربة السماء وهى التسمية، التى أخذها عنهم اليونانيون للمجرة وأصبحت الأصل فى تسمية المجرة باسم درب اللبان أو الطريق اللبنى.
كما تعرفوا على عدد كبير من المجموعات النجمية التى كانت ترى بالعين المجردة، وكان من هذه المجموعات كوكبة الدب الأكبر، والتى تتكون من سبعة نجوم رئيسية أطلق عليها المصريون القدماء اسم «مسختيو» بمعنى قدم الثور، وذلك نظرا لتشابهها مع القدم الأمامية للثور، والتى كانت من القرابين الرئيسية التى تقدم للإله أوزيريس بعد حرقها، واعتبرها المصريون القدماء مع كل النجوم الواقعة فى شمال السماء نجوما مقدسة وأطلقوا عليها اسم إخمو سك بمعنى التى لا تفنى وذلك لكونها لا تغيب على مدى العام.
كما ميز المصريون القدماء كوكبة الجبار التى تعتبر من أوضح المجموعات النجمية خاصة فى فصل الشتاء، وتصوروها فى هيئة رجل يعبر السماء بخطوات واسعة ووحدوها بالإله ساح، والذى يعنى اسمه واسع الخطوة، واعتبروها تجسيدا لروح أوزيريس رب العالم الآخر، التى انتصرت على الموت وعادت للحياة مرة أخرى.
كما حدد المصريون القدماء النجمات الرئيسية، التى ترى بالعين المجردة من مجموعة الثريا ورمزوا إليهن بالحتحورات السبعة، واللاتى كن رمزا للأمومة وحماية المواليد.
إلى جانب ذلك فلقد لاحظ المصريون القدماء الشهب فى السماء وأطلقوا عليها النجوم الفانية أو النجوم التى تسقط على الأرض من السماء، واعتبروها نجوما غير محببة لأنها خرجت من عالم الآلهة ولم يكتب لها الخلود.
ومع العصر المتأخر وفدت فكرة المجموعات النجمية، التى تشكل الأبراج إلى مصر من بلاد النهرين، وسجلها المصريون فى المناظر الفلكية بمعابد تلك الفترة ولكن لم يربط المصريون بينها وبين قدر الإنسان، وإنما اعتبروها وحدات زمنية لقياس انتقال الشهور قياسا تقريبيا فقط.
وقد استطاع المصريون القدماء تحديد خمسة كواكب من كواكب المجموعة الشمسية، ولكنهم اعتبروها نجوما وأطلقوا عليها اسم إخمو ورد بمعنى «التى لا تعرف الراحة»، حيث لاحظوا أن لمعانها يظل ثابتا طوال الليل دونما وميض، وكان من هذه الكواكب كوكب عطارد أقرب الكواكب إلى الشمس، والذى يمكن رؤيته بالعين المجردة فى حمرة الأفق عند الغروب، وهو ما كان سببا فى أن يربط المصريون بينه وبين الإله ست رب القوة والجبروت، حيث اعتقدوا أن وجود ست بالقرب من رع رب الشمس كان أمرا ضروريا لأنه هو المعبود الوحيد، الذى يستطيع إبعاد الأخطار عن رع فى رحلته الكونية.
وأطلق المصريون القدماء على كوكب الزهرة ثانى أقرب الكواكب إلى الشمس اسم إله الصباح أو نجم الصباح، وهى التسمية التى يعرف بها أحيانا فى علم الفلك، حيث إنه يصل إلى أقصى لمعان له قبل شروق الشمس أو بعد غروبها بوقت قصير فقد اعتبروه ينتظر الشمس ليحيها ويقدم لها الطعام.
وحيث كان حورس هو أقدم معبود سماوى فلقد أطلق المصريون القدماء اسمه وصفاته على الكواكب الأخرى فكان كوكب المريخ هو حورس الأفق، أو حورس الأحمر وصار رمزا للقوة والنصر، وأصبح كوكب المشترى خامس كواكب المجموعة الشمسية وأكبرها حورس الذى يحكم الأرضين، بينما اعتبروا كوكب زحل أنه حورس ثور السماء، واعتبروه تجسيدا للثبات والقوة الملكية.
