كشفت أسر الشباب المصريين الذين أنقذتهم السلطات المالطية من الغرق فى البحر المتوسط، أمس الأول، عن تلقيهم تهديدات ممن وصفوهم ب«سماسرة الهجرة غير الشرعية» والذين طلبوا منهم «عدم التحدث إلى وسائل الإعلام، أو التقدم ببلاغات للشرطة، أو حتى مجرد الاستفسار من وزارة الخارجية عن مصير أبنائهم المحتجزين بمعرفة السلطات فى مالطا»، بحسب عدد من أهالى الشباب المقيمين فى قرية سندبيس التابعة لمركز القناطر الخيرية فى محافظة القليوبية. كانت وحدة من البحرية فى دولة مالطا أنقذت 16 شابا مصريا، تعطل بهم مركب داخل مياهها الإقليمية، وأوفدت السفارة المصرية فى العاصمة المالطية فاليتا، مندوبا لحضور التحقيقات التى يخضعون لها، لمخالفتهم قوانين الهجرة التى سنتها الدول الأوروبية لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وتسود فى قرى القليوبية التى ينتمى إليها الشبان ال16 حالة من الخوف، لعدم معرفة الأهالى مصير أبنائهم، وقال عدد من الأهالى ل«الشروق» إن «سماسرة الهجرة غير الشرعية» هددوهم بموجب إيصالات أمانة وقعتها أسر الشباب المهاجرين (5 إيصالات أمانة عن كل شاب بقيمة 60 ألف جنيه)، فى حالة إبلاغهم الشرطة ضدهم، ويتخوف الأهالى فى قرية سندبيس من أن يلقى أبناؤهم مصير 3 شبان من القرية، هاجروا منذ 5 سنوات، ولم يصلوا إلى سواحل أوروبا، وانقطعت أخبارهم عن ذويهم دون أن يعرف مصيرهم، والشبان الخمسة هم: مجدى سيد أبوالسعود، ومحمد سعيد عبدالرحمن الصيفى، وعبده رجب شعبان، حسب أحد الأهالى الذى خشى ذكر اسمه. وقال سيد راشد، شيخ القرية، إن «عمليات تهريب شباب القرية يقف وراءها سمسار يدعى سيد عبدالله فرج يعاونه آخر يدعى عيد محمد حسين أبوحمدان من خلال زوجة شقيقه المالطية التى تسهل لهم الاتصال ببعض رجال المافيا الذين يهربون الشباب مقابل 1000يورو عن كل شاب، بينما يحصل السمسار المصرى على 70 ألف جنيه»، وأضاف: «السمسار الذى يقف وراء عمليات التهريب، تحول إلى مليونير بسبب إقبال الشباب على الهجرة إلى إيطاليا ودول أوروبا، فالدفعة الواحدة التى تخرج من القرية يصل عدد أفرادها فى بعض الأحيان إلى 25 شابا، ويتخذون مسارات مختلفة فى رحلة الهروب»، وتابع شيخ القرية: «أبلغت الشرطة بعد وصول نبأ العثور على أبناء القرية على سواحل مالطا، وعدد من أهالى الشباب يخشون التقدم ببلاغات، حتى لا يتعرضوا للانتقام من قبل السماسرة». وقال محمد فوزى دومة شقيق رياض أحد الشباب المحتجزين فى مالطا: «شقيقى يبلغ من العمر 26 عاما وهو حاصل على دبلوم فنى ويعمل نقاشا، وراوده حلم السفر كغيره من أبناء القرية الذين نجحوا فى اجتياز الحدود الإيطالية وعادوا محملين بالمال، وفى سبيل تحقيق حلمه دفع للسماسرة ما يقرب من 70 ألف جنيه، وساعدناه فى ذلك ببيع قطعة أرض كنا نمتلكها». وقالت والدته وهى تبكى: «حسبنا الله ونعم الوكيل فى اللى كان السبب.. رجعولى ابنى ورجعوا شباب البلد اللى تاهوا فى البحر بعد ما توهتهم الأحوال فى مصر ودوختهم السبع دوخات». وطالب أسامة علام زوج شقيقة رياض بتدخل عاجل من وزارة الخارجية للإفراج عن الشباب المحتجزين وضمان معاملتهم معاملة إنسانية، وناشد وزارة الداخلية «التصدى للسماسرة الذين يسيطرون على قرى المحافظة، بأكملها وصاروا يبتدعون طرقا للوصول إلى إيطاليا ومنها الحصول على تأشيرة للسودان ثم إلى تركيا ومنها إلى اليونان ثم لإيطاليا، وأحيانا قد تصل إلى الصين، ويستغلون بعض المناطق بالإسكندرية فى الانطلاق برحلاتهم بعد تضييق السلطات الليبية الخناق عليهم» وقال وحيد محمود، شقيق جاد الحق المحتجز فى مالطا، إن شقيقه «حاصل على الشهادة الثانوية وعمره الآن 22 عاما، وكان يعمل سائقا على سيارة أجرة يملكها والده، ولكن تبدلت أحواله بعد أن أغراه أحد السماسرة بفكرة الهجرة إلى أوروبا». وتساءل سامى عبده مصطفى الصيفى، أحد أقارب الشباب المحتجزين: «أين الحكومة مما يحدث، فهناك 25 شابا آخرون سافروا منذ 47 يوما ولا نعرف عنهم شيئا حتى الآن، وأسرهم أصابها اليأس لعدم معرفتها إن كانوا أحياء أو ابتلعهم البحر». وقال تامر صلاح، شقيق خالد صلاح إبراهيم عبدالجواد أن شقيقه خالد يخضع للتحقيقات بمعرفة السلطات المالطية»، وكان خالد يعمل نقاشا وقرر السفر كغيره من أبناء القرية عن طريق سمسار يتولى عمليات تهريب الشباب إلى إيطاليا، وسدد 30 ألف جنيه وحرر إيصالات أمانة بباقى المبلغ، وأضاف شقيقيه أنه «سافر منذ 20 يوما، وانقطعت أخباره بعد ذلك ولم نعرف عنه شيئا سوى من التليفزيون».