على الرغم من الراحة التى تشعر عند ركوب «التاكسى الأبيض»، فإن هذا التاكسى يتطلب من صاحبه جهدًا مضاعفًا لتسديد أعبائه المتزايدة، خاصة بعد أن زاد قسطه الشهرى بما يقارب الضعف فى المرحلة الثانية لمشروع إحلال التاكسى. بعد أن كان سائقو التاكسى يعتبرون تبديل سياراتهم القديمة بأخرى جديدة تريحهم من مصروفات الأعطال المتكررة لسياراتهم، فقد كشفت لهم التجربة التى مر عليها أكثر من عام أن مشكلات التاكسى الجديد متعددة، وأصبح أصحاب التاكسى القديم مجبرين على الدخول فى المرحلة الثانية من المشروع بحكم القانون، رغم ادراكهم للتكاليف المتزايدة التى يفرضها عليهم. فمشكلات التاكسى الأبيض تتنوع ما بين ارتفاع تكاليف الصيانة المفروضة عليهم مع زيادة عدد الكيلوات التى يقطعونها، مرورا باعتراضات مستمرة من المواطنين على الأجرة التى يطالبون بها، والتى يرونها أغلى كثيرا من التاكسى العادى، وصعوبة الحصول على الترخيص، والذى تفرض عليهم وزارة المالية تجديده كل ثلاثة شهور خلال العام الأول من شراء السيارة و تسديد الأقساط، وانتهاء بارتفاع الأقساط للمشاركين فى المرحلة الثانية من مشروع إحلال التاكسى. الزبائن يمتنعون وتتميز سيارات التاكسى الجديد بوجود عداد بها يفرض تعريفة مختلفة عن المتعارف عليها فى السيارات القديمة، حيث يبدأ العداد الحساب ب2.5 جنيه، تضاف إليها ب1.25 جنيه على كل كيلومتر يقطعه التاكسى، كما يتم حساب كل دقيقة انتظار، فى حالة التوقف فى الإشارات على سبيل المثال، ب25 قرشا. وهو ما يثير اعتراض العملاء كثيرا على الأجرة التى يظهرها العداد. لذلك يعانى أصحاب التاكسى الجديد من عدم إقبال الزبائن عليهم، حيث يفضل بعضهم ركوب القديم رغم عدم تمتعه بميزة التكييف الموجود فى الجديد، بسبب ارتفاع تكلفة الأخير من وجهة نظرهم، كما يقول عبدالملك. وكانت وزارة المالية قد بدأت مشروع إحلال التاكسى القديم منذ أبريل من العام الماضى، واشترطت للمشاركة فى هذا النظام أن تكون السيارة القديمة التى يتم استبدالها قد مر على تصنيعها أكثر من 20 عاما، ومنحت وزارة المالية بعض المميزات لشركات السيارات المشاركة فى المشروع، حيث تم إعفاء جميع السيارات الداخلة فيه من ضريبة المبيعات، بالإضافة إلى إعفاء مكوناتها المستوردة من الرسوم الجمركية. واقتصر المشروع على السيارات التى يتم تجميعها محليا فقط. ويأتى مشروع إحلال التاكسى القديم فى إطار تعديلات قانون المرور الجديد، ويقضى بمنح ملاك السيارات الأجرة، مدة عامين لتوفيق أوضاعهم قبل تسليم سياراتهم وتسلم السيارات الجديدة. وحصل كل صاحب سيارة قديمة شارك فى هذا المشروع على شيكات بخمسة آلاف جنيه، بعد تسليم سيارته، واشترطت المالية أن يسددوا باقى ثمن السيارة على أقساط تصل إلى 5 سنوات بالنسبة للمشاركين فى المرحلة الأولى.ويهدف مشروع إحلال التاكسى القديم ضمان انسياب المرور، وتشجيع الصناعة المحلية، وتحسين صورة مصر السياحية، ورفع مستوى دخل السائقين، بحسب وزارة المالية. واشترطت وزارة المالية أن يقوم السائق بتجديد تراخيص السيارة كل ثلاثة أشهر فى السنة الأولى، وكل ستة أشهر فى الثانية، وذلك كطريقة لضمان التزام أصحاب السيارات الجديدة بسداد الأقساط، واشترطت أنه فى حالة التعثر فى سداد الأقساط لمدة ثلاثة أشهر متتالية يتم سحب التاكسى من صاحبه. إلا أن مصدرا بوزارة المالية أكد أن البنوك المشاركة فى المشروع لم تخبر الوزارة عن وجود حالات تعثر نتجت من المرحلة الأولى، والتى بلغ عدد المشاركين فيها نحو 21 ألف مشارك. المرحلة الثانية بدون إعلان بهدف تقليل التكلفة على أصحاب التاكسى الجديد اتفقت وزارة المالية مع شركات دعاية وإعلان لمنحها حق لصق إعلانات على السيارة من الخارج فى مقابل مبلغ سنوى يخصم من قيمة القسط الشهرى الذى يتحمله صاحب السيارة. ومع بداية تطبيق المرحلة الثانية من المشروع فى 15 أبريل من العام