أربعة أيام قضاها الطفل محمد حسن على، 11عاما، محتجزا فى قسم شرطة العامرية بالإسكندرية. لم يرتكب جريمة تستدعى العقاب، بل كان برفقة أبيه الذى ذهب لمتابعة قضية خالد سعيد، شهيد الطوارئ، فألقى القبض عليهما.لبس الطفل الكلابشات كأبيه، وشاهده وهو يتعرض للضرب من ضباط شرطة، وخرج بعدها ليعالج لدى طبيب نفسى مما عاناه. الأب ناشط سياسى، يروى قصته بأنه قرر السفر من القاهرة إلى الإسكندرية لمتابعة محاكمة الشرطيين المتهمين بتعذيب الشاب خالد سعيد، وعند كمين العامرية استوقفته الشرطة، وطلبت منه بطاقته الشخصية، ليتم الكشف عليها عبر الحاسب الآلى التابع لوزارة الداخلية أخبره الضباط بعد دقائق أنه مطلوب فى ثلاثة أحكام قضائية بالحبس، فأجابهم إنها قضايا قديمة وتخص عمله كصاحب مخبز، لكن الضابط أصر على إلقاء القبض عليه، ولم يكن ممكنا ترك الطفل وحيدا، فأخذه معه. تم وضع الكلابشات فى يدى الطفل وأبيه، ونقلا إلى قسم شرطة العامرية.يحكى الوالد كيف تعرض للضرب والإهانة أمام ابنه، وكيف كان الابن يلتصق به فى قسم الشرطة خوفا مما يراه من مسجلى خطر وجنائيين محتجزين معهما فى نفس غرفة الحجز، وعندما جاءت أم الطفل بعد أربعة أيام، ومعها ما يؤكد سلامة موقفه القانونى، تعرضت هى الأخرى لقدر لا بأس به من الشتائم والإهانة، لكنهم سمحوا لها باصطحاب ابنها معها. فى طريق العودة، سقطت الزوجة على الأرض مغشيا عليها، ووضعت مولودها الذى كانت حاملا به، أما الأب فقد تم استخراج فيش وتشبيه له، ورحلوه إلى مديرية امن الإسكندرية، وبعد يومين تم نقله إلى القاهرة فى سيارة ترحيلات قسم الخليفة، وبعد ثلاثة أيام أخرى تم نقله إلى قسم شرطة الوراق، واحتجزوه ثلاثة أيام إضافية، ليصل عدد أيام احتجازه إلى 16 يوما. يقول الأب: «عندما قاربت على الخروج فوجئت بقضية أخرى تنتظرنى، وأصر الضابط على قيامى بتكليف محام ليعارض فيها، وتم تحديد جلسة لها فى هذا الشهر رغم أن المتهم فيها صيدلى واسم أمه يختلف كثيرا عن اسم والدتى، وبعد المعارضة سمحوا لى بالخروج، لكن أخبرنى أمين الشرطة أن الضابط يريد منى أن أعمل لديه مرشدا على السياسيين الذين أقابلهم أثناء محاكمات قضية تعذيب خالد سعيد، والمظاهرات التى يخرجون إليها، والأماكن التى يترددون عليها». ويضيف حسن قائلا: «تقدمت ببلاغ إلى النائب العام للتحقيق فى كل الانتهاكات التى تعرضت لها أنا وطفلى الصغير، الذى يعانى الآن من مرض نفسى، وتصيبه نوبات فزع تجعله يصحو ليلا، وينام نوما متقطعا».الطفل محمد لايزال يذكر تفاصيل ما رآه وما عاشه فى تجربة الاحتجاز، فى قسم العامرية، يحكى هو الآخر عن تلك اللحظات التى وضعت فى يده الكلابشات، واقتيد إلى الحجز، وتلك الأيام والليالى التى قضاها محبوسا بلا جريمة. مصدر أمنى قال ل«الشروق»، إن المتهم صدرت ضده عدة أحكام مسجلة فى قائمة المحكوم عليهم فى قضايا مخالفة تموين، منها القضية رقم 11589 لعاما 2009، ولم يعارض فى تلك الأحكام الصادرة ضده، وبمجرد تقديمه ما يفيد المعارضة فى الأحكام، تم إنهاء الإجراءات الخاصة بالإفراج عنه، لكن كان لابد من ترحيله إلى قسم الخليفة الذى تتجمع فيه جميع المحكوم عليهم والمفرج عنهم، وبعد ذلك يتم توزيع كل متهم ومفرج عنه إلى القسم التابع له، وكل ذلك يستغرق وقتا، ولا يتم فى يوم وليلة. يضيف المصدر: «أما عن احتجاز الطفل فهذا كانت له ظروفه، حيث أنه بمجرد حضور والدته تم الإفراج عنه فورا، رغم أن الناشط السياسى أحضر طفله معه إلى المظاهرة «حتى يحتمى به إذا حدث أى شىء»، حسب قوله.