ملك مصر العليا والسفلى الذى يحيا بالحق سيد القطرين نفر خبرو رع، المتحد مع رع ابن رع، سيد التيجان، أخناتون...، من لوحة الحدود من العام السادس.كانت مصر فى القرن الرابع عشر ق.م قوة عظمى فى الشرق الأدنى معترفا لها بسيادتها الفكرية والدينية والعسكرية رغم وجود قوى أخرى مثل الحيثيين والميتانيين والآشوريين والبابليين. عند اعتلاء أخناتون العرش، باسم أمنحوتب الرابع كانت الأسرة الثامنة عشرة قد سارت قرابة المائتى سنة منذ عهد تحوتمس الأول عبر ستة أجيال من فراعنة أسرة واحدة وكان عمره آنذاك نحو عشر سنين وهو ابن أمنحوتب الثالث (الذى كان فى عام حكمه السابع والعشرين أو الثلاثين)، على عكس معظم ملوك الأسرة الثامنة عشرة المولودين من زوجات ثانويات. وهو آخر أبناء الزوجة الملكية تى. ليس لدينا أى منظر لأخناتون قبل اعتلائه العرش ولا أثر لفترة طفولته، والتى كانت فيما يبدو فى منف والفيوم وأخميم وطيبة، ولكن لا يبدو أنه تلقى تعليما دينيا مؤثرا فى تلك الفترة، وعند وفاة أمنحوتب الثالث فى بداية العام الثامن والثلاثين من حكمه كان الأمير الصغير فى العاشرة من عمره، وهى السنة التى اعتلى فيها العرش «فى اليوم الأول أو الثانى من الشهر الأول من فصل الإنبات أى الموافق يوم 13 نوفمبر عام 1356 ق.م (هناك خلاف بين العلماء حول اشتراكه فى الحكم). لا نعرف له زوجة قبل عام حكمه الثالث أو بداية الرابع، وظهور نفرتيتى بجواره لأول مرة كان فى مناسبة الاحتفال بعيد السد (عيد ارتقاء العرش)، وفيه مناظر للرقص على شرف الإلهة حتحتور، وذلك على أحجار معبد آتون «معبد الكرنك»، والتى يرى فيها البعض احتفال الزوجين بمناسبة زواجهما. عاش أخناتون مع زوجته نفرتيتى التى كانت فى مثل سنه تقريبا حياة سعيدة نقل الفن طرفا منها فى مناظر نادرة فنراها تارة تجلس على ركبتيه ونراه يحتضنها تارة أخرى أو يقبلها. أنجب الزوجان ستا من الأميرات، وربما ولد واحد: الأميرة الكبرى ميريت آتون المصورة كثيرا وخاصة على جدران الكرنك ثم مكت آتون والثالثة عنخ اس ان با آتون المولودة فى نهاية العام السادس وبداية العام السابع وهى آخر أميرة مذكورة على آثار طيبة والثلاث الأخريات ولدن فى العمارنة: نفر نفرو آتون تاشريت، والتى ولدت فى العام الثامن ونفر نفرو رع وشبنت رع، بين العام التاسع والثانى عشر. آخت آتون.. المدينة المقدسة بدأ تشييدها فى «نهاية العام الرابع اليوم 11 من الشهر الثالث من فصل الفيضان» الموافق يوم 22 سبتمبر عام 1352 ق.م واستقراره بها كان فى العام السابع، بعد أن عانى كثيرا فى طيبة من كهنة آمون. اختار منطقة بكرا لم يطأها إله من قبل أو بشر كذلك لتكون واحة هادئة له ولعائلته ولديانته ولأتباعه، وأقسم على ذلك: «باسم والدى آتون الحى... سوف أشيد «آخت آتون فى هذا المكان...». يعنى اسمها «أفق آتون» فلم ينو أخناتون إقامة مدينة سكنية، حيث لم يأخذ اسمها مخصص المدينة المعروف، ولكنه أراد كيانا يضم منشآت ومبانى كلها مكرسة لعبادة آتون وما يتصل بها فقد كانت بوحى من آتون، يحيط بها أربع عشرة لوحة حدودية من حجر الصوان. أصبحت هذه المدنية المقر السكنى للملك