«بين الحضر والريف» تتأرجح دائرة البساتين ودار السلام، فالمنطقة الواقعة فى أقصى جنوب العاصمة، والتى هجرت حرفة الزراعة منذ منتصف القرن الماضى، مازالت وثيقة الصلة بالأعراف العائلية والقبلية، والتى كانت تتحكم إلى حد بعيد فى اختيارات الناخبين لمرشحيهم. ونتيجة للانفجار السكانى الذى شهدته المنطقة، والتوسع العمرانى الذى أتى على كل الأراضى الزراعية والصحراوية المحيطة بها، تبدلت تركيبة السكان ليتحول السكان الأصليون إلى أقلية فى الدائرة الانتخابية التى كانت حتى الدورة المنقضية تضم إلى جانب البساتين أحياء المعادى وطره وأجزاء من دار السلام. وجاءت قرارات التقسيمات الإدارية الجديدة واستحداث دائرة حلوان، لتنفصل المعادى وطره فى دائرة مستقلة تابعة للمحافظة الجديدة، وبالتبعية استقلت البساتين فى دائرة انتخابية جديدة للمرة الأولى، ليتجدد حلم أبنائها فى استعادة مقعدى البرلمان اللذين خليا من نواب البساتين منذ انتخابات 2000، والتى فاز خلالها رئيس اتحاد العمال حسين مجاور بمقعد العمال، وحصل محمد المرشدى حينها على مقعد الفئات. وتدخل البساتين معركة «الشعب 2010» بعدد وافر من أبناء العائلات، وإن كان أغلبهم على وشك توديع الماراثون، بعد إعلان أسماء مرشحى الحزب الوطنى، إذ إن الغالبية تقدمت بأوراق الترشيح ضمن المجمعات الانتخابية، مما يؤدى إلى عدم تمكنهم من خوض السباق مستقلين، لتحريرهم توكيلات لأمين العاصمة تخوله سحب ترشيحاتهم. وفى ظل «تراجع نسبى» للعصبية بفعل «أعداد الوافدين» على البساتين، تتساوى الفرص فى المجمع الانتخابى بين أبناء العائلات ومنافسيهم الآخرين، وهو ما تتساوى فيه المنافسات على مقعدى الدائرة. فعلى مقعد العمال يتنافس من أبناء عائلات البساتين، علاء حافظ غالى، نجل آخر نائب «بساتينى» فى الدائرة، وهو محمد حافظ غالى والذى شغل المقعد منذ عام 1990 وحتى عام 2000، ويتسلح علاء فى مواجهات المجمع الانتخابى ب«الحرس القديم من أعضاء الحزب» والذين تعاونوا على مدار سنوات مع والده خلال فترة نيابته، ويعتمد كذلك على أصوات العائلات القديمة فى البساتين. وينافس من خلال المجمع على مقعد العمال من نفس العائلة، خالد حفنى غالى، والذى تمكن من قبل من الوصول إلى جولة إعادة ضد النائب الأسبق محمد حافظ غالى، وتنازل حينها لابن عمه، عملا بتقاليد عائلية. وفى مواجهة أبناء عائلة غالى، يبرز حشمت أبوحجر، عضو مجلس محلى المحافظة وعضو لجنة الأزمات والكوارث بالأمانة العامة للشباب بالحزب، والذى يعتمد على أصوات «الصعايدة» فى الدائرة لكونه منحدرا من محافظة سوهاج، ويعتمد كذلك على عدد من أبناء العائلات فى البساتين، رافضا فكرة أن «العصبية ستتغلب على فكرة اختيار الأفضل». وعلى مقعد الفئات، تزداد سخونة المنافسة، لأنها تشمل مرشحين مرتقبين من خارج المجمع الانتخابى، والذين أعلنوا عن ترشحهم مستقلين منذ فترة طويلة. ويتنافس داخل المجمع رجل الأعمال أكمل قرطام، والذى خاض من قبل انتخابات 2005 (مستقلا) وخسرها أمام محمد مرشدى، ليدخل بعدها فى صراع قضائى طويل، انتهى بتقرير صادر عن محكمة النقض يقضى ببطلان عضوية مرشدى، وأحقية أكمل فى المقعد. ويتردد أن وجود قرطام فى الصورة كان وراء تراجع عمر هريدى عن خوض المنافسات فى البساتين، خاصة أن أكمل يحشد كل قواه منذ انتهاء الانتخابات الماضية، لضمان الفوز بالمقعد. ويدخل المعترك كذلك للمرة الثانية سعيد حفنى شبايك (من أبناء العائلات)، والذى كان قاب قوسين من تحقيق مقعد الشورى فى أول مشاركاته، ويعتمد شبايك الذى اتخذ لدعايته شعار (يارب فرح البساتين مرة) يعتمد على أبناء العائلات والعاملين فى قطاع المقاولات وتحديدا تصنيع الرخام. وفى مواجهة قرطام وشبايك، يأتى الدكتور جمال سلامة على، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، والكاتب والمحلل السياسى، وهو شقيق عضو مجلس الشورى أحمد سلامة، ولا يقتصر تركيزه على العائلات التى ينتمى إليها، وإنما يتحرك معتمدا على قدرته فى الإقناع بضرورة إيجاد حلول علمية لمشكلات الدائرة. ومن خارج المجمع الانتخابى، يعود للصورة المحاسب عادل عبده مصطفى، الشهير ب«وجيه الجزار» والذى خاض من قبل «معركة 2000»، وتمكن من حشد الآلاف رغم الإغراءات المادية التى وفرها غيره من رجال الأعمال، وفضل الجزار أن يدخل الانتخابات الجديدة «مستقلا»، حتى يضمن المنافسة «بعيدا عن غدر المجمع الانتخابى». ويبقى سير المعركة الانتخابية (حتى هذه اللحظة) مرهونا بموقف جماعة الإخوان المسلمين من انتخابات الدائرة، إذ لم تعلن الجماعة حتى الآن، إمكانية دفعها (مرة أخرى) بالدكتور عبدالفتاح رزق، أحد قيادات الجماعة، وعضو مجلس نقابة الأطباء، والذى كان ترشحه فى 2005، خطوة قلبت الموازين، وحمله منافسوه من أبناء البساتين «مسئولية ضياع المقعد البرلمانى».