يعتبر لكح من أشهر المتعثرين الهاربين، وأكثرهم إثارة للجدل المتجدد فى فترات متقاربة، خاصة عند مقارنته بالهاربين الآخرين، الذين ظلوا فى الظل إلى أن توفى عدد منهم مثل مصطفى البليدى. ورغم تكرار الحديث عن لكح، وتجدده مؤخرا بعد إعلان بنك مصر تسوية مديونياته، فإن الكثير لا يعرف قضيته وكيف آلت أحواله إلى هارب من مصر، يستثمر أموالا فى مشروعات فرنسية. كان لكح هرب من مصر فى سبتمبر 2001 خوفا من الملاحقة القضائية ليستقر فى باريس حيث يتولى إدارة شركة لافاييت التى كانت تعتزم إصدار طبعة فرنسية من مجلة نيوزويك الأمريكية، ثم قام بشراء جريدة فرانس سوار المسائية، وضخ استثمارات ضخمة فى إحدى سلسلة مقاهى فرنسية. ويثير هذا التناقض بين توفر الأموال لدية، والتى تكفى لشراء عدة صحف، وكوفى شوب، ومستوى من الحياة الكريمة فى بلد أجنبى، وضنه على البنوك المصرية التى اقترض منها ما يزيد على 1.5 مليار جنيه، ورفضه سداد مستحقاتها تساؤلا مهما عن أسباب ذلك. وأجاب لكح عن هذا فى بعض الأحاديث الصحفية، بأنه يرجع إلى مبالغة البنوك الدائنة فى تقدير حجم الفوائد على أصل المبلغ، مشيرا إلى أن قيمة أصوله فى مصر تغطى حجم هذه المديونيات بشرط عدم المبالغة فى حساب سعر هذه الفائدة. وربما كان هناك تخوف آخر لدى لكح منذ هروبه وحتى عام 2008، وهو أن يزج فى السجن فور عودته قبل تحقيق أى تسويات، كما تم مع مصطفى البليدى، لكن أدت موافقة النائب العام فى منتصف العام الماضى على خروج بعض الأصول العينية المملوكة لشركات لكح جروب يتم تداول أسهمها فى البورصة حتى الآن من قرار منع التصرف فى ممتلكاته الذى صدر ضده فى عام 2003 إلى وضع نهاية وشيكة لأزمة لكح دون وجود مخاوف من السجن. وكان لكح ذهب إلى لندن قبل هروبه النهائى إلى باريس بنحو الشهرين، وتردد حينها أنه هرب خارج مصر، وذلك بعد تعثّر المفاوضات بينه وبين البنوك الدائنة، إلا أن لكح قطع هذا الهروب يوم 19 يونيو 2001 وعاد إلى مصر بعد اتصال مسئول رسمى به وإقناعه بالعودة والنظر فى تسوية مديونياته، مع سداد الالتزامات المستحقة له قبل الحكومة التى نفذ لها مشروعات وأعمالا ولم يحصل على مقابلها، وقال حينها إن قيمة هذه المستحقات تتعدى المليار جنيه، لكن عدم تحقيق وعد المسئول أدى إلى الهروب الحقيقى بعدها بمدة قصيرة. وُلد رامى لكح فى مصر عام 1963، فى عائلة برجوازية ثرية تنتمى إلى أقلية الروم الكاثوليك المسيحية فى مصر. وتخرج فى كلية التجارة جامعة ليون فى باريس عام 1985، وهو نفس العام الذى توفى فيه والده، حيث أصبح رامى مسئولا عن تجارته فى مجال الأجهزة الطبية، لكن لكح وسَّع نشاط شركاته بعدما بدأ الاقتراض من البنوك منتصف التسعينيات، ولم يقف عند مجال الأجهزة الطبية بل تعداه إلى مجال بناء المستشفيات والمجال الصناعى والسياحة والطيران والفنادق وأسس عام 1998 ما يسمى ب(لكح جروب)، وساعده على ذلك