مهاجرون اثيوبيون :هاجرنا الى بلاد "السمن والعسل" فلم نجد الا الأضطهاد والكراهية التليفزيون الرسمي شبه هجرتهم من إثيوبيا بخروج بني إسرائيل من مصر..وأطفال المدارس يقولون لهم يا عبيد يعملون في وظائف متدنية ..والشرطة تضطهدهم ..ومعدلات الانتحار بينهم سبعة أضعاف أذاع برنامج "أستوديو الجمعة" الذي تبثه القناة الثانية الإسرائيلية تقريراً خاصاً بعنوان "خروج الإثيوبيين من مصر"، يحكي قصة هجرة بعض يهود إثيوبيا لإسرائيل، في محاولة للربط بين هجرتهم وخروج بني إسرائيل من مصر بقيادة النبي موسى. التقرير الذي تم إعداده على مدار 4 سنوات يوثق قصة هجرة الإثيوبيين وتسكينهم في مراكز الاستيعاب، ثم بحثهم عن عمل، وقال مقدم البرنامج أنهم "وعدوا بالأرض الموعودة، عمل ورزق وحياة سعيدة، إلا أن الوضع لم يكن كما حلموا به"، فإسرائيل "ليست بلاد السمن والعسل". في عام 2006 كان "شاي جل" المحرر بالقناة الثانية الإسرائيلية، يتجول بين تسعة آلاف يهودي إثيوبي يتجمعون في معسكر جوندر للاجئين في أثيوبيا، وصفهم "جل" قائلاً: "وجوههم مشرقة وسعيدة لأنهم سيهاجرون للأرض الموعودة، بعد انتظار سنوات"، هذه السعادة سرعان ما تلاشت ما أن وطأت أقدامهم إسرائيل، وقتها تركهم "شاي جل"، ثم عاد إليهم بعد عامين ليستقصي عن أحوالهم فيجدها أكثر سوءاً مما كانت عليه في إثيوبيا، وبعد عامين آخرين، في الأسبوع الماضي، التقاهم "شاي جل" مرة أخرى، سألهم عن أحوالهم فأخبروه أن الواقع في إسرائيل ليس كما حلموا به. كل شيء معقد 4 سنوات مرت على هجرتهم، كان "أجوماس" الذي يعمل حالياً عتالاً في مخزن في كيبوتس عينات واحداً منهم، يقول "أجوماس" بحزن في التقرير: "قالوا لي هناك في أثيوبيا أنه يمكنني أن أنجح هنا جداً، كان عندي أمل في تطوير مستقبلي والحصول على عمل أفضل من هذا"، ويضيف "في أثيوبيا سواء كان معك مال أو ليس معك، فإن هذا ليس بالأمر المهم، ولكن هنا كل شيء معقد، كل شيء معقد". "أجوماس" كما يقول "شاي جل": "يفهم أنه بدون التعلم لن يستطيع الحصول أبداً على فرصة عمل أفضل مما هو فيها و سيبقى في مرتبة دنيا في المجتمع، و لكنه ليس لديه الأموال الكافية للدراسة و هكذا تلاشت آماله، أيضاً وضع زوجته و بقية المهاجرين لا يختلف كثيراً عنه". تقرير القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي أعاد من جديد فتح النقاش حول أوضاع يهود إثيوبيا أو من يطلق عليهم بالفلاشا داخل إسرائيل، حيث يعاني هؤلاء من أشد أنواع التمييز داخل المجتمع الإسرائيلي، الأمر الذي يخلق أزمات اجتماعية و نفسية كبيرة بينهم تؤدي في النهاية إلى زوج إسرائيلي من أصل إثيوبي يقتل زوجته بعدة طعنات بالسكين في مستوطنة "ريشون لتسيون" كما حدث مؤخراً، أو إسرائيلي آخر من أصل إثيوبي يقتل زوجته و ابنته في مجمع للاجئين ب"نهاريا" و يحاول الانتحار بعدها. العنصرية ضد يهود الفلاشا وصلت إلى حد التشكيك في يهوديتهم من المؤسسات الدينية، ما أدى إلى نبذهم ليعيشوا في المناطق الأكثر فقرا وعلى المعابر بين المدن، وظل هذا التشكيك الرسمي في يهودية الفلاشا حتى أصدر الحاخام الإسرائيلي "عوفاديا يوسف" فتوى أكد فيها يهوديتهم، ورغم ذلك مازال الكثيرون ينظرون إليهم على أنهم غير يهود. العبد الأسود ويبدأ التمييز ضد الإسرائيلي الإثيوبي الأصل منذ أيامه الأولى في المدرسة، فالتلاميذ الصغار لا يقبلون الجلوس بجوارهم في الفصول بسبب لون بشرتهم الأسود، كما يبدأ التلميذ الإسرائيلي ذو الأصول الإثيوبية في سماع كلمة "كوشي" من التلاميذ أو المدرسين على حد سواء، والتي تعني العبد الأسود وهي الكلمة التي تنتشر بكثرة داخل الأوساط الإسرائيلية المختلفة في الإشارة إلى الإسرائيلي القادم من إثيوبيا، والتي تجعل التلاميذ ذوي الأصول الإثيوبية يحسون منذ صغرهم أنهم يعيشون في مجتمع من السادة و العبيد الذين يمثلونهم هم، و لذلك لن يكون غريبا أن يكون معدل التسرب من التعليم بين الإثيوبيين يبلغ 23% حتى سن 17 عاما، بالمقارنة مع 15% بين بقية الإسرائيليين. وتبلغ العنصرية الصهيونية ضد الإسرائيليين من أصل إثيوبي في مجال التعليم ذروتها مع بداية العام الدراسي الماضي حين رفضت مدرسة حكومية في مدينة "بيتاح تكفا" استقبال 80 طالبا في الصف الأول من يهود الفلاشا. وظائف خدمية متدنية ويعمل معظم الإسرائيليين من أصل إثيوبي في وظائف خدمية متدنية مثل كنس الشوارع وتنظيف دورات المياة، و ذلك بسبب إحجام الكثير من أصحاب الأعمال عن تشغيل يهود الفلاشا، و قد نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية تقريرا عن مدى تقبل سوق العمل الإسرائيلي للعمالة من بين صفوف يهود الفلاشا قالت فيه طالبة الحقوق "ليز ملسا" التي تبلغ الثالثة والعشرين من عمرها "ليست لدينا علاقات كالإسرائيليين حتى نستطيع الحصول على فرصة عمل في مجال تخصصنا، ومن ناحية أخرى، فإن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عنصري، من الصعب عليه أن يقتنع بأن هناك إثيوبيين لديهم من الإمكانيات ما يجعلهم محامين ناجحين"، كلمات "ليز" لا تدل فقط على عنصرية صهيونية ضد يهود إثيوبيا، و إنما تدل على عدم انتماء يهود الفلاشا أنفسهم إلى "إسرائيل" أو حتى "المجتمع الإسرائيلي"، فهي تتحدث عن "الإسرائيليين" وكأنها ليست جزء منهم، و تتحدث عن وجود "إثيوبيين" داخل "إسرائيل" و هو ما يشير إلى أنها و نظرائها مازالوا يشعرون أنهم مواطنين إثيوبيين و ليسوا إسرائيليين. وذكر تقرير "يديعوت أحرونوت" أن الشاب الإسرائيلي من أصل إثيوبي "شيمي إيتشو" أنهى دراسته للقانون ومنذ ذلك الحين حفيت قدماه بين المكاتب، حتى يتدرب في أحدها، ولكنه لم يجد فرصة عمل، وقال "إيتشو" للصحيفة: "اسمي لا يوضح أنني إثيوبي، لذا فبعد أن أبعث بسيرتي الذاتية، يدعونني لإجراء مقابلات يقال إنها موضوعية، ولكن في نهاية الأمر، يكون الرد بالرفض، وأنا لا أرى أي سبب منطقي لرفضي، سوى أنني ذو بشرة سوداء"!!. دمنا مثل دمكم العنصرية الإسرائيلية ضد المهاجرين من إثيوبيا إلى "الأرض الموعودة" بحثاً عن السمن والعسل وصلت إلى حتى التشكيك في نقاء دمهم، حيث رفض بنك الدم الإسرائيلي منذ عدة سنوات استخدام كميات كبيرة من الدم كان قد تبرع بها أبناء يهود الفلاشا و ذلك "خشية انتقال أمراض إلى الإسرائيليين"، بحسب بنك الدم، الذي تخلص من هذه الدماء، الأمر الذي ترتب عليه مظاهرة كبيرة تحت شعار "دمنا مثل دمكم"، شارك فيها حوالي 10 آلاف من المهاجرين الإثيوبيين، وحدثت فيها مواجهات دامية بين الشرطة والمتظاهرين انتهت بجرح 41 شرطيا و20 متظاهرا، وحطم المتظاهرون الإثيوبيون أكثر من 200 سيارة لعاملين في مكتب رئيس الوزراء. يهود إثيوبيا الذين هاجروا إلى إسرائيل لتتحطم آمالهم على حائط العنصرية الصهيونية يشعرون بخيبة أمل شديدة بسبب الممارسات العنصرية التي تُمارَس ضدهم، عبر عنها "إديسو ماسالا"، رئيس "جمعية اليهود القادمين لإسرائيل من إثيوبيا" بقوله "لقد أتينا إلى بلاد السمن والعسل، لكي نشارك بقية أبناء الشعب اليهودي بناء المشروع الصهيوني الكبير، لكننا فوجئنا أن أحدا لا يريدنا هنا"، وأكد أن الإثيوبيين يتعرضون لتمييز عنصري واضح "يتعاملون معنا باستعلاء لأننا شرقيين ولأننا سود البشرة"!!. ارتفاع معدلات الانتحار وأكد "إديسو ماسالا" في تصريحات للصحيفة الإسرائيلية أن أبناء الفلاشا يتعرضون "لمسلسل تدمير نفسي متواصل بسبب التمييز"، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الانتحار في أوساطهم، وتبلغ معدلات الانتحار في أوساط الشبان الإثيوبيين نحو سبعة أضعاف مثيلتها في أوساط الشباب الإسرائيليين الآخرين في إسرائيل. "ماسالا" الذي كان أول إثيوبي ينضم لحزب العمل في محاولة فاشلة للاندماج في المجتمع الإسرائيلي عانى هو أيضا من العنصرية، حيث استبعدته قيادة حزب العمل في عام 1999 من قائمة الحزب لانتخابات الكنيست ووضعت بدلا منه ممثلة اليهود الروس في الحزب، و صاحب ذلك حملة مكثفة تزعمها "إيهود باراك"، وصلت إلى حد السخرية من بشرة "ماسالا" السوداء والتشكيك في ولاء يهود إثيوبيا بوجه عام لإسرائيل.