أن المسئولين فى الولاياتالمتحدة عادوا، فى الآونة الأخيرة إلى الانشغال كثيرا بموضوع تقويم العلاقات الأمريكية التركية. وربما تكون حادثة قافلة السفن التى حاولت الوصول إلى غزة أحد من العوامل المحفزة لهذا الانشغال، لكن العامل الأهم يبقى كامنا فى الوساطة التركية البرازيلية فيما يتعلق بإيران، وفى إقدام تركيا على التصويت ضد قرار مجلس الأمن الدولى القاضى بفرض حزمة ثالثة من العقوبات على إيران.وقد نما إلى علمى، خلال زيارة قمت بها مؤخرا إلى الولاياتالمتحدة، أن كبار المسئولين فى واشنطن لم يتوقعوا أن تقوم تركيا بالتصويت ضد قرار مجلس الأمن الدولى المذكور. مع ذلك، يمكن القول إن هناك كتلتين داخل الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بجوهر الموقف الذى يجب اتخاذه إزاء تركيا: الكتلة الأولى تعتقد أنه حان الوقت للتفكير فى كيفية جباية ثمن من تركيا جراء مواقفها الأخيرة، على أن تلوح أمريكا بهذا الأمر من دون مبالغة كبيرة، بل بواسطة تمرير إشارة واضحة إلى (رئيس الوزراء التركى) رجب طيب أردوغان فحواها أن هناك حدودا لصبر الولاياتالمتحدة. أما الكتلة الثانية، فإن أفرادها يعتقدون أن المواقف التركية الأخيرة جيدة لكل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل على حد سواء. ويوم الجمعة الفائت نشر باحثان أكاديميان فى جامعة برينستون مقالا فى صحيفة «نيويورك تايمز» أكدا فيه أن تركيا تتحول بالتدريج، بفضل سياستها الجديدة، إلى دولة قائدة فى الشرق الأوسط، وأنه على الرغم من هذه السياسة المتطرفة، فإنها بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة، أفضل كثيرا من إيران. من ناحية أخرى، يعتقد هذان الباحثان أن تركيا لا تقترب من إيران وإنما تحاول أن تحل محلها، وهذا يعنى أنها تشكل تهديدا لنفوذها. وعلى ما يبدو، فإن كبار المسئولين الأمريكيين يقبلون هذه الفرضية، ويرونها مريحة أكثر للرئيس باراك أوباما، ولا تستلزم خوض مواجهة حادة مع تركيا فى الوقت الحالى.