الازدهار الاقتصادى الذى شهدته مصر فى منصف التسعينيات. ولم يقتصر نفوذ لكح على ثرائه بل نجح كذلك فى لعبة السياسة ورشح نفسه لعضوية مجلس الشعب وفاز بالفعل بمقعد فى الانتخابات التشريعية التى جرت فى نوفمبر 2000 بعد تغلبه على منافسه الوزير الأسبق عبدالأحد جمال الدين، والذى كان مرشح الحزب الوطنى الحاكم ولكن تم سحب العضوية منه فى 2001 لثبات حصولة على جنسية مزدوجة ،الفرنسية والمصرية. وأدى التوسع الضخم لأعماله إلى لجوئه للبنوك للتمويل وعليه تعددت البنوك الدائنة والتى حصل على قروض منها، ويأتى على رأسها بنك القاهرة والتى بلغت قيمة دينه له نحو 600 مليون جنيه، إضافة إلى بنك مصر الدولى. وانعكست حالة الكساد الاقتصادى التى ضربت العالم، ومن بينها مصر فى مطلع الألفية الجديدة سلبا على نشاط شركات لكح، وتحولت أرباحها إلى خسائر وتعثر عن سداد هذه القروض، وأدى إلى هروبه فى النهاية. فى 19 من شهر مارس عام 2002، أوقفت البورصة التداول على سهم لكح، نظرا لعدم التزامها بقواعد الإفصاح، وحرصا على حقوق المستثمرين بها، نقلتها بعد فترة إلى التداول خارج المقصورة، وهو الجزء من البورصة الذى لا تخضع فيه لقواعد الإفصاح، وتعد مرتعا خصبا للمضاربين، وقد استغل هؤلاء دخول كثير من المستثمرين السوق بدون وعى ليكسبوا من ورائهم عبر اللعب بشائعات تتردد بين الحين والآخر عن عقد لكح تسوية مع البنوك وعودته قريبا. ويرى محللون أن السبب الرئيسى لخسائر صغار المستثمرين فى سهم لكح، هو الوعى المنعدم لديهم، والذى يمنعهم من التفكير فى سؤال بسيط، وهو ماذا يمكن أن تؤدى إليه عودة لكح غير المؤكدة فى أداء شركات مفلسة ومدينة. وقد تردد أنه بعد إتمام تسوية آخر مديونياته لصالح بنك مصر، والتى تم نقلها من بنك القاهرة إليه بعد قرار بيع الأخير قبل نحو العام أنه سيعود إلى مصر والاستقرار فيها، « لكنه لم يتخذ قرارا بعد بهذا الشأن»، كما جاء على لسان أحد محاميه وهو طارق عبدالعزيز. وفى 21 من مارس عام 2003، أمرت محكمة أمن الدولة العليا فى القاهرة بمنع رجل الأعمال المصرى الهارب خارج البلاد رامى لكح وزوجته ميرال جوزيف آل شاهين، وابنتيه مادلين ومارى، وشقيقه ميشيل ريمون لكح رجل الأعمال الهارب أيضا، وزوجته نهى نجيب بحرى، وولديه ريمون ورامى، من التصرف فى أموالهم السائلة والمنقولة والعقارية. وذلك بناء على طلب النائب العام بتأييد قراره بمنع المتهمين من التصرف فى أموالهم، بناء على التحقيقات التى تجريها نيابة الأموال العامة العليا فى بلاغ هيئة الرقابة الإدارية، حول حصول لكح على أكثر من مليار ونصف المليار جنيه من بنكى القاهرة ومصر الدولى بالتواطؤ مع مسئولى البنك. ومنذ الهروب وحتى أمس ظلت هناك محاولات لتسوية الديون، ولكن معظمها كان يتم فى الخفاء، ولا يسمع أحد عنها شيئا خاصة أنها جميعا باءت بالفشل حتى أفرجت النيابة عن بعض الأصول العام الماضى.