صدرت مؤخرا- عن دار العروبة للدراسات والأبحاث- طبعة جديدة من كتاب "في المسرح المصري، تجريب وتخريب" للكاتب والناقد الكبير فاروق عبد القادر، الذي رحل قبل أيام، في اليوم التالي لمنحه "جائزة التفوق" من المجلس الأعلى للثقافة. وفي مقدمة الكتاب، يرصد فاروق عبد القادر بداية علاقته بالمسرح في خمسينيات القرن الماضي، منذ أن كان طالبا يدرس الآداب في الجامعة، حيث دأب على متابعة تحولات الواقع السياسي والثقافي عبر المسرح، مشيرا إلى الدور الأهم الذي لعبه المسرح القومي، حيث قدم الأعمال المؤلفة والمترجمة، ثم كانت مجلات المسرح والكاتب والفنون الشعبية وتراث الإنسانية وعالم الكتاب. ويضيف أنه عمل إلى جانب الشاعر صلاح عبد الصبور في مجلة 'المسرح'، وأنهما استطاعا تقديم مجلة ثقافية مسرحية على مستوى رفيع، وكان صلاح- بتحضره وسماحته واتساع أفقه- قادرا على الانفتاح على كل الاتجاهات. ويقرر أن هذه النهضة المسرحية التي شهدتها القاهرة وعواصم الأقاليم لم تدم طويلا، فسرعان ما سقطت لأسباب مختلفة على رأسها هزيمة 1967، بالإضافة إلى الرقابة ودور المسرحيين أنفسهم، ثم يأتي الدور الأعظم لسيادة المسرح التجاري. وفي أربع مقالات متصلة، يتناول الكاتب والناقد الراحل حالة مهرجان المسرح التجريبي، دون أن ينسى الإشارة إلى الفوضى العارمة التي تنتاب المهرجان، وافتقار المهرجان إلى مفهوم واضح لمعنى التجريب يتم على أساسه اختيار العروض. بعد ذلك يتناول فاروق عبد القادر العرض الذي قدمه المخرج أحمد عبد الحليم لمسرحية 'الملك لير' على المسرح القومي عام 2002، وعددا من العروض المسرحية التي تم تقديمها في شكل جديد مثل "حلاق بغداد" و"في عز الظهر" لأسامة أنور عكاشة. وقدم الكاتب- في مقال آخر بالكتاب- رصدا وتحليلا لتاريخ الدكتور رشاد رشدي، أستاذ الأدب الإنجليزي والكاتب المسرحي، منذ بدايته الأولى مع عدد من الأساتذة الإنجليز من جماعة أخوان الحرية، وعلاقته بأستاذه كريستوفر سكيف رئيس قسم اللغة الإنجليزية آنذاك، نافيا أن يكون رشاد رشدي أول مصري يتولى رئاسة قسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب، مشيرا إلى أنه انتزع رئاسة القسم من الدكتور محمد ياسين العيوطي الذي سبقه في الحصول على الدكتوراه. ويستعرض فاروق عبد القادر أعمال رشاد رشدي المسرحية، ويعتبرها أعمالا تدير ظهرها لقضايا الواقع الجديد، وترتبط بالتعبير عن هموم الأرستقراطية القديمة وأبنائها من الشرائح الكبيرة في الطبقة المتوسطة. يذكر أن فاروق عبد القادر كان قد عانى من غيبوبة عميقة بعد إصابته بجلطة في الدماغ منذ أكثر من ثلاثة أشهر، أدت إلى وفاته الأسبوع الماضي.