تخوفا من تحولها إلى أقلية في غضون 50 عاما، اضطرت إسرائيل لقبول مهاجرين إثيوبيين جدد تشك في حقيقة يهوديتهم لتعويض تراجع أعداد المهاجرين اليهود القادمين من أوروبا وأمريكا وروسيا في عام 2010.. فلم تجد إسرائيل مفرا من السماح للفلاشا مورا، وهو الاسم الذي يطلق على اليهود الإثيوبيين، الذين يقال إنهم أجبروا على اعتناق المسيحية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بالهجرة إلى إسرائيل بعد أن ظلت ترفض احتضانهم على أراضيها رغم جهودهم المستمرة الرامية لإقناع الدولة العبرية بحقيقة يهوديتهم. واعترف ناتان شارانسكي رئيس (الوكالة اليهودية من أجل إسرائيل) بأن أعداد المهاجرين إلى إسرائيل من يهود أوروبا وأمريكا ودول الاتحاد السوفيتي السابق تراجعت بشكل كبير خلال عام 2010 لتصل إلى 18 ألف مهاجر فقط، بعضهم جاء لإتمام فريضة (العلياه) فقط وهو ما يعني أن جميعهم لم يأت ليبق بل ليؤد فرائض دينية والعودة من حيث أتى. وقال شارانسكي -في تصريح لمجلة (جون أفريك) الفرنسية- إن هذا الرقم المتواضع يتعارض تماما مع مئات الآلاف من المهاجرين اليهود الذين كانوا يتدفقون على إسرائيل في التسعينيات وبداية الألفية الجديدة لاسيما من روسيا. وعلى الرغم من أن البعض يعزو تراجع أعداد المهاجرين اليهود إلى الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إسرائيل، وإلى الشعور بعدم الأمان بسبب احتمالات اقتراب إيران من امتلاك السلاح النووي، إلا أن شارانسكي برر تراجع أعداد المهاجرين اليهود بشعورهم بالأمان في دول "الشتات"، مشيرا إلى أن يهود الشتات لم يعودوا يخشون من تعرضهم لعمليات التنكيل التي كانوا يتعرضون لها مثل عمليات الذبح التي تعرضوا لها خلال حكم القياصرة في روسيا، أو للهولوكوست خلال الحكم النازي في أوروبا. ويؤكد شارانسكي أن 94% من يهود الشتات يتمتعون اليوم بالحرية التامة بالهجرة إلى إسرائيل. وتتخذ (الوكالة اليهودية من أجل إسرائيل) من القدس مقرا لها، وتتولى استقبال المهاجرين اليهود الجدد لدى وصولهم لإسرائيل وتوفير أفضل السبل لهم للبقاء على أراضيها، خاصة إذا كانوا من مهاجري أوروبا أو أمريكا. وتقول مجلة (جون أفريك) الفرنسية إنه خلافا لما كان يأمله مؤسسو الحركة الصهيونية، فإن الغالبية العظمى من يهود أمريكا وأوروبا قرروا في الوقت الحالي عدم الهجرة إلى إسرائيل متجاهلين المبدأ الصهيوني الرئيسي الذي يقول "على جميع يهود العالم العيش في إسرائيل بوصفها الملاذ الآمن ضد المذابح والمحارق والاضطهاد". وترجع مخاوف العديد من مسؤولي حركات الهجرة اليهودية من تراجع معدلات تدفق المهاجرين إلى إسرائيل إلى زيادة معدلات مواليد عرب 1948 مقارنة بيهود إسرائيل، مما يهدد بتحول اليهود إلى أقلية في إسرائيل خلال أقل من 50 عاما. وحذر شارانسكي من أن تزايد ظاهرة زواج اليهود من غير يهوديات واليهوديات من غير يهود يمثل خطرا داهما على استمرار الجنس اليهودي، لا سيما في دول مهمة يلعب فيها اللوبي اليهودي دورا أساسيا لضمان سلامة وأمن إسرائيل مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا. وأمام تراجع أعداد المهاجرين اليهود من أوروبا وأمريكا وروسيا، قررت إسرائيل التغاضي عن القضية المثارة حول مدى صحة يهودية (الفلاشا مورا) بفتح أرضيها لاستقبالهم بعد أن رفضت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الاقتناع بيهوديتهم. يشار إلى أن بعض الحاخامات اليهود المتخصصين في تاريخ يهود إثيوبيا، وعلى رأسهم الحاخام مناحم فالدمان، أسهموا في إقناع السلطات الإسرائيلية المختصة بصحة يهودية الفلاشا مورا لدرجة أنه أكد أنهم ليسوا بحاجة لإعادة اعتناق اليهودية من جديد، لأنهم لم يتجاهلوا في يوم ما ممارسة الشعائر الدينية اليهودية، على الرغم من إجبارهم بالقوة على التحول إلى الديانة المسيحية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وقد عزز هذا الرأي الحاخام شلومو أمار كبير حاخامات إسرائيل، مما أعطى وكالات التهجير اليهودية الضوء الأخضر للبدء في تهجير يهود الفلاشا مورا من أثيوبيا حتى قبل انتهاء العام الحالي. ومن جانبها، أكدت الحكومة الإسرائيلية أن هذه هي المرة الأخيرة التي ستسمح فيها باستقبال يهود الفلاشا مورا، مؤكدة أنه لن يتم بعد الانتهاء من تهجير الثمانية آلاف فلاشا مورا بحلول عام 2014، ولن يتم قبول مهاجرين جدد من الفلاشا مورا إلا بشكل منفرد وبعد تقديم التبريرات الكافية التي تثبت انتماءهم إلى اليهودية أو إلى تعرضهم لظروف غير إنسانية.