ولقد كان الهدف العملى من رصد النجوم ودراستها فى مصر القديمة هو تحديد الزمن وقياس الوقت بما يتناسب مع الاحتياجات العملية للمصريين كحساب الأيام والشهور وخاصة تحديد بداية السنة الزراعية فقد لاحظ المصريون أن البدايات الأولى لفيضان النيل كانت تقترن بظهور نجمة لامعة أطلقوا عليها اسم سوبدة، وهى التى تعرف حاليا باسم الشعرى اليمانية، وتعتبر ألمع نجوم كوكبة الكلب الأكبر، فقد كانت هذه النجمة تغيب عن مجال الرؤية نحو سبعين يوما ثم تعود لتتألق مرة أخرى فى توقيت يتوافق مع بداية ارتفاع الفيضان الجديد ولذلك اعتبرها المصريون، وكأنها بشيرة الفيضان وحسبوا لهذه النجمة ما بين كل ظهور صادق وآخر فوجدوه 365 يوما مماثلا لعدد الأيام، التى تستغرقها الأرض فى دورانها حول الشمس، والذى ينتج عنه ما يعرف بالسنة الشمسية وتعاقب فصول السنة، ولذلك فقد ربطوا ما بين السنة الشمسية والسنة النجمية، التى تبدأ بظهور النجمة سوبدة، واعتبروا أن أول أيام السنة هو وقت ظهور سوبدة، وحددوا مواقيت شهور هذه السنة بمجموعات نجمية صغيرة تتألف من 36 مجموعة تعرف بالنجوم العشرية، وذلك لأن كل مجموعة منها تبقى فى الأفق لمدة عشرة أيام، وحيث كان مجموع أيام ظهورهم يساوى 360 يوما فقد قسموها إلى 12 شهرا، وجعلوا لكل شهر 30 يوما، أما تبقى من أيام السنة الشمسية فقد جعلوها أياما لأعياد ميلاد الآلهة وغير مضافة على أى شهر من شهور السنة، ولكن شيئا فشيئا لاحظ المصريون القدماء على مدار الزمن وجود خلل فى تحديد وقت بداية الفيضان والسنة الزراعية، وذلك لأن السنة الشمسية تتكون من 365 وربع يوم فعملوا على تلافى هذا الخلل وتعديله إلا أن ذلك لم يتم بصورة نهائية ورسمية سوى فى عهد الإمبراطور أغسطس عام 30 ق.م وذلك بإضافة ربع يوم إلى السنة المصرية القديمة.
وكان للنجوم أيضا دور مهم فى العمارة المصرية القديمة، حيث اعتمد المصريون القدماء إلى حد كبير فى تحديد خطوط قاعدة المعابد والأهرامات والمقابر ومحاورها على مراقبة النجوم، وذلك باستخدام أداة فلكية أطلقوا عليها مرخت، والتى يعنى اسمها أداة المعرفة، وهى أداة ابتكرها المصريون لتحديد خطوط النجوم الظاهرة حيث اعتمدوا على مجموعة الدب الأكبر لتحديد الشمال ومجموعة الجبار لتحديد الجنوب.
أخيرا فلقد كان للنجوم دور كبير فى عقيدة المصريين القدماء عن العالم الآخر حيث كانت العقيدة النجمية من العقائد الرئيسية لحياة ما بعد الموت فقد اعتبرت نوت حامية للموتى وأما لهم وكثيرا ما صورها المصريون على سقوف مقابرهم وتوابيتهم وممرات أهراماتهم، كما اعتبر المصريون القدماء أن هذا العدد اللانهائى من النجوم كان أرواحا مباركة رحلت إلى السماء ووجدت مكانها بجانب الآلهة فمنهم من مد رع يده إليه ومنهم من نظمته نوت مع النجوم التى لا تفنى، ومنهم من كان يجوب السماء فى صحبة كوكبة الجبار أو النجمة سوبدة، ومنهم من اتخذ له مقرا ثابتا بين نجوم الشمال التى لا تغيب بل واعتبرت هذه المنطقة من السماء مقرا للآلهة ولأرواح الموتى المباركين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.