الحالى، بنفس مزايا المرحلة الأولى، سحبت وزارة المالية ميزة وجود الإعلان على السيارة، وذلك نتيجة عدم قدرة سوق الدعاية والإعلان على استيعاب هذا العدد من السيارات، وهو ما يعنى تحمل المشاركين فى المرحلة الثانية لقسط شهرى أكبر منه فى الأولى. لكن الوزارة قدمت بعض المميزات، كمحاولة للتخفيف عن المشاركين فى تلك المرحلة، منها السماح لهم بالتقسيط على 6 أو 7 سنوات بدلا من 5 سنوات فقط، بالإضافة لتخفيض الفائدة على الأقساط من خلال بنك ناصر الذى يشارك فى هذه المرحلة، والذى يقدم فائدة أقل من البنوك الأخرى ب0.25%، بعد أن كانت المرحلة الأولى تقتصر على بنوك مصر والأهلى والإسكندرية. وسمحت الوزارة لشركات تصنيع السيارات المشاركة فى المشروع أن تقدم السيارات التى تعمل بالغاز، والتى تعد أقل تكلفة من سيارات البنزين. وتتوقع المالية أن يصل عدد المشاركين فى هذه المرحلة 35 ألف مستفيد. يقول أحمد بلبل، أحد المشاركين فى المرحلة الثانية، والتى تتراوح فيها قيمة القسط الشهرى من 961 جنيها إلى 1352 جنيها، انه أضطر إلى الدخول فى البرنامج لأن القانون يجبره على ذلك فلن يكون له الحق فى تجديد ترخيص سياراته فى عام 2011، مع تطبيق قانون المرور الجديد. «الأقساط الباهظة تحتم على العمل أكثر من 12 ساعة، حتى أقدر أن أوفر قيمة القسط، بعد ان كنت أعمل 8 ساعات على الأكثر على سيارتى القديمة» تبعا لبلبل. ويرى يحيى محمد، صاحب تاكسى جديد، أن ارتفاع قيمة القسط الشهرى، بالنسبة للمشارك فى المرحلة الثانية هى أكبر مشكلة يواجهها، فهو مضطر لدفع 1463 جنيها شهريا لسيارته الفيرنا، فى حين أن أقرانه فى الدفعة الأولى يدفعون 877 جنيها فقط.يقول يحيى إنه مضطر لأن يعمل بأقصى طاقته لتوفير قيمة هذا القسط، بخلاف مصروفات الصيانة التى سيدفعها كلما قطعت سيارته 5 آلاف كيلو، حتى مرور ثلاث سنوات، أو تجاوز ال100 ألف كيلو، أيهما أقرب. وبالإضافة لهذه الأعباء فإن صاحب السيارة الفيرنا أصبح يخشى كثيرا من المرض لأنه يعنى أن يتعطل عن العمل، وربما يجد نفسه غير قادر على أن يسدد قيمة القسط الشهرى، مما قد يفقده مورد رزقه الوحيد إذا استمر مرضه لبضع شهور، لأن البنك له الحق المطلق فى سحب السيارة من صاحبها ودون إبداء أسباب إذا توقف عن السداد لمدة ثلاثة شهور متتالية. مصروفات التوكيل يقول سعد محمود، صاحب تاكسى شيفروليه جديد، والذى يعمل فى إحدى الجهات الحكومية ويستخدم التاكسى لزيادة دخله الشهرى، إنه يواجه مشكلات كثيرة مع التاكسى الجديد، أكبرها مصروفات التوكيل الباهظة، وغير المبررة من وجهة نظره. سعد مضطر بحكم شروط البنوك المتعاقدة فى المشروع أن يذهب إلى التوكيل لإجراء صيانة دورية بعد كل 5 آلاف كيلومتر تقطعها السيارة. الشركة قامت بأعمال الصيانة مجانا مع ال 5 آلاف كيلو الأولى، إلا أنه أضطر إلى دفع 166 جنيها عند إجراء صيانة ال10 كيلووات، يقول صاحب الشيفروليه، فقط لأنه قام بتغيير تيل الفرامل، ورغم التكلفة الباهظة على حد قوله فإنه اضطر إلى تغييره مرة أخرى بعد مرور شهرين فقط. ويضيف محمود أنه مضطر عند إجراء صيانة ال30 ألف كيلو إلى تغيير البوجيه والتيل، مما يعنى أنه سيتكلف أكثر من 350 جنيها.يقول محمود إنه يواجه مشكلة بصفة خاصة مع شركة السيارات التى يتعامل معها، والتى قصرت التعامل مع أصحاب التاكسى على فرعها بالتجمع الخامس، مؤخرا، بعد أن يذهبوا إلى أى من فروع الصيانة. أما صبحى عبدالملك، ضابط القوات المسلحة المتقاعد، الذى يملك تاكسيا جديدا من نوع اللادا، فقد تعرض لحادث اضطره إلى تغيير «اكصدام السيارة الخلفى»، وعندما ذهب إلى شركة التأمين أخبره الموظف بشركة مصر للتأمين، والتى تؤمّن السيارات الجديدة، بالمفاجأة، فشركة التأمين لا تدفع لأصحاب السيارات عند وقوع حادث إلا إذا كانت تكاليف الإصلاح تتجاوز ال500 جنيه، بحسب اتفاق البنوك المشاركة فى المشروع مع شركة التأمين.