وأسرته فهناك القصر الشمالى للإقامة الليلية للملك وأسرته وعلى بعد نحو 2.5 كم قصران آخران، فى وسط المدينة على جانبى طريق ملكى ويصل بينهما كوبرى، ومن حولها نجد معابد آتون وإدارات مختلفة ومنها «مكتب الأرشيف الشهير» (أرشيف العمارنة) وفى الجنوب يوجد حى المارو آتون تقوم فيه العائلة بطقوس للإله آتون، وعثروا على بقايا مناظر جميلة فى قصر أخناتون. تبقت كذلك منازل كبيرة لكبار الموظفين وأخرى صغيرة للعمال وبهذه المدينة عثروا على بيت النحات الشهير تحوتمس والأتيليه الخاص به وما يحتويه من كنوز فنية (من بين ماعثر عليه به التمثال النصفى للملكة نفرتيتى)، وهناك مجموعتان كذلك من المقابر شمالية وجنوبية. وتبلغ مساحة المدينة نحو 240كم2: 13كم من الشمال للجنوب و19 كم من الشرق إلى الغرب، قدر العلماء أن عدد سكانها بلغ نحو 50 ألف نسمة، وهجرت المدينة بموته وفككت معابدها، واستخدمت أحجارها فى مبان أخرى. ديانة آتون «أنت تطلع ببهاء فى أفق السماء، يا آتون الحى، (يا) بداية الحياة، عندما تبزغ فى الأفق الشرقى، تملأ كل البلاد بجمالك، أنت عظيم متلألئ، وعال فوق كل بلد...» فى وقت غير محدد بين العام الأول والثانى من حكمه نادى أمنتحوتب الرابع بكينونة إلهية جديدة تسمى «رع حور آختى (رع حورس فى الأفق) فى طبيعته النورانية التى تتجسد فى قرص الشمس آتون. وفى العام الرابع اتخذ اسما يربطه بإلهه الجديد وهو «أخناتون أى (المفيد لآتون)» وترصد مقبرة الوزير رعموسى فى طيبة الانتقال من العبادة التقليدية إلى عبادة آتون، فعلى أحد جدرانها أمنحوتب الرابع الصغير وحوله أتباع الآلهة التقليدية وعلى جدار آخر بعد العام الرابع أخناتون ونفرتيتى يتعبدون لقرص الشمس آتون الذى تتدلى منه أشعة الشمس وتنتهى بأيد بشرية تمسك بعلامة الحياة، ففى هذا الوقت احتفل بعيد السد الأول بهدف الإعلان عن ذاته المقدسة ونرى القرص آتون يكتب لأول مرة داخل خرطوش. وباسم آتون نقشت أنشودة دينية رقيقة تموج بالحياة والخير والنماء عُثر عليها منقوشة على جدران مقبرة «آى» بالعمارنة فيها نجد آتون هو الذى يُسيِّر العالم ويمنح الماء والهواء والضياء وهو الكافل والحامى لكل الأحياء، فهى ثورة فكرية رقيقة صاغها بأسلوب رشيق ينبض بالبشر والتفاؤل وعبادة تتم فى طمأنينة لا يظهر مع الآلهة سوى الملك وزوجته, وبهما يكتمل الثالوث المقدس فهما الصورة البشرية لإله الشمس، ومن أجل ديانته فرض ضرائب بسيطة لكى ينفق على عبادة آتون ومعابده. رسائل العمارنة كانت البداية عام 1887 عندما عثر أحد الفلاحين على تلك اللوحات وتعرف فيها بترى على أهميتها تاريخيا. وعثر منها على 382 لوحة من الصلصال فى «مكتب الأرشيف» فى تل العمارنة، تتحدث عن المراسلات الدبلوماسية بين مصر والقوى الكبرى فى الشرق الأوسط، وهى مكتوبة بالخط المسمارى، وتعطينا معلومات عن أحداث هذه الفترة وتكشف عن العلاقة بين الفرعون وباقى الملوك، والعلاقات التى قامت على تبادل الهدايا ووجهات النظر، ومن جانبه أكد التابعون لمصر ولاءهم لها، ومما جاء بها من معلومات تلك التى تحكى زواج أمنحوتب الثالث من تادوخيبا ابنة الملك الميتانى توشراتا.